دور المرجعية الدينية الإيجابي في توجيه المواطنين في العراق
انوار داود الخفاجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تُعدُّ المرجعية الدينية في العراق أحد الأعمدة الأساسية في تشكيل الهوية الثقافية والاجتماعية والسياسية للمجتمع العراقي. فقد لعبت دورًا محوريًا على مرّ العصور في توجيه المواطنين، وتعزيز الوحدة الوطنية، وترسيخ القيم الأخلاقية والدينية. ومنذ سقوط النظام السابق عام 2003، ازدادت أهمية المرجعية الدينية بشكل كبير، حيث أصبحت تمثل صوت الحكمة والتوازن في ظل الأزمات السياسية والاجتماعية والأمنية التي شهدها العراق. يمكن تلخيص الدور الإيجابي الذي تؤديه المرجعية الدينية في العراق في عدة محاور، منها الاجتماعي، والسياسي، والإنساني.

 المحور الاجتماعي
تتمثل أبرز إسهامات المرجعية الدينية في توجيه المواطنين نحو تعزيز القيم الأخلاقية والدينية التي تُعد أساسًا لبناء مجتمع متماسك. فهي تشجع على مبادئ التسامح، والتعايش السلمي بين الطوائف والمذاهب المختلفة، وتنبذ خطاب الكراهية والتفرقة. من خلال خطب الجمعة والبيانات الرسمية، تسعى المرجعية إلى بث الوعي بين المواطنين حول أهمية الوحدة الوطنية، واحترام التنوع الثقافي والديني في البلاد.

كما تعمل المرجعية على معالجة القضايا الاجتماعية الملحة، مثل الفقر والبطالة، من خلال إطلاق المبادرات الخيرية والإنسانية التي تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية للفئات الضعيفة في المجتمع. على سبيل المثال، ساهمت المرجعية في إنشاء مؤسسات خيرية وتقديم الدعم المباشر للعوائل المتعففة، مما يعكس دورها الريادي في بناء مجتمع متضامن.

المحور السياسي
على الصعيد السياسي، لعبت المرجعية الدينية دورًا حاسمًا في توجيه العملية السياسية في العراق بعد عام 2003. فقد دعت إلى كتابة دستور يضمن حقوق جميع مكونات الشعب العراقي دون تمييز، وأكدت على ضرورة احترام سيادة القانون والمؤسسات الديمقراطية. كما كانت المرجعية صوتًا للشعب في مواجهة الفساد وسوء الإدارة، حيث طالبت مرارًا بتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تخدم مصلحة المواطنين.

إحدى أبرز محطات الدور السياسي للمرجعية كانت فتوى "الجهاد الكفائي" التي أطلقتها عام 2014 لمواجهة تنظيم "داعش"، الذي كان يهدد أمن العراق ووحدته. استجابت الجماهير لهذه الفتوى بشكل كبير، مما أدى إلى تشكيل قوات الحشد الشعبي التي لعبت دورًا رئيسيًا في تحرير الأراضي العراقية من سيطرة التنظيم الإرهابي.

المحور الإنساني
في الأزمات الإنسانية التي مر بها العراق، كانت المرجعية الدينية حاضرة بقوة لتقديم الدعم والمساندة. فقد عملت على حشد الجهود لتقديم المساعدات للنازحين والمتضررين من العمليات الإرهابية والحروب. كما شجعت على تعزيز روح التكافل بين أبناء الشعب العراقي، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو العرقية. إضافةً إلى ذلك، كانت المرجعية دائمًا داعية للسلام، حيث أكدت في خطاباتها على ضرورة نبذ العنف وحل النزاعات بطرق سلمية وحضارية. كما دعت إلى احترام حقوق الإنسان، ورفض الظلم والاستبداد.

 وفي الختام يمكن القول إن المرجعية الدينية في العراق تمثل بوصلة أخلاقية وسياسية واجتماعية للمجتمع العراقي. من خلال توجيهاتها الحكيمة ومواقفها المشرفة، ساهمت في حماية وحدة العراق، وتعزيز قيم التعايش السلمي، وتقديم الدعم للمحتاجين. وفي ظل التحديات المستمرة التي تواجه البلاد، يبقى دور المرجعية الدينية أساسيًا في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وعدالةً لجميع العراقيين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


انوار داود الخفاجي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/25



كتابة تعليق لموضوع : دور المرجعية الدينية الإيجابي في توجيه المواطنين في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net