برعاية رئاسية وحضور متنوع السليمانية تحتضن دائرة المعارف الحسينية
المركز الحسيني للدراسات- السليمانية
عبرت النخب العراقية في إقليم كردستان العراق من ساسة وعلماء دين وأساتذة جامعات وأدباء وممثلي حركات سياسية وحزبية عن أهمية اللقاءات والندوات والمهرجانات الساعية الى توحيد الرؤية تجاه القضايا الإسلامية والإنسانية بما فيها خدمة العراق بخاصة والبشرية بعامة.
جاء ذلك في الندوة الثقافية الحوارية التي عقدت في قاعة الفن (هونر) بوسط مدينة السليمانية يوم الحادي عشر من شهر تموز يوليو 2012م ورعاها الدكتور أحمد سيد محمد البرزنجي مستشار رئيس الجمهورية العراقية السيد جلال الطالباني للشؤون الدينية والقانونية.
وقال الدكتور البرزنجي في الندوة التي أقيمت تحت شعار "السليمانية ملتقى الثقافات تحتضن يتيمة الموسوعات المعرفية" وهو يشير إلى دائرة المعارف الحسينية: (إننا بكر فخر واعتزاز نرحب بمثل هذه الجهود الثقافية والفكرية وبكل احترام نثمِّن الخدمات الجليلة التي يقدمها سماحة الشيخ الكرباسي أو قدمها كل مؤمن برسالة جد الإمام الحسين تلك الرسالة المحمدية الكريمة السمحة التي أصبحت مظلة أمان وأمن لكل مسلم في الدنيا والدين التي روى شجرتها المباركة الإمام الحسين عليه السلام بدمه الزكي حيث أصبح الحسين مثال التضحية والفداء وصار المثل الأعلى لكل مسلم رفض الذل والضيم ويعشق العدل والإنصاف والحرية والإنعتاق).
وعبر الدكتور البرزنجي مساعد الأمين العام للاتحاد الوطني الكوردستاني عن قناعته بأن نهضة الحسين(ع) استطاعت أن تميز بين الحق والباطل، وأنَّ: (من أجلِّ نعم الله تعالى على البشرية في هذا العصر هو خلاص الشعب العراقي من براثن النظام الغاشم الظالم، ومن فضله تعالى بعد الخلاص من هذه الحثالات البشرية الشريرة المتوحشة أن الشعب العراقي العظيم راح يستعيد عافيته ويخطو خطوات رصينة صوب عالم الديمقراطية وأجواء العدالة وفضاء الحرية واللحاق بالركب الحضاري السائد في العالم).
ودعا الدكتور البرزنجي في ختام كلمته إلى: (إرساء قواعد التآخي والتفاهم وقبول بعضنا البعض نحو المصالحة الوطنية والتقارب بين المذاهب).
من جانبه أطلع موفد دائرة المعارف الحسينية إلى العراق الدكتور نضير الخزرجي الحاضرين على جوانب تاريخية وأدبية من الموسوعة الحسينية مؤكداً أن عقد الندوة الثقافية الحوارية للحديث عن دائرة المعارف الحسينية وهي بلسان عربي وفي مدينة السليمانية حيث يتكلم أهلها اللغة الكردية وهم على مذهب أهل السنة لهو دليل قاطع بأن العراق لُحمة واحدة وأن الشعب العراقي بكل أطيافه وأجناسه ولغاته ومذاهبه يجمعهم حب الإمام الحسين(ع) الذي انتصر لرسالة الإسلام من أجل المسلمين وصالح البشرية جمعاء كرسالة جده محمد(ص) العالمية.
وقال الخزرجي: إن الحديث عن الإمام الحسين(ع) أمر مفروغ منه فعليه السلام يتربع في ضمير كل إنسان حر من مسلم أو غير مسلم، ولكن الحديث مع النخب المثقفة والعلمائية والأدبية هو لبيان أهمية الموسوعة الحسينية لمؤلفها وراعيها المحقق الدكتور محمد صادق الكرباسي الذي استطاع حتى اليوم من طبع 77 مجلداً من أجزاء دائرة المعارف الحسينية التي بلغت نحو 700 مجلد في ستين بابا من أبواب المعرفة الإنسانية، وهو يعكف منذ محرم عام 1987م على توثيق التراث الحسيني والتحقيق فيه، ويتحرى ذكر الحسين(ع) والنهضة الحسينية في اللغات غير العربية وأدبياتها، ومنها اللغة الكردية التي استنطق فيها أدباؤها في كتاباتهم النثرية والشعرية القيم التي ناضل من أجلها الإمام الحسين(ع)، فكانت مادة خصبة للمتلقي يستشعرها في حياته اليومية ويتلقاها كزاد من أجل الحرية ورفض العبودية، ولذلك يحق لنا أن نطلق عليها يتيمة الموسوعات المعرفية.
من جانبه رحب الدكتور شيركو عبد الله رئيس إتحاد أدباء الكورد فرع السليمانية بالوفد الزائر، وقال في كلمته: (إن مدينتنا اعتادت خلال تاريخها الحافل بالنضال والتضحيات أن تفتح ذراعها لمختلف الثقافات والإتجاهات الفكرية دون أي تحفظ أو تعصّب، واليوم اذ نستقبل أصدقاءنا وإخوتنا العراقيين الأحبّة القادمين من لندن وبغداد والنجف وكربلاء للمشاركة في الموسوعة الثقافية الحسينية نؤكد ثانية بأن العلاقة الكردية بإخوتنا الشيعة علاقة تاريخية متينة لا ينفصم عُراها على مرّ الزمن).
ووجد رئيس إتحاد أدباء الكورد في نهاية كلمته أن مدينة السليمانية: (حين تحتضن الموسوعات المعرفية تقدم من جانبها مساهمة متواضعة لإيصال تلك المعارف الإنسانية إلى أوسع الجماهير وهذا الملتقى تجديد للوفاء بالعهد وتأكيد على تمسكنا بحلفائنا الذين سنكمل معهم مسيرتنا لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي تسود فيه المحبة وينبذ الجميع التفرقة الطائفية والمذهبية والدينية).
مسؤول قسم الإرشاد والتوجيه الديني في العتبة العباسية الشيخ صلاح الخفاجي كان حاضرا في الندوة وهو على رأس وفد جاء إلى السليمانية لتمتين العلاقات بين العتبات في كربلاء المقدسة وأطياف الشعب العراقي، حيث أثنى على دائرة المعارف الحسينية للمحقق الدكتور محمد صادق الكرباسي وهو في معرض الحديث عن أهمية النهضة الحسينية في تقريب وجهات النظر والتمحور حول سارية الحق التي مثلها الإمام الحسين(ع) في مواجهة الجبت والطاغوت.
ولم يجد الشيخ الخفاجي رئيس وفد العتبة العباسية فرقاً بين رسالة النبي محمد(ص) وحفيده الإمام الحسين (ع) فالنهضة الحسينية تمثل رسالة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم للإنسانية جمعاء وهي مصدر ومنبر ومدرسة للعالم أجمع. وبارك لكل من ساهم في خدمة الإمام الحسين عليه السلام من مفكرين وأدباء وشعراء نزولاً عند باقي الخدمات الأخرى لأنهم بعملهم هذا قد بنوا لأنفسهم صرحاً ومجداً عالياً، وهذا تطبيق لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (أحب الله من أحب حسيناً). ووجد الشيخ الخفاجي أنَّ من الأمور التي كان الأئمة عليهم السلام يولونها الاهتمام ويدعون أتباعهم ومحبيهم إليها من أجل تخليد تلك المواقف والسير الحميدة هي التشجيع على الكتابة وبكافة أنواعها كنوع من أنواع التوثيق الأدبي بشطريه المنثور والمنظوم.
وتثمينا لمدينة السليمانية بوصفها ملتقى الثقافات ألقى الدكتور حسين أبو سعود عضو وفد الموسوعة الحسينية الزائر، قصيدة من نظم الشاعر الجزائري الدكتور عبد العزيز شَبين بعنوان "مغاني السليمانية" جاء في مستهلها:
سُلَيْمانِيَّةُ المَغْنى أَغَانينَا ... مِنَ الشَّوْقِ تُنَاغي وَ تُنَادينَا
فَيَهْفُو الشِّعْرُ مَسْكُونًا بِمَحْيَاهَا ... وَقَدْ مَدَّتْ جَنَاحَيْهَا لِتَأْوينَا
وشهدت الندوة التي أدارها باقتدار الإعلامي العراقي الأستاذ أحمد الحاج حسين الركابي مداخلات عدة عبّرت عن تلاحم الشعب العراقي بكل مكوناته وحبهم الشديد لسيد الأحرار والمجاهدين، كما أجاب الدكتور الخزرجي على أسئلة الحاضرين التي تميزت بالتنوع وحب الإطلاع على خفايا الموسوعة الحسينية.
هذا وكان مستشار رئيس الجمهورية العراقية الدكتور أحمد السيد محمد البرزنجي قد استقبل في مكتبه الرسمي الدكتور نضير الخزرجي والوفد المرافق له، وتناول اللقاء أحاديث متفرقة حول النهضة الحسينية وتأثيرها في الوعي الفردي والجمعي للشعب الكردي المسلم وحضورها الفاعل في الأدبيات الكردية المستنهضة للهمم من أجل الحرية والعدالة الإنسانية.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat