حكاية (على الهواء مباشرة)
شيماء جواد عطية
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
شيماء جواد عطية

من جديد أقدم شكري لمقدمة البرنامج حسناء عبد الله لاستضافتي في برنامجها التلفزيوني، كانت التجربة جميلة رغم صعوبتها، عرضت أسئلتها بشكل مباغت دون أي تفاهم مسبق أو حتى مجرد تنويه
ابتدأت اللقاء عن معنى آية {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}
قلت علينا أولا أن نقرأ معنى الدعوة، كثير من العلماء يعرض أسباب الدعوة بأنها خصصت للشهادة، كان الرسول صلى الله عليه وآله يشهد على الأمة لذلك نحن نؤمن بأن لكل جيل وزمن حجة وإمام يشهد على أعمال العباد فيه شهادة حسية من أجل ذلك ولد الإمام المنتظر في موعده وبقى إلى إن يأذن الله له بالظهور، يعني هذا العمر الطويل ليشهد أعمال العباد وهو حاضر فيهم.
كان يفترض مثل هذه الأسئلة تعد لي مسبقا كي أعد لها دراسة وافية، المهم أني اتخذت مع نفسي الطابع المحفز والمشجع سأجيب عن جميع الأسئلة، وإن صعب علي سؤال، سأجيب عن مقاربات فكرية قد تنقذني من الحرج،
السؤال الثاني: ـ ما هو السر في بقاء العمر الطويل
أجبتها بسر هذا العمر الذي يدل على ضخامة الدور يقتضي ضخامة في الكفاءة فأبقى الله الإمام لهذا العمر الطويل لتكون معاصرته للحضارات المختلفة والدول المتباينة رصيدا نفسيا له.
تدخلت مقدمة البرنامج بين استدلالاتي تسأل عن منفعة هذا الرصيد،
أعتقد أنه كان تشخيصي قويا حيث استعرت من عدة علماء كبار لهذا شعرت أن الدخول إلى عمق المعنى مطلوب وخاصة في البرامج التلفزيونية، فهو ليس كتابا يمكن للقارئ إعادة ما فاته الانتباه إليه، نحن في حوار عابر لا يكرر
لهذا يتطلب منا السعي لترسيخ المعلومة، والمقصد من الرصيد الذي يحصل عليه الأمام المهدي عبر عمره الطويل ومشاهداته لأمور كل زمان ومعاصرته لجميع هذه الأزمنة، يكون رصيده الحقيقي هو الإعداد ليكون مؤهلا للقيام بدوره هو إقامة الدولة العادلة على الأرض كلها، يبدو أن مقدمة البرنامج كانت تبحث عن الحقيقة بجدية عالية ليس من أجل إنجاح برنامج تستعرض به الحكاية المعروفة عن الغيبة والظهور المباركين، لكنها تعمل لتدخل العمق الوجداني للقضية المهدوية، هذا يعني أنها لا تسعى إلى إحراجي أو إبراز ثقافتها بل تعمل لإبراز ثقافة المحتوى الفكري للقضية المهدوية، لذلك لو تنتبه إلى سؤالها لأدركت عظمة ما تبحث عنه
قالت نحن نعتقد أن الإمام عجل الله فرجه الشريف يمتلك مواهبا إلهية تؤهله للقياكم بدوره وجاهزيته عليه السلام لا يحتاج أن يعاصر الحضارات المختلفة حتى يكتسب منها رصيدا فهو كامل المعرفة.
قلت هناك قول حكيم لأئمتنا توارد عن الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام
(إنا لنزداد كل ليلة ولولا أننا نزداد لنفذ ما عندنا أو لأنفذنا) أجد مقدمة البرنامج متوثبة للاستفسارات من أجل تكامل المعلومة، وهذا هو السعي لتكامل المعلومة المنتقاة إلى المشاهد لأن الأمر المهدوي فيه عمق أكبر من الظاهر، فسالت:
ـ ما الذي يمكن أن يزاد إذا كان التشريع مكتملا من زمن النبي صلى الله عليه وآله فاين هي الزيادة؟
قلت أن الإمام عليه السلام يخضع للتكامل العلمي في كل لحظة وفي كل آن المعلومات التي يزداد فيها علما هي غير معلومات التشريع
على مستوى المقاسات الروحية يركز القرآن الكريم على مسالة تثبيت الفؤاد {مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} معنى تثبيت الفؤاد هو التكامل في المقام الروحي، ينقل من مقام روحي إلى مقام روحي آخر في كل لحظة، مثلا الإمام علي عليه السلام يجلس في داره 25 سنة هو البلاء، ما تعرض له الإمام الحسن والإمام الحسين عليه السلام هو ابتلاء وهذه الابتلاءات تكون التكامل في المقام الروحي.
يبدو أن مقدمة البرنامج اندمجت تماما مع المعلومات وراحت تتناغم معها، وصارت تتفاعل لتوصل إلى ذهن المشاهد الحالة الانبهارية التي عاشتها هي لكون البحث في العمق الفلسفي لهذا الحضور الإلهي المزكى، يبقى يمس شغاف القلب، فسألت وهي تعتذر عن المقاطعة
-الذي أعرفه أن الأئمة عليهم السلام خلقهم الله أنوارا فجعلهم بعرشه محدقين، ومن كان نورا قبل خلق الوجود، كيف تكون إمامة محتاجة إلى التكامل في المقام الروحي
أجبتها أن التكامل في المقام الروحي من أجل أن يعوض بمقامات ملكوتية، سأبسط الأمر، أيهما أفضل الإمام الحسن عليه السلام أم الإمام الحسين عليه السلام
مر بهذا الامتحان العسير وبهذه المجزرة العظيمة، هذا الامتحان الذي تعرض له سيد الشهداء الحسين عليه السلام كان تكاملا في مقامه الروحي، فجعلت له الإمامة في ورثته والشفاء في تربته وإجابة الدعاء تحت قبته، لنصل إلى نتيجة أن الغيبة المهدوية معاناة من أجل أن يتكامل في المقام الروحي ويعوضه الله تبارك وتعالى، يجعل الدولة الخاتمة على يده، وأن تكون بهجة الدين والمؤمنين تحت لوائه، عجل الله تعالى فرجه.
وانتهت الحلقة بخير ولله الحمد
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat