صفحة الكاتب : عبد الحسين بريسم

حوار هاديء مع الشاعر والناقد علي سعدون
عبد الحسين بريسم

 حركة النقد العراقي   تشهد نشاطا هائلا في قراءة الظواهر الثقافية وتقويمها وتصويب مساراتها

 
حاوره عبدالحسين بريسم
 علي سعدون شاعر خط شعرية بدقة عالية واتخذ منفاه الشعري في قرية عصرية قرب حقول قصب السكر في مدينة العمارة ومنها ذاب في شعره السكر وذاب في السكر شعره ومنهما كتب العديد من الدراسات النقدية الادبية والثقافية معلنا عن تجربة جيل شعري طالما ابتعد المشهد النقدي عنه ولكن سعدون جاب بحار هذا الجيل واصدر كتاب نقدي مهم في تجربة الشعرية التسعينية  سالته اولا
 
يلاحظ وبوضوح ان المشهد النقدي خاصة الثقافي يشهد حراك كبير في ميسان كيف توضح ذلك؟
 
المشهد النقدي العراقي عموما يشهد حراكا ملحوظا ، وما يحصل في ميسان من حراك نقدي هو جزء من حركة النقد العراقي التي تشهد نشاطا هائلا في قراءة الظواهر الثقافية وتقويمها وتصويب مساراتها ، كما اعتقد ان ما تسميه حراكا نقديا في العمارة سببه الرئيس ان المدينة تعودت وعلى مدى عقود على انتاج شعري كبير يكاد يكون سمتها الادبية الشاخصة ، بغياب ملحوظ للدراسات النقدية بالطبع ، الامر الذي يحيل الى دهشة كبيرة في استقرار المشهد الثقافي اليوم على المداولة الثقافية والفكرية من خلال الدراسات النقدية وبروز جيل جديد من النقاد والباحثين يحملون رؤى ومشاريع ازعم انها مهمة وتشير الى انتاج مختلف بدأنا نلمس بواكير ولادته في عدد محدود من الاصدارات النقدية ، فضلا عن ما يصدر في الدوريات والصحف اليومية .. اعني ان الحراك النقدي في العمارة مبعث سعادة في الوسط الثقافي لعموم العراق .
 
هناك صراع ربما مخفي بين اقطاب النقد الثقافي في المشهد الميساني لماذا
 
ج2 / مفردة صراع هنا يا صديقي ، تحيل الى حالة من الخصام خاصة باقترانها بمفردة اخرى لتوصيف ذلك الصراع بالمخفي ، وهو توصيف لا يتطابق مع واقع حال الثقافة ومنتجيها في العمارة ، هناك خلافات فنية وشخصية ، لكنها صغيرة ولا تصل حد القطيعة مثلا ، بل انها احيانا تكون محرضا على المحاججة الجادة والرصينة ، وبالتالي فهي دليل عافية ثقافية وليس العكس ، انها بتعبير اكثر دقة مماحكات ثقافية يتصاعد فيها الجدل والاختلاف حد تقاطع الرؤية ، فما تراه انت ، بالضرورة يختلف عن ما يراه الاخرون وهكذا .. حتى عندما " يهاجم " احدنا الاخر في الصحف اليومية ، ردا على مادة نقدية هي مثار جدل وسجال يتجدد كلما تحدثنا مع بعضنا ، يفسره البعض صراعا ، ونراه نحن امرا طبيعيا وعاديا ، ولا يمكن ان يتحول ذلك الى صراع
مخفي على حد تعبيرك ، انه جدل واختلاف رؤية لا اكثر .. ، نحترم بعضنا بشكل كبير مثلما نحترم  منجز النقاد العراقيين جميعا ..
 
بدأت شاعرا والان  ناقدا هل ضاق الشعر عليك  
ج3/ اعتقد جازما ان خيارات الكاتب متعددة ومتنوعة ، وان كل انماط الاشتغال الادبي ستضيق به اذا ما كنت لديه رؤية مختلفة ومشروع ابداعي حقيقي يعمل عليه ويعده واحدا من هموم حياته ، بل يعتبره من اهمها واكثرها قلقا وسخونة ، بمعنى انك لا تستطيع ان تحدد اشتغال كاتب ما في نمط محدد ، انه يتنقل في حديقة الابداع من حقل الى حقل ، قد يخفق هنا ، او يصيب هناك ، لكنه في الاخير متمرد على الثبات والسكون ، والامثلة على ذلك كثيرة ومتنوعة ، خذ مثلا جبرا ابراهيم جبرا ، لقد ضاقت عليه انماط التعبير لإيصال ما يريد فترجم كثيرا وكتب الشعر والرواية  والنقد فضلا عن ما انتجه من لوحات تشكيلية جميلة ، كان غزير الانتاج بشكل لا يصدق ، اذكرك ايضا بنماذج محلية ، مثلا صديقنا الراحل محمد الحمراني فمن الشعر الى القصة القصيرة الى الرواية ومن ثم العمود الصحفي والحال ذاته ينطبق على حسن السلمان واحمد سعداوي وعبدالخالق كيطان ومحمد الاخرس وغيرهم الكثير ، ما اريد ان اصل اليه هنا ، هو ثمة ترابط وتجاور وتشابك في انماط التعبير وقدرتها على اغراء أي منا في الولوج في اتون محارق التعبير وتداعياتها الفنية والبلاغية .
 
نرى ان النقاد في ميسان يتجاهلون الشعراء في ميسان ويذهبون بعيدا لماذا
ثمة مغالطة ستراتيجية يضمرها السؤال هنا يا صديقي .. ، لا توجد قطيعة بين المنجز الادبي والثقافي في ميسان وبين مجموعة النقاد الذين تعنيهم بالسؤال .. سأفترض ان هناك كتابات محددة لحسن السلمان مثلا عن كتاب عراقيين وعرب وعالميين مثلت بمجملها التحدي النقدي لما يلمع في تجربته النقدية .. لكن بالمقابل ، ومن خلال المسح السريع لاشتغالات الناقد ذاته سنجد انه تناول بالتحليل والنقد والمتابعة تجارب من ميسان بشكل لافت للنظر ، بالرغم من ان وظيفة الناقد الاساسية لا تتحدد بما يكتبه عن مجايليه او ابناء مدينته ، انما تنفتح تجربته النقدية على المنجز الابداعي والظواهر المهمة في مجمل المنتج الثقافي ، كذلك فعل الناقد صادق الصكر والناقد حسن الكعبي ، بل ان الامر ذاته ينطبق على الناقدان جمال جاسم امين ومحمد الياسري وماجد الحسن ..
لقد دأب النقد كثيرا على تقديم النظريات المختلفة في القراءة والتلقي ، وعمل ايضا على الخوض في ماهيات ومشكلات الراهن الثقافي ، الامر الذي اعده مخاطبة لكل منجز ابداعي حتى بدون ان نسمي التجربة او الظاهرة بعينها .. ، اعني انه يخاطب منجز الاخرين جميعا منطلقا من تجربة "  ما " محلية او عالمية .. بل بوسعي ان ارى عكس ما تراه تماما ..
اذ عمل نقاد من المدينة على الاهتمام بما يصدر في ميسان من انتاج ثقافي وادبي بصورة عكست واقعا اجتماعيا ، اشار ضمنا الى نوع من الاخوانيات ، وقد عده البعض سبة في الاشتغال النقدي !
  
هل استطاع النقد ان يواكب حركة قصيدة النثر وانا ارى ان اغلب مشهد قصيدة النثر لم يغطى نقديا ؟
السؤال هنا ، غني بالإجابة عن نفسه ، ذلك انه افترض احتمالا مهما يتجسد في ان مشهد قصيدة النثر العراقية لم يغطى نقديا .. ، بسبب اتساع التجربة وتعدد ظواهرها ..، وايضا بسبب حدة بعض هذه الظواهر ، واعني هنا تطرف بعضها ، خذ مثلا تهويمات التجربة الثمانينية في قصيدة النثر ، انها بحد ذاتها موضوع شائك ومعقد وتنطوي عملية استنطاقه الان على مشكلات تبدأ ولا تنتهي .. كذلك الحال في التجارب السابقة عليه او اللاحقة . الموضوع هنا يمكننا توصيفه بالإشكالي ابتداءا ..
هناك تجارب نقدية مهمة في النقد العراقي حاولت ان تتفاعل مع المشهد منذ انبثاقه في نهاية السبعينيات وفورته المعروفة " ابان الحرب مع ايران " ولم يتوقف الجهد النقدي المذكور الى يومنا هذا ، فتجارب مثل حاتم الصكر وسعيد الغانمي وحسن ناظم وناظم عودة وياسين النصير وفاضل ثامر وحيدر سعيد في اوقات مبكرة وعباس عبد جاسم وسعيد عبدالهادي وعلي الفواز وغيرهم عملت على تغطية مشهد قصيدة النثر بدأب ومثابرة ، لكنها لم تستطع تغطية المشهد بشكل كامل ، وهو امر مستحيل بتقديري الشخصي في الوقت الحاضر ، بسبب من ان التجارب الشعرية الموجودة في العراق ، من الغنى والتنوع والتطور في الاداء الشعري ، وهو نتاج تصعب مواكبته ..
لكن هناك امر جوهري في الموضوع يتمثل في ان الجهد النقدي غالبا ما يختص بعموم التجربة ، ولا يمكن التقليل من اهميته بسبب قلة اهتمامه بالتجربة الشخصية لهذا او ذاك من منتجي النص المذكور ..
 
 كتابك الاخير اثار عدة اشكالات لماذا؟
 من الطبيعي جدا ان يثير كتابي النقدي الاول " جدل النص التسعيني " اشكالات وجدل واختلاف رؤى .. الخ ، واجد في ذلك دليل عافية ثقافية .. اذ ليس بالضرورة ان تتطابق آراؤنا ازاء ظاهرة مهمة وشاخصة كالتجربة التسعينية في الشعر العراقي ..
لقد اخذت البدايات ، واعني انبثاق التجربة في اشد اوقات التجربة الحياتية في العراق قسوة واغترابا ، اخذت جدلا طويلا في مجمل ما صرح به التسعينين . وقد وجدت مغالطات كثيرة في هذا المضمار .. كما وجدت ايضا اختلافا في رؤية بعضهم لمنجز البعض الاخر من خلال نماذج تطبيقية عملت على تحليل خطابها وفق منهج النقد الثقافي ، وقد سعيت جاهدا بحكم تجربتي الشخصية في الظاهرة التسعينية الى محاججة تجربتين كتبا عن التجربة التي سبقت تجربتنا وهي تجربة محمد مظلوم الشاعر العراقي المغترب في كتابه " حطب ابراهيم " كما تضمنت المحاججة ايضا كتاب الشاعر والناقد جمال جاسم امين " تحولات النص الجديد " وقد اوضحت بصورة جلية وواضحة ان كتابيهما تضمنا ادعاء للمبالغة الكبيرة في تفاصيل كثيرة لسمات وملامح التجربة الثمانينية ، والتي اشرت الى اهميتها في اكثر من موضع في الكتاب ، كما سعيت الى ايضا بنية الاختلاف بين التجربتين نظريا وتطبيقيا على نصوص مهمة ومعروفة في التجربتين .. لذا اجد ان موضوعة الاختلاف وتعدد الاشكالات ، طبيعية ونافعة ..
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الحسين بريسم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/07/07



كتابة تعليق لموضوع : حوار هاديء مع الشاعر والناقد علي سعدون
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net