الشيخ محمد حسن آل ياسين "رحمه الله" الموسوعي الشيعي المغمور
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي

تحت هذا العنوان أردت كتابة بعض الكلمات بحق هذه الشخصية الكبيرة التي التقيتها -للأسف- مرتين فقط، وعند اطلاعي سابقًا على قائمة مؤلفاته، بل وعلى مؤلفاته تفصيلًا تارة وإجمالًا أخرى، كانت تمرُّ بخاطري عظمة استثمار العمر المعرفي لا الزمني، وأهمية العطاء فيه!!
واليوم عند اطِّلاعي على هذا المقال عن (داروين) ونظريته العالمية في التطور، وأهميتها في الدراسات العلمية، وإذ يتصدى عالِمٌ يسكن الشرق -في بلد كُتِبَت له وعليه الصراعات المختلفة، لأن يكون مستعمَرًا أو مستَعْبَدًا- ومنهمكٌ في الدراسات الدينية التي كان ولا زال الإعلام المزيَّف يروِّج لها أنها دراسات الطهارة النجاسة، وليست دراسات النظام الأكمل الذي يقود الحياة، ليناقش أصل الموضوع ونسبة ابتكاره إلى (داروين) الذي ملأ الأسماع اسمه، والآفاق ذكره، والمناهج أفكاره، في وقت كانت المادية وأمثالها من النظريات التي تقف مواجهة للإسلام، فتعدُّ هذه المقالة والمؤلفات وأخواتها من محاولات أخرى مثل محاولات الشهيد محمد باقر الصدر "رضوان الله عليه" في كتابيه "فلسفتنا" و"اقتصادنا" هي بمثابة تحصين الشباب المسلم آنذاك من الدعايات الغربية المادية لنظرياتهم، وإعادة روح الأمل بتراثهم الإسلامي ومفكِّريهم، وضرورة التصدي لهم وبيان قصور نظرياتهم الفكرية والفلسفية والاجتماعية والاقتصادية، بل والسياسية ..
لقد أكد الشيخ في مقاله سبق المفكرين المسلمين فيما كان يدعو إليه "داروين" ولو إجمالًا، أمثال إخوان الصفا وابن خلدون والملا صدر الدين الشيرازي، وفي ذلك دلالة على نضج الفكر الإسلامي قبل دعوات الغرب بقرون من الزمن، وهذه صعقة للذين يريدون الاستسلام للفكر الغربي المادي من جهة، وللذين يعبدون نظرياتهم ويقدِّسونها من جهة أخرى، فكانت محاولات جريئة وعظيمة وقد آتت أُكُلها آنذاك في الوقوف بوجه تلك الجبهة، وتنشيط الدعوة الإسلامية وفكرها بين الشباب المسلم المثقف في العراق خاصة، ولكن الذين كتبوا على العراق مصيره المحتوم أنْ يعيش في صراعٍ كانت لهم الصولة في القضاء على هذه المحاولات العظيمة، ومحاولتهم بالقهر والإرهاب إخماد تلك الأصوات ورجالها، ووأد تلك الأفكار وأنوارها، فكانت واحدة من نتائج الطغاة أنْ يكون الشيخ آل ياسين في حبس بداره قرابة (٢٥) عامًا، أي ربع قرن من الزمن؟!!!
بهذه المدة الزمنية والتي تفوقها أضعافًا مدة معرفية كم فقدت الأمة من عطاء رجالها!!
إنَّ مثل هذه الموضوعات المعرفية العالمية هي رسالة كبيرة إلى المسلمين وغيرهم من المثقفين والمفكرين إلى ضرورة تسخير طاقاتهم لنشر علوم الإسلام، وخدمة المجتمع من خلاله، وعدم الخوف أو التسليم والاستسلام لغيره من الأفكار والنظريات، بل الاعتزاز بهذا النظام الإلهي الأكمل، والعمل على نشره في الأمة، والترويج له ولمفكِّريه!!
وأما كونه موسوعيًّا .. وشيعيًّا .. ومغمورًا .. فهذا يحتاج إلى شقشقة وشقشقة لعل لنا فيها نصيب في لقاء آخر!! تحياتي
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat