صفحة الكاتب : رياض سعد

الفرق بين الاصلاء وبين اشباه الحرباء
رياض سعد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

للإنسان الاصيل سمات تميزه عن غيره ؛ وصفات يعرف بها , والاصالة ها هنا نعني بها شخصية المرء وتربيته واخلاقه ومبادئه ؛ وبغض النظر عن لونه او عرقه او لغته او ديانته ؛ فالناس متساوون مثل أسنان المشط من وجهة النظر الدينية والإنسانية ، لكن الواقع يثبت الاختلاف والتباين في الطبائع والسمات الشخصية ، حيث تجد الإنسان الأصيل صادقا شجاعا واعيا محترما ؛ بينما تجد المزيف والمتلون نرجسيا مصلحيا كذابا مراوغا ماكرا منعدم المرؤة والحمية وفاقد للغيرة والشرف ؛ لذا تجدهم يسارعون الى ظلم الناس واذلال الاتباع والكذب عليهم وتهميشهم والتغرير بهم بمجرد استلامهم المناصب وتبوؤهم للكراسي والمسؤوليات العامة ؛ ولعل تصرفاتهم هذه ناشئة من عقد النقص والدونية او بسبب المكر والخبث واللؤم الدفين ... ؛ فالشخص الاصيل أصيل في كل تصرفاته وتعاملاته مع الغير ، اذ تجد اقواله متوافقة مع افعاله , وشعاراته تنسجم مع حركاته , وخريطة فعالياته ونشاطاته تنبئك عن عقائده وافكاره ؛ وهذه السمات تجدها في الاغلبية من العراقيين الاصلاء واتباع الامام علي ؛ الا ان الجسم السليم يفرز فضلات ؛ كذلك الطائفة الشيعية الكريمة افرزت البعض من الدونية والمخانيث والمنبطحين والمتلونين والمنافقين والكذابين والدجالين والمنكوسين ؛ وهؤلاء الشراذم يتسمون بالنفاق والخداع والكذب ؛ ويعد الكذب والتلون بالنسبة لهم أمرا عاديا , والتقلب وتغيير المواقف والعلاقات - كالعاهرة التي تنتقل من حضن الى اخر - ؛ سلوكا طبيعيا ؛ بينما كانوا بالأمس القريب يعيرون اغلبية الساسة من بقية الطوائف والقوميات العراقية والعربية وغيرها لاتصافهم بهذه الصفة الذميمة .

لقد كان الرجل الشيعي عموما والعراقي الأصيل خصوصا مثالاً للتحدي والمبدئية والنزاهة والصراحة والطيبة ومعارضة الظالمين ومقارعة المجرمين والارهابيين وبغض وشنان الفاسدين والجلادين ؛ فكان اذا خاصم لم يسب او يشتم او يعير , واذا عارض وقاتل لا يمارس الرذيلة والخديعة بحجة الغاية تبرر الوسيلة , ولم يلحق هاربا او يجهز على جريحا او يضرب امرأة او صبيا , واذا عاهد لم يخلف وعده , واذا حدث لم يكذب وان كلفه الصدق حياته ؛ ومهما تعرض لشتى الضغوط والظروف لا يخرج عن طور أصالته العريقة ... الخ ؛ ولعل هذه السمات هي التي أدت الى الخسائر الفادحة بالأرواح والممتلكات التي اصيبوا بها ؛ جراء معارضتهم للحكومات الظالمة والحركات الاجرامية والقوى الدولية ؛ والتي اخرجتهم من اللعبة السياسية ولعقود طويلة جدا .

الا ان العراق كسائر البلدان العالمية والطائفة الشيعية الكريمة لا تختلف عن بقية الطوائف والمذاهب والفرق الدينية ؛ فالإنسان هو الانسان في كل مكان وزمان , ولكل قاعدة شواذ , فكل الشعوب فيها الصالح والطالح والصادق والكاذب والمبدئي والمتلون ، اذ لا يوجد مجتمع خال من العيوب , او جماعة او طائفة تخلو من الفاسدين والمنافقين والكاذبين والظالمين .

وقد ابتلى العراق والطائفة الشيعية الكريمة ببعض الامعات والشخصيات التي تغير جلودها كالحرباء بين الفينة والاخرى , وتبدل مواقفها بين ليلة وضحاها , و تُبطل‌ ادعاءاتها بنفسها ؛ فما يتفاخرون به بالأمس يتبرؤون منه اليوم , وما يؤيدوه في السابق ينقلبوا عليه في الوقت الحاضر ؛ وهكذا عندما تتابعهم وتلاحظ تحركاتهم ؛ ستجد بونا شاسعا بين اقوالهم وافعالهم وبين شعاراتهم وادعاءاتهم وبين سلوكهم البعيد كل البعد عن الاصالة وما يدعون .

واغلب الذين حكموا العراق او من الذين تصدروا المشهد الديني والاجتماعي ومنذ العام 1920 والى الان ؛ إما مزيفون أو خليط بين الاصالة والزيف ... ؛ فهؤلاء المرضى يلبسون أقنعه تتغير مع كل موقف، أو قناعا واحدا يناسب كل المواقف... ؛ فالشخصيات المزيفة تتغير بتغير المناصب والاحوال وتدور مع الكرسي حيثما دار ؛ أما الشخصيات الأصيلة فهي التي تبقى ثابتة على المبادئ والقيم ؛ ولا تغيرها مجريات الاحداث ولا تغيرها المناصب والامتيازات .

ومهما حاول الشخص المزيف اخفاء حقيقته ؛ كشف امره ولو بعد حين ؛ فالزمن والوقت كفيل بتسليط الاضواء على تناقضاته وتقلباته وتلونه ؛ وابتعاده عن ما يدعي الايمان به , وما يرفعه من شعارات .

وهؤلاء يتعاملون مع جماهير الاغلبية وعوام الطائفة بفوقية واستخفاف ولامبالاة ونرجسية , وهم لا يأبهوا لشؤونهم ومشاكلهم ولا يهتموا بمشاعرهم واحلامهم , انما يحرصوا على انفسهم وعوائلهم وامتيازاتهم الخاصة فحسب , ويستحوذوا على كل شيء باسم الوطن والطائفة , ويعرضوا اتباعهم للخطر والفقر والضرر - فالأصيل يؤتمن في عداوته اما قليل الاصل لا يؤتمن حتى في صداقته وزعامته - , ويعشقوا الاستعراضات والتحدث بالخرافات والغيبيات والعنتريات , والظهور في كل مناسبة علنية أو إعلامية , وليتهم التزموا الصدق او المبدئية او اكرمونا بصمتهم ؛ ففي كل حديث تبان لهم عورة وفي كل لقاء تكشف لهم مثلبة ...!!

وهذه الظاهرة التي ذكرناه انفا ؛ لا علاقة لها بالتحديات الخارجية السياسية وضرورة التماهي معها , او تغير ردة فعل السياسي تبعا لتغير الظروف الدولية والاحوال المحلية وبما يرجع بالنفع العام ؛ او التكيف مع الضغوط والازمات , او بتغيير الانتماءات والقناعات النابعة من البحث والحوار والتأمل ؛ فهذا أمر وتلك الظاهرة امر مختلف تماما ؛ اذ لابد للإنسان المحترم فضلا عن القائد المحلي والسياسي الوطني من العمل والتحرك وفقا للرؤية العقائدية والسياسية والثقافية التي يؤمن بها ؛ فلست مجبرا على ان تصرح بكل مناسبة , او ان تدلي برأيك الصريح امام كل احد , او ان يسيل لعابك وتضعف شخصيتك امام هذا الاعلامي او تلك الاعلامية لاسيما ان كانت لك مندوحة من الامر ؛ بما يوقعك بالتهافت والتناقضات , بحيث تظهر امام الجماهير والمتابعين بمظهر الضعيف المهزوز او المنافق المتلون او المصلحي النفعي ... ؛ وطالما شاهدنا ساسة الغرب الذين لا يجيبون عن كل الاسئلة الصحفية ويكتفون بعبارة ( لا تعليق ) او أولئك الساسة الذين لا يجاملون الاخرين على حساب مصالح بلادهم العليا ولا يأبهوا لانتقادات المخالفين ؛ اذ يصرحون بآرائهم من دون لف ودوان , وعندما تفشل سياساتهم او لا تصيب توقعاتهم او عندما يرتكبون الاخطاء ؛ يعترفون بالخطأ ويعتذرون للشعب وعلى رؤوس الاشهاد .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رياض سعد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/10



كتابة تعليق لموضوع : الفرق بين الاصلاء وبين اشباه الحرباء
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net