كما ان هنا مغتصبين للحقوق والحريات، هناك مغتصبوا السياسة، وهم اخطر من غيرهم لان بوجودهم وكثرتهم تهدم الأسس والاعمدة التي يقف عليها اي بلد، فالسياسي ينقل بالاغتصاب القوة بين يديه، لإنه يملك ادوات الاغتصاب، ميليشية عسكرية او عصابة مثلا، او دعم خارجي محسوس وغير مرئي، كالاحزاب المؤتمرة بالسعودية، وقطر، وايران، وتركيا، واخيرا اميركا... السياسي العراقي على وجه التحديد يغتصب ويُغتصب يأخذ ما لغيره، ويؤخذ منه ما له، نظرا لطبيعة القوة التي يتمتع بها، وهذه القوة لا يفرزها المنصب بل طبيعة الخلاف وكثرته، فتارة يكون التيار الصدري وتارة التحالف الكردستاني ودولة القانون تارة اخرى، الادوار تتوزع نظرا لطبيعة الخلاف وحجمه.
كل هؤلاء المغتصبون يعادون انظمة الحكم، لا يسلم أي نظام حكم من الخلاف كما لا تسلم اي علاقة وان امتد تاريخها من العداوة وهذه سياسة معهودة لا خلاف عليها، لكنها في العراق يكون الاساس الوحيد الذي تقوم عليه هذه الخلافات هو الاغتصاب، أعطي القليل لأخذ الكثير، او لا اعطي شيئا واخذ اشياء، ولانها تبادل ادوار وكل حزب يأخذ حصته من الاهمية كما بينا، فلا وجود للنظام الأمثل ولن يكون... احد الزعماء قال بانه وكتلته ليس مع سحب الثقة ولكنه يمارس محاولات للضغط على رئيس الوزراء! والحقيقة انها محاولات لاغتصاب حقوق ليست له ولا من حقه، على حساب الاخرين، فمركزه وقوته اليوم، فرصة ليفرض ما يريد ويأخذ ما يشاء لانها قد تتحول ضعفا في المرحلة القادمة فتعكس المسألة.
اذن القوة، هي الزناد الذي يقدح شرارة الاغتصاب، ليكون لاعبا يجلس بمركزية على الطاولة ينظر اوراق الغير ويخفي عنهم اوراقه، ابسط مثال، عندما يصطف خصمين لدودين يعرف كل منهما الاخر ويحذر بعضهما بعضا، ليكشفا عورات الاخرين في الوقت الذي يغطي المصطفين المتحالفين عورات بعضهم بايادي معكوسة لانها الطريقة الوحيدة للاطمئنان ان تكشف كشفت وان تستر سترت، كما حصل قي جلسة اربيل الثانية والنجف، وما يسبق جلسة استجواب نوري المالكي، بالاخص تصريح النائب حيدر الملا الناطق باسم القائمة العراقية بعد ان ارخى التيار الصدري اليد ليكشف جزء من عورة القائمة العراقية، اتهم الملا الصدر سريعا وبدون انتظار بان السيد مقتدى تتلاعب به ايران، وانه لا يستقر على عهد...
من ادوات الاغتصاب الاخرى، الاعلام، اذ قرأت لبعض الاقلام الوقوف مع المخالف والمعارض على طول الخط فالاعلامي المخالف للمالكي اليوم لان الاخير رئيس مجلس وزراء وصاحب قرار، فلا يتعب الكاتب نفسه مشقة البحث في ان الرئيس يستحق الوقوف والتضامن والدعم، ام لا، لانه يعتقد ان من واجبه نقد السلطة لمجرد انها سلطة، وهذا يزيد من رصيد المغتصب ويضفي عليه الشرعية...ولا يهمه نجاح السلطة لانه سيقول نقدي وكتابتي قومتها، كما لا يهمه فشلها –السلطة- لانه سيقول انا عارضتها ورؤيتي ثاقبة، فليس من الممكن ان يتذكر اصحاب الرأي من هؤلاء المنجزات، وان قلت، لانه ان لم يخالف لم يُعرف وسيشار اليه في حال فشلت السلطة انه من وعاظها ومبوقيها، لذلك صار بديهيا ان تعرف هؤلاء الكتاب من اسماؤهم ماذا يريد القول مسبقا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat