صفحة الكاتب : سوسن عبدالله

أكبر من الحنين
سوسن عبدالله

  يبدو أنه لا يستطيع النوم، منذ أول يوم التحق بنا لم نره نائما، وأن نام سرعان ما ينهض مرعوبا يصرخ بكلمات غير مفهومة. 
 هو ابن القرى المغتصبة، التحق بنا ليحرر أرضه المحتلة من قبل الدواعش، لذلك نجده يقاتل بحماس. 
يسأل دائما بشغف متى موعد الهجوم؟ هل سنترك الدواعش يسرحون ويمرحون؟ هل نترك أهلنا رهائن تحت رحمتهم؟ 
كنا نهدئه ونتعاطف معه، الميزة الغريبة في المقاتل عزيز ابن الحاج سناء، إنه لا يتكلم عن ديرته وعن ناسه، وإذا ذكرنا أحوالهم بكى، الحالة تحتاج لتعايش طويل معه لنعرف أسرار هذا الصمت المريع الذي بداخله 
 ينظر بصمت إلى سماء قريته المحتلة وكأنه يريد أن يسقيها بدموع العين، كنت أحاول أن أستدرجه للبوح، أسأله أحيانا بأسلوب عابر، لعلني أفتح هذا الصندوق المقفل في صدره، صرنا لا نمتلك إلا التخمينات عن وضعه النفسي وخاصة بعد إن رأينا جسده الذي بدأ يتضاءل 
نشعر بقسوة الحزن عليه ندرك أن هذا الحزن ليس ساذجا، وإنما قسوة الشعور التي يحملها عن نفسه وفورة الغضب عندما يحين موعد الهجوم. 
لا يفكر يوما بإجازة أو استراحة أو حتى مرض، في كل الأحوال هو حاضر وينتظر 
تشعر باعتزاز حين ترى إنسانا فردا يحمل حزن مدينة ومأساة ناسها 
حين نذكر الأهل يبكي، سألته هل أنت خائف كان صمته أبلغ جواب يرفض الحديث عن الخوف 
حيرتني يا صديقي ما الذي حملك ألما بهذا الحجم، همس لي بكلمة جعلنا نفكر بها لليل نهار، صعب أن تعيش مع إنسان يعاني وأنت تجهل معاناته كي تساعده وتكون له خير معين: 
ـ أنتم تفكرون بالهجوم وأنا أفكر بما بعده، وما بعد الهجوم إلا النصر أو الشهادة، أشعر بأن ما يعتمل في صدر عزيز أكبر من الحنين إلى الأهل والبيت والناس، نظر إلي بعين دامعة وسألني: 
ـ كيف سأقابل أهل مديني، كيف سأنظر لناسها، كيف سأنظر إلى الأمهات المثكلات؟  
ما القضية يا عزيز، الناس تقابل المحررين بالأحضان، حين بكى وقال إلا أنا، أنا عزيز ابن الحاج سناء، هكذا ينادون الناس اسم أبي الحاج رغم أنه لم يحج يوما، لقد باعنا وباع سمعتنا وناسنا إلى الدواعش فجعلوه أميرا عليهم، لقد خان القرى والناس، اعترضنا عليه أنا وأخوتي قابلنا مصير الموت، فقتل أخي بدم بارد، هربت والناس تستغرب وجودي بينهم كل اسمي هو ابن الأمير سناء. 
ألفوا أخيرا وجودي وفهموا قضيتي، يا إلهي كيف يفكر أبي؟ 
هل يعقل من يقتل هذه الناس ويهجرها من ديارها يدخل الجنة، أفكر ماذا لو واجهته في الميدان؟ هل أبتعد عنه؟ 
 أم أقتله؟ أنا أفكر كيف سأقابل أمهات الشهداء، واليتامى ضحايا جرم أبي، القضية الاكبر كيف سأقابل الشهداء؟


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سوسن عبدالله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2024/11/20



كتابة تعليق لموضوع : أكبر من الحنين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net