اتساع التضامن الشعبي مع قضية اللاجئين السوريين وترحيب بـ”تعديل الموقف الحكومي”
ليث محمد رضا
بغداد – ليث محمد رضا _
الضغوط الشعبية للعراقيين المطالبين باستقبال اللاجئين واتخاذ موقف إنساني إزاء الشعب السوري بعيدا عن أطراف الصراع، تكلفت بإجبار الحكومة على التراجع، عن رفض استقبال السوريين الهاربين من الموت في بلادهم، بعد أن وصلت تلك الضغوط لحد الاستعداد لتظاهرة عارمة من قبل الحركات الطلابية والشبابية العراقية التي توعدت بإطلاقها في “جمعة رد الجميل”، ما اضطر رئيس الوزراء نوري المالكي أن يستجيب ويتصل هاتفيا بمحافظ الأنبار، موعزا له باستقبال النازحين السوريين ومساعدتهم وتقديم الخدمات لهم، كما وجه الجيش وقوات حرس الحدود وأجهزة الدولة المختلفة إلى الإسراع في تهيئة متطلبات استقبال اللاجئين السوريين، وبدئت المعابر الحدودية باستقبال اللاجئين السوريين. .
شخصيات إعلامية وشعبية اعتبرت إن تأمين اللجوء الإنساني ومتطلبات الإغاثة لأهل سوريا النازحين باتجاه العراق، فرصة لكسر الحواجز الطائفية وتوطيد مستقبل العلاقة بين الشعبين الشقيقين، ولوضع حد لمأساتهم الإنسانية مع إجهاض لعبة طائفية يراد للعراق أن يكون طرفا فيها.
مبادرة لزيارة المخيمات
وأطلق الصحفي علي عبد السادة مبادرة سرعان ما لاقت استجابة واسعة في الوسط الصحفي والثقافي حيث نصت على أن ينظم مثقفون وصحفيون ونشطاء مدنيون عراقيون حملة وطنية لزيارة المخيمات التي يسكنها اللاجئين السوريين للترحيب بهم، والتضامن ومعهم، والتأكد من انهم يتمتعون فعلا بوضع انساني لائق، مع وصول أول وجبة من اللاجئين السوريين.
وأكد عبد السادة أن المبادرة لا تحمل طابعاً سياسياً، ولا يجب ان تحمل فوق وصفها الإنساني
ولفت عبد السادة إلى أن مبادرة زملاءه تأتي بعد موقف غير سليم، وغير منطقي للحكومة العراقية، التي اضطرت العدول عنه بعد ضغط المجتمع المدني ونخبة من المثقفين في العراق.
وتوقع عبد السادة مواجهة صعوبات على صعيد إستحصال الموافقات الأمنية للوصول إلى المخيمات.
ضغط شعبي إعلامي
من جانبه بين الإعلامي عادل فاخر أن “الحكومة العراقية تراجعت عن قرارها السابق في رفض استقبال اللاجئين السوريين كان بفعل الضغوط الشعبية والإعلامية، وقرارها الاخير باستقبالهم كان عين الصواب، سيما وإن الشعب السوري يعيش في محنة وهو شعب مسالم محب للسلام”.
وبين فاخر أن “العراقيون هم الأكثر إدراكا من غيرهم من الشعوب العربية، بما يجري في سوريا، بعدما عاشوا نفس الظروف السيئة، من تسلط الجماعات المسلحة، وما يقوم به النظام المستبد من اعتقالات عشوائية، فهم بين نارين ولا مناص لهم غير الهروب، وهم لايملكون حتى مقومات الدفاع عن أنفسهم، خصوصا النساء والاطفال وكبار السن والمعاقين.
وناشد فاخر الحكومة العراقية بان تولي اهتماما اكبر بموضوع اللاجئين السوريين وتوفير كل مايمكنها من تقديم المعونات الإنسانية لهم، لحين انجلاء الموقف، واستقرار الوضع في سوريا، ولنتعامل معهم كضيوف إجلاء، ونتقاسم معهم الماء والرغيف
بيوت العراقيين مفتوحة
وقال الصحفي عطيل الجفال وهو ينظم حملة للتشجيع على استقبال اللاجئين السوريين عبر الفيسبوك لقد انطلقت بدعوتي من منطلق انساني ومن الأواصر التي تربطنا كعراقيين مع اشقائنا السوريين، و كمحاولة لرد الجميل لهذا الشعب الشقيق الرائع الذي مسح عن اعيننا دموع الغربة وقاسمنا رغيف الخبز.
ومضى الجفال بالقول “بيوتنا وقلوبنا كعراقيين مشرعةً أمام كل السوريين بمختلف اديانهم وطوائفهم فهم سوريون أولاً وأخيراً، كما نحن عراقيون أولاً وأخيراً”.
وتابع الجفال إن العلاقة بين الشعبين السوري والعراقي أعمق من أن تمثلها هذه المحنة، فهي علاقة قديمة قدم التاريخ، و هي تعبير عن إنسانيتنا كعراقيين، وهي تعبير عن حسّنا المدني وعن علاقتنا كشعب بشعوب المنطقة ولاسيما السوري.
روابط الشعبين
وقال الناشط السياسي فوزي بريسم أن “موقف العراق يجب ان يكون سباق لكل دول الجوار لاعتبارات كثيرة في مقدمتها ما يربط شعبينا الشقيقين وما قدمه الشعب السوري سابقا لكثيرين من المعارضة العراقية في حمايتهم واحتضانهم وتقديم الدعم الكامل لهم والذين أصبحوا اليوم في الخط الأول للدولة العراقية، و كان الاجدر بهم تذكر ذلك قبل غيرهم من العراقيين وكذلك ما قدمه الشعب السوري قي محنة العراقيين خلال سني الحرب والاحتلال عامي 2006و 2007واكثر من 3ملايين عراقي في استضافتهم وحمايتهم ومشاركتهم العراقيين في المدارس والجامعات والخدمات الصحية وغيرها كثير من الخدمات الحياتية.
ودعى بريسم إلى رد الجميل للشعب السوري في محنته، مشيراً لكون القرار السابق للحكومة السورية محل استغراب وانزعاج من الكثير من العراقيين في مقدمتهم الاعلاميين والادباء والكتاب وغيرهم من العشائر العراقية وما عملوا به من ضغوطات واحتجاجات كان له الدور الكبير في تصليح موقف الحكومة السابق الغير مقبول للشهامة والنخوة العراقية المعروفة رغم كل التفسيرات الغير منطقية التي اتحفنا بها الناطق باسم الحكومة علي الدباغ لوسائل الاعلام.
وتابع بريسم ان “اخواننا السوريين في محنتهم الحالية وما يتحملوه من الوسائل الوحشية والاجرامية التي يستخدمها النظام الفاشي المجرم يذكرنا بما اصابنا من ويلات شقيقه النظام المباد السابق وما كنا نعانيه من ويلات الظلم والجور والحروب العبثية التي نعاني من ويلاتها لحد يومنا هذا.
روح التضامن
الناشط السياسي الدكتور حامد مهدي أعتبر في مقابلة مع أن “مساعدة الشعب السوري في محنته فرصة لإثبات روح التضامن الحقيقي لإعادة بناء العلاقات على الثقة التي تجهض المشاريع الطائفية وفق فهم المصير المشترك وهذا يتأتى فقط في أوقات الشدة والوقوف الموقف الشجاع والتاريخي إلى جانب الشعب وليس النظام الذي أوشك على الانهيار”.
وأضاف مهدي وهو أستاذ جامعي أن “العلاقة بين الشعوب وبالأخص المتجاورة هي الأهم، لأنها الدائمة على عكس العلاقات المتغيرة والمتقلبة بين الأنظمة”، مبيناً أن “الشعوب هي الباقية والمستمرة والموقف الانساني هو الذي يسجله التأريخ ويبقى في الذاكرة الجمعية، أما المواقف من أطراف النزاع فهي متغيرة تبعا لموازين القوى”