صفحة الكاتب : رياض سعد

حروب هزلية بأدوار كوميدية ونتائج كارثية ؟!
رياض سعد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منذ استقلال الدول العربية الشكلي , وخروج الاستعمار من الباب ؛ ليدخل الينا من الشباك مرة اخرى , لم تحصل تلك الدول على اسلحة متطورة تتماهى مع الاسلحة الموجودة لدى الاعداء من قوى الاستكبار والاستعمار , او الدول المعادية من العالم الثالث الا بحالات محددة واستثنائية وتحت سيطرة واشراف الدول الكبرى ؛ اذ استوردت تلك الحكومات فضلا عن قوى المعارضة مختلف الاسلحة (الخردة) والمستعملة والرديئة والذخيرة الفاسدة او غير الجيدة , بل ان البعض منها يعود للحرب العالمية الاولى والثانية , تارة بصفقات مجحفة واخرى عن طريق السوق السوداء والمافيات الدولية ؛ وضربت القوى الدولية والانظمة الغربية أكثر من عصفور وبحجر واحد ؛ اذ تخلصت من الاسلحة العتيقة والتي قد تتسبب بأضرار بيئية , وتدفقت تريليونات الدولارات إلى شركات السلاح والمافيات والانظمة الاستكبارية والحكومات الاستعمارية , وحجمت من قدرة تلك الدول على المواجهة والمقاومة ومقارعة الاعداء ؛ ومن الدلائل على ما ذهبنا اليه : حروب الدول العربية وحركات المقاومة مع اسرائيل وطوال 70 عاما تقريبا .

وعندما زودت شاه ايران بأسلحة متطورة نوعا ما , وقامت بتجهيز العراق بأسلحة مماثلة الا انها لا تصل الى مستوى فاعلية الاسلحة الشرقية الفتاكة او الغربية المتطورة وقتذاك , زجت بهما معا بحرب طاحنة استمرت 8 سنوات , بحيث تحولت تلك الاسلحة الى اليات متهالكة , ومع ذلك تم القضاء عليها فيما بعد من خلال حرب الخليج الثانية عام 1991 والثالثة 2003 ؛ بحيث لم يتبقى من تلك الترسانة والذخيرة سوى (السكراب ) والخراب والديناميت ؛ ولعل صفقة الطائرات الامريكية الى العراق والزام العراق بالشروط التعجيزية فيما يخص الصفقة ؛ ففضلا عن المبالغ الطائلة لا يسمح للعراق باستخدام الطائرات الا بموافقة أمريكية بالإضافة الى التحكم بذخيرة الطائرات وصيانتها ... الخ ؛ دليل دامغ اخر على ما ذكرناه انفا ؛ ولا اجد مثلا ينطبق على ما نحن فيه اكثر من المثل الشعبي القائل : (( اسمك بالحصاد ومنجلك مكسور ))  .

وقد قبلت الانظمة العربية وكذلك فلول المعارضين والمتمردين بهذه الاسلحة المستعملة والرديئة والتي تعتبر من فضلات الدول المتقدمة وفتات الحروب العالمية وغيرها ؛ لاسيما وانها تؤدي الغرض فيما اذا تعلق الامر بقمع انتفاضات الشعوب وثورات الجماهير والمكونات المحلية , او اذا انحصر الامر في اندلاع الحرب بين دولتين متخلفتين او جارتين وتنتميان الى نفس الديانة او القومية ؛ الا ان دول الاستكبار والاستعمار لم تقبل بذلك فيما بعد , وكما قال المثل الشعبي : (( رضيت بالضيم والضيم ما رضه بيه )) بحيث اوصلت الجيوش العربية والافريقية وغيرها فضلا عن حركات التحرر والمقاومة وفصائل التمرد والمعارضة الى حالة يرثى لها بل تثير الضحك والسخرية ؛ اذ جار الزمان وجار , حتى رأينا الجنود وعناصر المعارضة وهم جياع وملابسهم رثة وتجهيزاتهم بائسة او اعتيادية ؛ بل الادهى والامر ان الارهابيين احيانا يتفقون على الجيش ببعض المميزات العسكرية والامنية واللوجستية , وراح البعض من الجنود يتسولون اجرة الذهاب الى الوحدات العسكرية , بينما يعتاش الضباط على الرشوة والسرقة والفساد والصفقات المشبوهة والاعمال غير القانونية والتي قد تهدد الامن الاقتصادي والعسكري للبلد احيانا , ناهيك عن العمالة والخيانة واختراق الكل من قبل الكل ؛ اذ اضحى الجميع مخترقين من قبل الاعداء والاصدقاء على حد سواء , و صار اغلب العناصر المسلحة من الجيش والمعارضة وغيرهما من الاشخاص الذين يفتقرون للياقة البدنية والحس الامني والتدريب العسكري العالي ؛ اذ اصبحنا نشاهد الجنرالات وقد تدلت بطونهم وبرزت كروشهم وتعثرت خطواتهم , فضلا عن الجنود والعناصر المسلحة التي تعلو وجوههم الغبرة ويظهر عليهم التعب والانهاك والبؤس والاضطراب .

وما عشت اراك الدهر عجبا ؛ فقد كان يتبادر الى اذهاننا عندما نسمع بالانقلابات او سقوط المدن والاجتياحات واندلاع الحروب والمعارك والمواجهات ؛ اصوات الراجمات والطائرات وجلبة المدرعات والدبابات ودوي القنابل والمدافع والجيوش الجرارة والجحافل العظيمة ؛ اما الان نحن نفاجأ  بسقوط الدول والانظمة بأيادي شراذم الافاق وشذاذ الناس من اصحاب اللحى الوسخة والتصرفات الشاذة والسلوكيات المضطربة والملابس الرثة والاجساد العفنة ؛ وهم يهللون كالنساء ويصفقون ويرقصون كالصبيان  ويكبرون كالمجانين ويلتقون الصور كمشاهير الاعلام والسينما , ويدخلون المدن بسيارات الحمل ( بيك اب والكيا وغيرهما ) فبعد ان كانت تلك السيارات تستخدم لبيع الرقي والخضراوات ومكانها الطبيعي في ( العلوة والشورجة ) اضحت معدات حربية واليات عسكرية ؛ بمجرد وضع المدفع الرشاش فوقها (تحوير ) , وجل المعارك الان  تجري بالرشاش الكلاشنكوف وغيره والقاذفات المحمولة والطائرات المسيرة والشبيهة بتلك التي تصور مناسبات الاعراس والمآتم ؛ حتى الصواريخ التي تستخدم في تلك المعارك اشبه بالأنابيب الحديدة ( البواري) المستخدم في صناعة السخانات , اذ لو اطلقت مئة صاروخ منها لما قتلت عشرة افراد من الاعداء ؛ وعندما نقارن بين هذه المشاهد البائسة والمضحكة لهذه السيناريوهات والمسرحيات وبين اسلحة الدول المتطورة والجيوش العالمية القوية , نصاب بالإحباط ونشعر بأننا نعيش في حقبة زمنية لا تربطها بالقرن الواحد والعشرين اية صلة . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رياض سعد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/12/07



كتابة تعليق لموضوع : حروب هزلية بأدوار كوميدية ونتائج كارثية ؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net