صفحة الكاتب : رياض سعد

حادثة تمرد الفوج السادس في الانبار
رياض سعد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تداولت وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الشبكة العنكبوتية  فيديو أظهر مشاهد مصورة عن حالة من الفوضى داخل معسكر  في منطقة الكرمة في الأنبار... ؛  على خلفية رفض تطبيق قرار عسكري بنقل  الفوج السادس /  لواء المهمات الخاصة / شرطة اتحادية في قضاء الكرمة في محافظة الأنبار – وقيل : هم عناصر فوج حماية النائب السابق محمد الحلبوسي - ؛ و الذي يضم 386 مقاتلاً ؛ اذ تعمل وزارة الداخلية على اقامة الدورات التدريبية وبشكل دوري ومستمر ؛ وذلك لتعزيز قواتها من مختلف الافواج , و اوعزت الوزارة بالتحاق هذا الفوج بإحدى الدورات التدريبية في التاجي ؛ وقد التحق قسم من عناصر الفوج بالدورات، بينما امتنع القسم الآخر عن الالتحاق ؛ ورفضوا تنفيذ القرار , ثم حدثت مشاجرة بين عناصر الفوج المذكور وقوة أمنية قادمة من بغداد لتطبيق قرار الوزارة , وقامت العناصر المسيئة – وعددهم 15 منتسب – من الفوج بإطلاق العيارات النارية وعمت الفوضى في المقر , وتعالت اصوات هؤلاء بالصراخ والعويل كالنساء , وخرجت من بعضهم كلمات نابية والفاظ فاحشة تخدش الحياء العام  ولا تليق بالجندي والمنتسب للقوات المسلحة العراقية فضلا عن الاتهامات والافتراءات والادعاءات من قبيل : (( ك ..امهاتهم .. ولد الكذا .. لا تلتحقون بالدورة احن مبيوعين .. اجوي علينه عصابات .. شباب ارموا عليهم ... الخ )) وكلها عبارات تحريضية ومعادية للحكومة والاجهزة الامنية الوطنية , وتدعو للعصيان والتمرد وعدم تنفيذ الاوامر العسكرية الصادرة من الجهات العليا ؛ ولاحظ المواطنون والمتابعون انهم لا يتمتعون باللياقة البدنية والرياضية , وكأنهم عجزة او معاقين او اشبه ب (  تنابلة السلطان )  اذ اعتاد البعض من حماية المسؤولين على الولائم والمطابخ والمطاعم و( الخده والخدر ) الكسل والفتور .

من الواضح ان وجود الجبناء داخل التشكيلات الامنية والوحدات العسكرية يشكل خطرا كبيرا على أمن الدولة , وكذلك الاشخاص الذين يثبطون عزائم الجنود وهمم القادة ويستكثرون النصر على القوات المسلحة , ويشيعون روح الهزيمة و الهروب من المعارك المصيرية والواجبات الامنية , ويعملون على  إضعاف الهمم، وزيادة التشكيك والتخويف بين العناصر الامنية والعسكرية فضلا بقية المواطنين ؛ وهذه الصفة الذميمة موجودة  في كل زمان ومكان،  فهنالك صف القاعدين والمثبطين ، وقد عُرف بهذه الصفة السلبية  المنافقون، فمن علامة النفاق : التثبيط عن الأعمال الجادة التي فيها نفع للمسلمين، والسخرية من العاملين والمجاهدين وأذيتهم والتقليل من مكانتهم وانجازاتهم وبطولاتهم ... ؛ ففي غزوة تبوك أشاع المنافقون  الأراجيف وبثوا الدعايات ؛  و وخاطبوا المسلمين : بأنكم لن تستطيعوا على قتال بني الأصفر  ، إنما ذاك جلاد العرب بعضهم بعضاً، وأما جهاد الروم فشيء آخر مختلف تماما ، وبدؤوا يكبرون ويضخمون الأمور، ثم بدؤوا يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات، بل حاولوا قتل النبي محمد , وجاءوا يحلفون الكذب،  وقال كتاب القران الكريم عنهم : ﴿ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ * رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴾  فهذه سمات المنافقين : الهروب من المعارك والفرار من الزحف و كثرة التشاؤم والتثبيط، وعدم التفاؤل، وعدم تشجيع العاملين والمجاهدين والمقاتلين .

لذلك عمد القادة الشجعان على التخلص من الجنود الجبناء والخونة والضعفاء  اولا قبل خوض المعارك مع الاعداء , فالدمار والخسائر التي يسببها الجبناء والعملاء والدخلاء  كبيرة وكثيرة وفادحة , فالجبان لا يهتم لكرامته ولا يعبأ برجولته ولا يهمه أمر شعبه و وطنه وامته وبني جلدته , فهو شخص اناني رخيص , ضعيف الشخصية , عديم الشرف , مثير للقرف والاشمئزاز .

وكالعادة تفاعلت الجماهير مع هذه الحادثة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام , وحذرت الجماهير من مغبة تكرار هذه الحوادث التي تسيء الى سمعة العراق والاجهزة الامنية والقوات المسلحة , وقالت ان هؤلاء لا يؤتمنون على حماية الوطن وتأمين حدوده  , وامثالهم من سلم المحافظات العراقية للإرهاب عام 2014 , وهربوا امام جحافل الاعداء المجرمين , وحذروا من ظاهرة تصوير الوحدات العسكرية والاحداث الامنية ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام , و اشار البعض الى عدم عفوية هذا العصيان والتمرد , اذ ربطه بما يحدث في المنطقة وبالتحديات الداخلية والخارجية والاخطار المحدقة بالعراق , وقال اغلب المعلقين والمغردين والمدونين في ( السوشيال ميديا ) : ان شباب الجنوب والوسط الابطال والغيارى يعانون من البطالة ويطالبون بفرص التعيين في وزارتي الدفاع والداخلية للدفاع عن الوطن ؛ بينما يهرب هؤلاء من اداء الواجبات وتنفيذ الاوامر العسكرية , ولا يحمدون الله على نعمة التعيين في تلك الوظائف ... ؛ واضافوا : ان هؤلاء عندما يتعرض العراق للخطر يهربون كالعادة , كي نتطوع نحن للدفاع عن الوطن كما فعلناه عام 2014 , ونقاتل الاعداء من دون راتب او رعاية حكومية , بل ونحارب ونستبعد بعد زوال الخطر واندحار الاعداء ...!!

بينما جاءت ردود فعل ابناء الفئة الهجينة والطائفة السنية الكريمة كالمعتاد , معارضة لكل اجراءات وقرارات الحكومة , ومشككة فيها , اذ قال البعض : ان نقل هذا الفوج الى هذه الدورات التدريبية مؤامرة ضد ابناء السنة ولإحداث الفتنة في الانبار ...؛ وهنالك افواج كثيرة لماذا تركوا كل تلك الافواج وجاؤا الى هذا الفوج ؛ واعتبروا امر النقل والتدريب تجارة بأرواح عناصر الفوج ومؤامرة طائفية ضدهم  ...؟!

وكل هذه التبريرات لا اساس لها من الصحة , وقد بينا في مقالتنا السابقة ( علاقة الاقليات بالأغلبية العراقية .. الاسباب التداعيات المعالجات ) اسباب استمرار هذه التمردات والتحركات المشبوهة والادعاءات والافتراءات , فهذه الذرائع لا تستطيع اصلاح هذا الخلل الخطير والاستهتار الفاضح والواضح للعيان والذي يسيء لسمعة العراق والجندي العراقي ويعرض امن الوطن للخطر , ومن الاسباب المهمة والتي ادت الى هذه الظاهرة الخطيرة واشباهها , المحاصصة السياسية والطائفية والمناطقية والتي تدفع بالعناصر السيئة احيانا الى الحكومة بحجة حصة المكون السني او الكردي او غيرهما , فضلا عن المحسوبيات والتعيين بواسطة الرشى والتوصيات الحزبية والخارجية ؛ واعادة الهاربين من ابناء المحافظات والمناطق السنية ؛ الذين هربوا من الجيش والشرطة وسلموا اسلحتهم عام 2014 ؛ واعتبار البعض ان اداء الواجب العسكري والامني مجرد وظيفة ومهنة للارتزاق وليست عقيدة وحسا وطنيا و واجبا مقدسا .

وطالبت النخب الوطنية الغيورة والشخصيات العراقية المحترمة ؛ بمنع اي عصيان او تمرد لاسيما في هذه الظروف السياسية الدولية والاقليمية , وانزال اقسى العقوبات القانونية بحق هذه العناصر المسيئة , ومحاسبة كل من يروج ويدعم المتمردين والارهابيين والمخربين والطائفيين عبر الاعلام و وسائل التواصل الاجتماعي ؛ والكشف عن تلك التحقيقيات والعقوبات وعرضها امام الرأي العام .

وقد استجابت وزارة الداخلية للمطالب الشعبية والنخبوية ؛ اذ وجه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، بالتحقيق الفوري , و باتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة والحازمة , كما وجه سيادته قائد قوات الشرطة الاتحادية بالتواجد الميداني في محل الحادث ومعرفة ملابساته , واسفرت التحقيقات عن اصدار احكام بحق 15 عنصر متمرد , وتم إلقاء القبض على 12 منهم، بينما لا يزال 3 منهم هاربين حتى الآن ؛ وطردوا من الخدمة , وتم هيكلة الفوج السادس بالكامل وتوزيعه على أفواج مختلفة من قوات الشرطة الاتحادية .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رياض سعد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/19



كتابة تعليق لموضوع : حادثة تمرد الفوج السادس في الانبار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net