المرجعية هي الدرع الحصين للأمة في زمن الغيبة الكبرى لصاحب العصر والزمان (أرواحنا فداه)
حسين علاء الهلالي
حسين علاء الهلالي
تعتبر المرجعية الدينية الشيعية الرشيدة في زمن الغيبة الكبرى لصاحب الزمان (أرواحنا فداه): هي الحصن الحصين، وحائط الصد ضد الأخطار المحدقة بأبناءها، والملجأ المؤمّن لما ينوبهم من أزمات، ودليله: التوقيع الصادر من الناحية المقدسة على صاحبها آلاف التحية والصلوات "وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجة عليكم وأنا حجة الله عليهم".
والمقصود برواة الحديث هنا: هم الفقهاء العدول، ويعبر عنهم بالنواب العموم في قبال النواب الخصوص - الأربعة- في زمن الغيبة الصغرى لصاحب الأمر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، وقد جعل الإمام (عليه السلام) الحجية لهم أي رجوع القواعد الشيعية إليهم في شؤون الدنيا والدين فيما يتجدد من حوادث زمكانية، وهو (صلوات ربي وسلامه عليه) حجة على الفقهاء باعتبار الجعل الإلهي باعتبار ديمومة الإمامة الربانية فيه.
ولم تسلم المرجعية من سهام المتربصين بالإسلام عموما وبالتشيع خصوصا على طول ذلك الجعل المبارك وإلى يومنا هذا من محاولات التشكيك في مصداقيتها بين أتباعها وإرصاد محاربتها، والزج بها في مواجهات وتخندقات محلية ودولية؛ وذلك لمعرفة خصومها بالمكانة الروحية التي تتوسط قلوب قواعدها، ومدى تأثيرها القوي في مدلهمات الخطوب، وشراستها في حماية بيضة الإسلام إن كانت المسألة مسألة وجود واللاّوجود.
لقد كانت خطط الإستعمار فيما مضى هي خلخلة الثقة المتبادلة بين المرجعية وأتباعها عن طريق نفث الإشاعات المغرضة عبر فروخهم المأجورون مسبقي الدفع ومرة عن طريق سعي تحجيم دورها الريادي في الأمة في القضايا المصيرية، ولم تنتهِ سلسلة المحاربة حديثا عبر منصات التواصل الإجتماعي التي تطالها جميع العقول وخصوصا فئة الشباب المستهدف الذي يرتّب الآثار لقلة وعيه.
وفي خضم وضعنا العراقي المأزوم على جميع الأصعدة لا يفتأ البعض ممن يحسب على التشيع أن يزج بالمرجعية في أتون المناكفات السياسية من أجل التربح الإنتخابي القادم، والبعض الآخر بتلويمها والجعل منها شماعة أخطاء في فشل طوماحاته، بل ومحاسبتها وكأنها فصيل في العملية السياسية.
وهي التي أخذت وعدا على نفسها أن تقف من الجميع على مسافة واحدة.
فما هذا الهزال في نمط التفكير؟!
فمن يحاسب من؟!
أفليس لها رأي مستقل ولا فوقانية فوق رأيها بحسب تشخيصاتها للموضوعات الخارجية؟
ولماذا جرجرتها إلى مستنقع التهارش على كعكعة العراق وهي الأب الروحي للجميع.
تشخّص أولا المصلحة العليا فيما يصلح وما لا يصلح وما يجوز وما لا يجوز ثم تفتي على ضوء نظر فريق مختص تطمئن إلى تشخيصه؟
مع العلم بأنها لو قالت كلمتها الفصل فلن يرضى بها المعظم.
أسمها مرجعية ولنتامل في دلالات المفردة يا أيها الناس، والتي من أبسطها رجوع الجاهل للعالِم بكسر اللام لا رجوع العالِم بالكسر للعالم بتحريك اللام.
لا يصح أن يرجع العالِم للعالَم يا عالَم وإلا انسلبَ عنوان العالِم منها.
ألا ترون كيف انقاد الشعب العراقي برمته لفتوى الجهاد المقدس ضد داعش بجرة قلم؟
الرشد يعني النضج..
تحت هذا العنوان يجب أن يعي الجميع بأن لا سلطة لأحد على مقام المرجعية حتى في القرارات المصيرية لأنها أبصر بالواقع ولا يغيب عن بالها ما يحدث وما يجد من أحداث جدلية في الشارع ومنها قانون الأحوال الشخصية بالتأكيد.
والمرجعية الدينية لا تقبل أبدا بتمييع الحكم الشرعي أبدا، وهو موقف ثابت لا يتزلزل بحسب اعتبارات الشارع.
والمرجعية الدينية لا تقبل أن يكون رأيها ذيلياً بل هو المقدّم؛ لأنه شأن ديني بحت في المقام الأول وهو من وظائفها المناطة بها ولا مزايدة من أحد هنا.
ففي أحداث مماثلة أبرزت المرجعية مدى نضجها ووعيها بالساحة، ولم تقبل أن تكون وقود معارك فيضمحل دورها الريادي.
هي تتقدم بالنصيحة للجميع بحسب رؤيتها وتشخيصها ولا تلزم إلا بحدود ما يفرض الموقف عند استحكام الخلاف بين الفرقاء، حيث لا مخرج من عنق الزجاجة إلا بكلمة فاصلة حاسمة.
وختاما: إن المرجعية الدينية المتمثلة بزعامة آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) هي الخيمة التي يأوي اليها جميع الفرقاء وأن الحرب الضروس من الإشاعات ضدها لن تثني من عزماتها في ترجيح المصلحة العليا للمؤمنين بمرجعيته ولن تفت في عضدها من إرجاف المرجفين في رعايتها لأيتام آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) باعتبارها الحصن الحصين وحائط الصد للمؤامرات التي تحاك في جنح الظلام من أجل الجعل من الشيعة بل عموم العراق هباءً منثورا تذروه رياح المتربصين بهم غوائل الدوائر.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat