مفهوم الأرض المقدسة في القرآن الكريم (ح 2)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

كل مجموعة حلقات تنشر في أحد المواقع
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: و الآية التالية تبيّن واقعة دخول بني إسرائيل إلى الأرض المقدسة نقلا عن لسان نبيّهم موسى عليه السّلام فتقول: "يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ" (المائدة 21) و قد اختلف المفسّرون حول المراد بعبارة (الأرض المقدسة) الواردة في الآية، و حول موقعها الجغرافي من العالم. فيرى البعض أنّها أرض (بيت المقدس) حيث القدس الشريف، و آخرون يرون أنّها (أرض الشام) و فئة ثالثة ترى أنّها (الأردن و فلسطين) و جماعة أخرى تقول أنّها أرض (الطور). و لكن لا يستبعد أن يكون المراد من العبارة المذكورة كل أرض الشام التي تشمل جميع الاحتمالات الواردة، لأنّ هذه الأرض كما يشهد التاريخ تعتبر مهدا للأنبياء، و مهبطا للوحي، و محلا لظهور الأديان السماوية الكبرى، كما أنّها كانت لفترت طوال من التاريخ مركزا للتوحيد و عبادة اللّه الواحد الأحد، و نشر تعاليم الأنبياء ... لهذه الأسباب كلها سمّيت ب (الأرض المقدسة) مع أنّ هذا الاسم يطلق عن منطقة (بيت المقدس) بصورة خاصّة أحيانا (و قد بينا هذا الأمر في الجزء الأوّل من كتابنا هذا). و يستدل من جملة "كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ" إنّ اللّه قد قرر أن يعيش بنو إسرائيل في الأرض المقدسة بالرغد و الرخاء و الرفاه (شريطة أن يحموا هذا الأرض من دنس الشرك و الوثنية) و أن لا ينحرفوا (عن تعاليم الأنبياء) إن لم يلتزموا بهذا الأمر سيحيط بهم من قبل اللّه عذاب أليم شديد. و على هذا الأساس لا يوجد أيّ تناقض بين فشل جيل من بني إسرائيل الذين خوطبوا بهذه الآية في دخول الأرض المقدسة، و ابتلائهم بالتيه و الضياع لمدة أربعين عاما في الصحارى و القفار، حتى نجح الجيل التالي من بعدهم بدخول تلك الأرض، لا يوجد أيّ تناقض بين ما ذكر و بين جملة كتب الله عليكم لأنّ هذا التقدير الإلهي و القرار الرباني إنّما قيد بشروط لم ينفذها ذلك الجيل الأوّل من بني إسرائيل، و توضح هذا الأمر الآيات التالية. و قد واجه بنو إسرائيل دعوة موسى عليه السّلام للدخول إلى الأرض المقدسة مواجهة الضعفاء الجبناء الجهلاء، الذين يتمنون أن تتحقق لهم الانتصارات في ظل الصدف و المعاجز دون أن يبادروا بأنفسهم إلى بذل جهد في هذا المجال، و ردّ هؤلاء على طلب موسى عليه السّلام بقولهم كما تنقله الآية: "قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ" (المائدة 22).
على الرعية ان يتبعوا الحكمة وذلك بمساعدة الحاكم العادل والا فان الله يسلط عليهم غضبه كما حصل لقوم موسى كونه عليه السلام بمثابة الراعي الحاكم لهم بعد ان اعطاهم الملك ونجاهم من فرعون وجعل لهم الارض المقدسة ملكا لهم ولكنهم رفضو مجابهة الجبارين "يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ" (المائدة 21-22). جاء في كتاب القصص القرآني للسيد محمد باقر الحكيم: موسى مع بني إسرائيل: وتتوالى بعد ذلك الاحداث على موسى وإذا به يواجه المشاكل الداخلية منفردا مع قومه بني إسرائيل، فيسمع طلبهم وهم يمرون على قوم يعبدون الأصنام بأن يتخذ لهم أصناما يعبدونها كما أن لهؤلاء أصناما، ثم بعد ذلك يتفضل الله سبحانه على بني إسرائيل عندما استسقوا موسى، فيأمره بضرب الحجر فتتفجر منه العيون كما ينزل عليهم المن والسلوى ويبدلهم عنه ببعض المآكل الأخرى، ويواجه موسى ردة من بني إسرائيل عند ذهابه لميقات ربه لتلقي الشريعة في ألواح التوراة، فيخبره الله تعالى بعبادتهم للعجل الذي صنعه السامري، فيرجع "إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا" (طه 86) ويعتب بقسوة على أخيه هارون، حيث كان قد استخلفه عليهم مدة ذهابه، ويطرد السامري ويفرض عليه عقوبة المقاطعة، ويحرق العجل وينسفه، ثم يتوب الله على بني إسرائيل بعد أن فرض عليهم عقابا صارما. وعلى هذا المنوال يذكر لنا القرآن الكريم أحداثا مختلفة عن حياة موسى مع بني إسرائيل، كقضية البقرة ونتق الجبل والدعوة للدخول إلى الأرض المقدسة وذهابهم للمواعدة عندما طلبوا رؤية الله جهرة، وقصة قارون وتآمره مع المنافقين على موسى، وفي بعض هذه الاحداث لا نجد القرآن الكريم يحدد المتقدم منها على الاحداث الأخرى بشكل واضح.
جاء في موقع براثا عن مجلس حسيني انحراف المجتمع وعقوبة السماء للشيخ عبد الحافظ البغدادي: ما الذي فعله بنو إسرائيل بعد عبورهم خليج السويس يعني البحر الاحمر ونجاتهم من فرعون؟ يقول احد الكتاب الاسلاميين قرات كثيرا عن شعوب متعددة ما رأيت أعجب من بني إسرائيل قوم يقف العقل أمامهم حائراً. ما الذي فعله بنو إسرائيل بعد عبورهم خليج السويس ونجاتهم من فرعون ؟. وما هي الانحرافات التي حكم الله عليهم بالتيه؟ بعدما نجى الله موسى عليه السلام وبني إسرائيل بمعجزة انفلاق البحر لهم فعبروا ثم انطبق على فرعون ومن معه انطلق موسى ببني إسرائيل في سيناء متجهاً لبيت المقدس وهم في الطريق رأوا أناس يعبدون الأصنام ,وبعدما أراهم الله المعجزات بدأت بالعصا واليد البيضاء وانتهت بإغراق فرعون بعد كل هذا يطلبون من موسى أن يصنع لهم صنما ليعبدوه كما يفعل هؤلاء فيتعجب موسى وينهاهم عن هذا الكفر ثم يكمل بهم المسير . **أثناء مسيرهم جاءه التكليف بأن يتجه موسى وقومه إلى جبل الطور ليتلقي التوراة والتعاليم التي سيتبعونها . لما عرض الامر عليهم تكاسلوا من اكمال المسير , فسبقهم وأمرهم أن يلحقوا به ولكنهم خالفوه وقرروا أن ينتظروا مكانهم حتى يعود إليهم .لما ذهب موسى والتقى بربه وأعطاه الألواح حجارة عليها تعاليم لبنى إسرائيل '' التوراة '' وظل موسى أربعين يوماً في ذلك اللقاء طلب موسى من ربه أن يتجلى له لينظر إليه فكان رد الله لن تحتمل رؤيتي ولكن انظر للجبل ماذا سيحدث له فتجلى نور الله للجبل فدك الجبل ونسف فصعق موسى من المشهد. انتهى اللقاء الذي استمر أربعين يوماً عاد موسى لقومه ليجد مصيبة جديدة. ماذا فعل بنو إسرائيل في غياب موسى عندما خرج بنو إسرائيل من مصر. كان معهم ذهبا حملوه اثناء هروبهم ويقال انه كان استعارة دين جاء رجل يسمى السامري أخذ الذهب وصنع لهم اله على شكل عجل له خوار صوتا كلما دخل الهواء من فتحات صنعها له وما أن رأى بني إسرائيل العجل حتى انبهروا وقالوا هذا إلهنا وبدأوا يعبدون العجل وهارون يحاول منعهم ولكنهم هددوه بالقتل إن لم يتوقف عن نهيهم. لماذا صدق بنو اسرائيل السامري خاصة انهم عاشوا تجارب الظلم وكيف كشف الله ظلمهم بعد سنوات من الدعاء والاخلاص لله , ورأوا المعاجز كلها ثم يرجعون لعبادة العجل؟ هذا الامر يحتاج الى بحث خاص. لو تتبعنا تاريخ الامم لوجدناهم لكل شعب وكل امة في اي زمان اله يعبدونه سواء شمس او قمر او صنم او بقرة وغيرها من الالهة .فاستغل السامري الترسباب الثقافية التي ترسخت في اذهان الامة الميتة التي لا تعرف ان تحرر نفسها من الالهة المزيفة .لذلك اثناء خروج بني اسرائيل ومعهم موسى وجدوا قوما يعبدون الاصنام , حنت قلوبهم للأصنام وطلبوا ان يجعل لهم صنما , هم بالاساس يعرفون ان الله موجود (يصلون ويصومون وهم مهاجرين في سبيل الله) ولكن الصنم مطبوع في قلوبهم , في تلك الاجواء يستغل من في نفسه كفاءة قيادة الجهلاء فيصنع لهم صنما يعبدونه..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat