صفحة الكاتب : رياض سعد

الانتخابات بين المعارضة الواعية ومنطق ( التوثيه والبلطجيه )
رياض سعد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ان عدم المشاركة في العملية الانتخابية ؛ مسألة طبيعية في كافة البلدان الديمقراطية والدول المتحضرة ؛ لذا تختلف نسب المشاركة بين انتخابات واخرى , تبعا لعدة ظروف وعوامل معقدة ؛ وكذلك تعتبر المعارضة السياسية من صميم التجربة الديمقراطية ؛ وهذا الامر لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان , ولكن المشكلة تكمن فيما اذا اخذت ظاهرة عدم المشاركة بالاتساع والشيوع بين الجماهير بسبب عوامل الاكراه والجبر والتهديد والوعيد , وكذلك اذا تنكرت المعارضة لمبادئ الديمقراطية وقيم المدنية والتداول السلمي للسلطة , وذهبت الى تبني خيارات التآمر والخيانة والتعاون مع الجهات الخارجية والقوى المعادية ؛ والعنف والدموية واستخدام القوة , وانتهاك القوانين وخرق السيادة الوطنية , واحداث الفوضى في المجتمع والاخلال بالأمن والسلم الاهلي ... ؛ فهؤلاء يتزنون بزي الديمقراطية وفي الحقيقة هم دكتاتوريون حد النخاع , ويظهرون الالتزام بالقوانين والايمان بالسلم والسلام ويشهد الله عليهم انهم من عتاة الارهاب والتخريب , وحيتان الفساد  , والخارجين على القانون .

البعض دخل اروقة الحكومة ومؤسسات الدولة ؛ بعقلية ( الخوشيه والبلطجيه ) فراح ( يأخذ الخاوات كالشقاوات ) يفرض الاتاوات على الكتل والاحزاب والشركات والتجار ؛ بحجة المحاصصة وتقاسم ( الكعكعة) , وبذريعة الدعم والتبرع للمكاتب الاقتصادية والمشاريع الثقافية والانسانية والدينية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها ... ؛ وخاض المعترك السياسي بالوسائل البدائية والرؤى الساذجة والاساليب المنحطة الشوارعية  والامراض النفسية والعقد الاجتماعية ؛ ولم يحتكم للحوار الهادف والسياسة العقلانية والسلمية  والقيم المدنية والمثل الاخلاقية ومبادئ حقوق الانسان والديمقراطية .

فمن الطبيعي عزوف البعض عن المشاركة الانتخابية او مقاطعتها من قبل البعض الاخر , ولكن ليس من الحكمة والسياسة , اتخاذ هذا القرار اذا كان يؤدي فيما بعد  الى مخرجات سياسية سلبية تكبد الشعب او الجماهير او الطائفة او الجماعة او الاغلبية خسائر لا تعوض وكسور لا تجبر , ونتائج كارثية مدمرة تحرق الاخضر واليابس ولا يسلم من شرها وشررها المشارك والمقاطع على حد سواء , وتبقى السياسة تعني فن الممكن ومراعاة الظروف الانية والتحديات الداخلية والخارجية .  

وبسبب هذه الطغمة السياسية المنكوسة  والشرذمة الجاهلة ؛ اساء الناس الظن بالسياسة والساسة منذ تأسيس الحكومة العراقية الهجينة عام 1921 والى هذه اللحظة , اذ يعتقد البعض  بأن اهل السياسة يمثلون الفساد بجميع اشكاله  ، والتلاعب بكل اساليبه، والخداع بشتى الوانه ,  وانه يغلب على صفاتهم النفاق والكذب وعدم الصدق في الوعود ... ؛ فمن باب يدعي البعض الاسلام والسلام والالتزام بالقوانين واحترام الحكومة والدولة وارادة الجماهير ... ؛ ومن باب اخر يعمل جاهدا على فرض اراءه وخزعبلاته وشعاراته على الناس بالإكراه والقوة , وينصب نفسه ناطقا رسميا بأسم الشعب والطائفة والجماعة ولا يسمح للآخرين بادعاء ذلك حتى وان كانوا اجدر منه ... , لذا تراه لا يكتفي بالمقاطعة والمعارضة فقط , بل يعمل على تهديد المرشحين , وتشويه سمعة الشخصيات الوطنية , وارباك الاوضاع العامة , من خلال سلسلة من السلوكيات الهابطة والافعال الاجرامية والخروقات القانونية ؛ كالاغتيالات والاعتداءات وحرق المقرات ونشر الشائعات والدعايات وتمزيق صور المرشحين و( البوسترات )  وافشال حملاتهم الانتخابية  وعرقلة مشاريعهم السياسية والاعلامية , وتهديد وتخويف الناخبين من ممارسة حقهم الانتخابي والادلاء بأصواتهم ... الخ  ؛ والشيء بالشيء يذكر , فقد جمعتني احدى المناسبات الاجتماعية بأحد الاشخاص ورأيته يهدد ويتوعد كل من يحاول المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات القادمة ؛ قائلا : (( والله اي واحد يشارك الا انكسره بالتوثيه )) ولا أدري من يقصدهم بتهديده هذا ؛ فهل كان يقصد عائلته ام جيرانه ام جماعته او طائفته او الشعب بأكمله  ... ؟! 

والجمهور العراقي الواعي يتساءل كالعادة : الى متى نبقى ندور بنفس الدوامة ,  ونصرف الجهود والاوقات  في جدال صورة المرشح وضرورة حمايتها او مشروعية تمزيقها وحرقها ...؟!

انهم يريدون توريث  الحكومات المقبلة والاجيال العراقية اللاحقة ؛ بلدا خربا , و وضعا هشا , وخزينة خاوية ؛ بسبب هذه الجرائم والمؤامرات والاضطرابات التي تستنزف جهود المواطنين وثروات ومقدرات الوطن ؛  مما سيفرض على العراق والامة والاغلبية العراقية واقعا قاسيا ومؤلما وصعبا ؛ يعرقل جهود ابناء الامة والاغلبية العراقية في استعادة الاموال المنهوبة وتصحيح المسيرة السياسية المنكوسة واصلاح الاوضاع العامة المأساوية ودفع عجلة الديمقراطية نحو الامام ... ؛ لان  الناس عندما تصحو في  قابل الايام ؛ ويحاولون اصلاح ما افسده الانكليز والامريكان وعملائهم من الغرباء والدخلاء والانذال والخونة ؛  سيكتشفون أنهم في وطن يخلو من الطاقات البشرية المتعلمة وذات الاختصاصات العلمية المهمة والمهارات الصناعية والكفاءات الفنية الدقيقة ؛ ومن الثروات والخيرات والاموال ... ؛ وكذلك سيعرفون ان العراق قد خلى من الفاسدين والعملاء والمنكوسين ؛ لانهم هربوا من الوطن وبجعبتهم الاموال المسروقة وجوازات السفر الاجنبية  كما فعل العملاء من قبلهم , ويستمر الوضع على ما هو عليه الى ان يغير الله نفوس وعقول القوم فتتغير احوالهم نحو الافضل .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رياض سعد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/12/05



كتابة تعليق لموضوع : الانتخابات بين المعارضة الواعية ومنطق ( التوثيه والبلطجيه )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net