الجامعة التقنية الوسطى تحتفل بتألقها في تصنيف ( تايمز ) العالمي للجامعات
باسل عباس خضير
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
باسل عباس خضير

يحظى موضوع التصنيف العالمي للجامعات بأهمية بالغة لدى الحكومات والمؤسسات والإفراد ، فالتصنيفات تسهم بشكل كبير في تحسين السمعة الدولية للجامعات بما ينعكس على سمعة البلدان علميا ، كما يعد التصنيف الدولي واحدة من أهم أسباب التطوير الأكاديمي وتكمن أهميتها في أنها تستخدم من بعض الحكومات من اجل توجيه سياسة التعليم العالي كما تعده المؤسسات التعليمية من دوافع البحث عن شركاء دوليين ، وهناك تصنيفات عالمية عديدة تستخدم لمختلف الاستخدامات ، ومنها تصنيف التايمز العالمي The Times Higher EDUCATION الذي أعلن عن نتائج نسخته الجديدة ( لعام 2024 ) للاختصاصات العلمية التي صنفت وقيمت 1904 ( ألفا وتسعمائة وأربع ) جامعات تنتمي إلى 108 دولة حول العالم ، وقال ممثل مؤسسة التايمز في الشرق الأوسط وأفريقيا ( السيد نيكولاس ديفز ) أن العراق وللمرة الأولى يحتل المرتبة 37 عالميا في تخصصات ( الطب والعلوم الصحية ، العلوم البدنية ، علوم الحاسبات ) ، وعلى وفق تلك النتائج فان ذلك يشير لجودة و نوعية التدريس والبحث العلمي في الجامعات التي دخلت التصنيف ، حيث يعتمد تصنيف التايمز العالمي معايير رئيسة لترتيب الجامعات تستند إلى ثمانية عشر مؤشرا لتقييم وقياس الأداء في خمسة مجالات وبأوزان محددة : التدريس (بيئة التعلم) 29.5% والبيئة البحثية 29% وجودة البحث 30% والنظرة الدولية 7.5% ودخل الصناعة 4% ، وحققت الجامعات العراقية زيادة ايجابية في ترتيبها وبزيادة عددها الذي دخل التصنيف بالمقارنة مع نسخة العام السابق ، إذ سجلت النتائج تحقيق ثلاث عشرة جامعة عراقية مراتب إيجابية على صعيد التنافس العالمي حيث حصدت الجامعة التكنولوجية المرتبة (801-1000) ثم جامعة النهرين بالمرتبة (1201 – 1500 ) ثم جامعة القادسية (1201 – 1500 ) وجامعة بابل (1201 – 1500 ) وجامعة ديالى (1201 – 1500 ) وبعدها جامعات ( الانبار ، بغداد ، البصرة ، كربلاء ، الكوفة ، التقنية الوسطى ، الموصل ، المستنصرية ) بالمرتبة السادسة عراقيا (1501+) ، و الجامعة التقنية الوسطى واحدة من بين تلك الجامعات التي سجلت دخولها في هذا التصنيف لهذا العام للمرة الأولى في شهر تشرين الأول لعام 2023 بعد أن سجلت دخولها بقوة في شهر التاسع 2023 في تصنيف التايمز البريطاني العالمي وبالمرتبة ( 6 ) عراقيا من ضمن( 13 ) جامعة عراقية دخلت هذا التصنيف .
ويعني ذلك من الناحية العلمية والعملية دخول عدد كبير من الكليات والمعاهد التقنية المرتبطة بالجامعة التقنية الوسطى تصنيف التايمز البريطاني العالمي World University Subject Ranking ، فقد دخلت التصنيف جميع الأقسام الهندسية و التكنولوجية Engineering 1001+ وأقسام الحاسبات Computer science 801-1000 في تشكيلات الجامعة ، ويحق للعراقيين الفخر للنتائج المتحققة لكل الجامعات العراقية وهو بمثابة انتصار ورد الفعل المناسب لمن كان يشكك بقدرات جامعاتنا في دخول التصنيفات العالمية ، كما انه موضع فخر واعتزاز في تأكيد تحقيق الجامعة التقنية الوسطى دخولها التصنيف بمراتب متقدمة لعدة أسباب ، الأول إن الجامعة من الجامعات ( الفتية ) من حيث التأسيس حيث تأسست عام 2014 بعد إن توزعت تشكيلات هيئة التعليم التقني على أربع جامعات ( الوسطى ، الفرات الأوسط ، الجنوبية ، الشمالية ) أي إن عمرها الحالي هو 9 سنوات ، وهي اليوم تنافس وتحقق السبق على جامعات محلية وعربية ودولية سبقتها بعقود وربما تختلف عنها من حيث البنى التحتية والإمكانيات وعدد المحاولات وغيرها من الاعتبارات ، والثاني أنها جامعة تقنية تختلف عن الكثير من الجامعات من حيث نوعية التخصصات التقنية التي تحتويها وطبيعة المدخلات والعمليات وما تتطلبه أسواق العمل من مخرجات ، والثالث أنها جامعة واسعة في رقعة تشكيلاتها الجغرافية وتتكون من كليات ومعاهد تقنية تقع في عدد من المحافظات ( بغداد ، الانبار ، ديالى ، واسط ، صلاح الدين ) مما يضيف لها الكثير من الأعباء والمسؤوليات ، وهذه الأسباب وغيرها من العوامل والمتغيرات لم تضعها للتبرير وإنما جعلتها حافزا لها للظفر فيما اجتازته في المنافسة لتنجز ما تحقق لها بكل اقتدار واستحقاق ، فالنتيجة اليوم أنها دخلت هذا التصنيف وهو تصنيف عالمي كبير ويعدون أهميته بعد تصنيف شنغهاي الصيني .
وبهذه المناسبة أقامت الجامعة احتفالا واسعا لتكريم المتميزين ولتحديد العوامل التي ساعدت في بلوغ التصنيف وخططها المستقبلية لتحقيق نتائج أفضل وولوج تصنيفات أخرى ، وفي كلمته بالاحتفال قال الأستاذ الدكتور وضاح عامر حاتم التميمي رئيس الجامعة التقنية الوسطى : إن ما تحقق للجامعة في دخولها لهذا التصنيف بهذا التسلسل يعد انتصارا للتعليم العالي وللتعليم التقني بالذات وهو انتصار لنفسها ولمن يتولى أداء و إدارة فعالياتها بكل التفاصيل ، فلم يكن ذلك ليتحقق لولا إصرار الجامعة والعاملين فيها قيادة ومنتسبين وطلبة في إثبات الجدارة بكل استحقاق ، فهي ليست نتائج عفوية او عرضية وإنما اقترنت ببذل جهود متواصلة استمرت لخمس سنوات عندما وضعت الجامعة أهدافا إستراتيجية لدخول التصنيفات العالمية والتحليق في سماء العالمية لا كطموح او أمنيات ، وإنما واجبا يوميا يتم اعتماده بخطوات لما يتطلب التنفيذ من جهود وتضحيات لبلوغه بأقرب أمد زمني مقبول ، وهذا التصنيف هو التصنيف التاسع عشر الذي تحققه ، والجامعة تسعى لان تكون في المقدمة محليا وعربيا ودوليا فلديها الخطط والاستراتيجيات و الجاهزية وتعمل لتمكين ملاكاتها لبلوغ أعلى الأهداف في الداخل والخارج ، كما قدم الدكتور حيدر مهدي باقر مدير قسم ضمان الجودة والأداء الجامعي في الجامعة عرضا توضيحيا عن تصنيف تايمز والتصنيفات الأخرى وسبل بلوغها في ظل المنافسة المحلية والدولية بهذا الخصوص وعرض في ورقته كيفية المحافظة والتقدم في كل تصنيف من ال19 تصنيف التي دخلتها الجامعة ، وتضمن الاحتفال الذي حضره ضيوف من مجلس النواب تكريم الباحثين ماديا ومعنويا من المتميزين والأعلى إنتاجا بحثيا ولمن كانت لهم اسهامات في بلوغ هذا المستوى من التصنيف من تشكيلات الجامعة والجهات الساندة والعاملين .
مبارك للجامعة التقنية الوسطى هذه النتائج التي تثلج الصدور ومن واجب العرفان والوفاء الإشادة بالجهود التي تبذل من قبل رئيس الجامعة التقنية الوسطى و مساعديه وعمداء الكليات والمعاهد والإدارات والمنتسبين بكل المستويات والتخصصات ممن يعملون بروحية الفريق ، كما نبارك لطلبة الجامعة وهم يعيشون زهو الانتماء لجامعة دخلت التصنيفات العالمية بما يسهل من مهامهم في ولوج أسواق العمل عند التعريف بأنفسهم والجامعة التي تخرجوا منها من ضمن تسلسل الجامعات التي دخلت التصنيفات العالمية ، وان ما يتحقق ليس امتيازا يتم الاحتفاظ به للذكريات وإنما يضيف اعباءا وواجبات أكثر من ذي قبل في تحقيق المزيد وإكمال الاستراتيجيات التي وضعت لحصد النتائج بمختلف المجالات ، فما تحقق يجب أن يكون حافزا لنجاح التخطيط والتنظيم والتنفيذ لان التصنيف يتغير استنادا لمستويات الأداء ، وهناك المزيد ممن يتطلب سبر غوره في طريق العالمية لجامعاتنا الوطنية التي أخذت شموعها تضيء من جديد بعد عتمة استمرت لسنوات ونتمنى أن تمتد أنوارها بالانجازات في قادم السنين ، ولا يمثل ما تحقق كل الطموحات ولكنه يؤشر توافر القدرة على تحقيق المزيد بالتخطيط وإتاحة الموارد وتوفر الإرادة والقيادات القادرة على تمكين الآخرين في البذل والعطاء ، ومن الله التوفيق .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat