*(متى نرفع الرايات وأين!!)* *تنافسوا إنها عاشوراء القرآن*
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي

إنَّ مراسم رفع الراية الحمراء مع إطلالة شهر المحرم، هي دعوة لاستعداد المؤمنين في التأسِّي برسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" والأئمة "عليهم السلام،"وإقامة مجالس العزاء على ما أصاب سيد الشهداء الإمام الحسين "عليه السلام" يوم عاشوراء، في طف كربلاء، إنها رايات تدعو المؤمنين المتمسكين بتعاليم الشريعة المقدسة إلى التمسُّك بنهج تلك النهضة المقدسة، نهضة الإباء والخلود، والعز والكرامة، والدفاع عن الشريعة ..
*-١-*
لقد جسَّد الإمام الحسين "عليه السلام" مبادىء الحق من خلال تلك الكلمات العظيمة التي أطلقها في نهضته ضد الباطل، فصرخ بوجه الطغاة : ((لا، واللهِ لا أعطيكُمْ بيدِيْ إعطاءَ الذليلِ، ولا أقِرُّ لكُمْ إقرارَ العبيدِ))، فلن يعطيهم يده لأنه ربيب القرآن وناشر لوائه، ويعلم أنَّ العزة لا تليق إلا بمن قال الله تعالى فيهم: ((وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)) .. فهذا هو العز والإباء الذي أراد أنْ يعلِّمَه سيد الشهداء، ويرفع رايته يوم عاشوراء ..
*-٢-*
ثم قال "عليه السلام" عندما طلبوا منه أنْ يبايعهم، فأكَّد له أطراف تلك البيعة، وحقيقة الحاكم الذي يجب مبايعته: ((إنَّا أهلُ بيتِ النبوةِ، ومعدِنِ الرسالةِ، ومختَلَفِ الملائكةِ، وبنا فتحَ اللهُ، وبنا ختمَ اللهُ، ويزيدُ رجلٌ فاسِقٌ شارِبُ الخمرِ، قاتِلُ النفسِ المحرَّمَةِ، معلِنٌ بالفسقِ، ومثلي لا يبايعُ مثلَهُ)) فلن يرضى مبايعة هؤلاء لأنه ربيب القرآن ويعلم أنَّ حقيقة البيعة وآثارها وأبعاده حيث قال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)) نعم يا ابن رسول الله فَمِثْلُكَ لا يبايعُ مِثْلَهُ يأبى الله لكم ذلك، فهذا هو الشموخ بوجه الطغاة وتصحيح مسار الأمة، إنْ أرادت صلاحها الذي أراد أنْ يعلِّمَه سيد الشهداء، ويرفع رايته يوم عاشوراء ..
*-٣-*
ثم قال "عليه السلام" في بيان أهداف نهضته الخالدة، وبيان أصولها وحدودها وغاياتها؛ لئلا يبقى لذي عذرٍ عذرًا: ((إنِّي لَمْ أخرجْ أشِرًا، ولا بَطِرًا، ولا مفسِدًا، ولا ظالِمًا، وإنَّما خرجتُ لطلبِ الإصلاحِ في أمَّةِ جَدِّي "صلى الله عليه وآله" أريدُ أنْ آمرَ بالمعروفِ وأنهى عن المنكرِ، وأسيرَ بسيرةِ جَدِّي وأبِي عليٍّ)) فخرج من أجل إصلاح الأمة، وبذل كُلِّ شيء من أجله؛ لأنه ربيب القرآن الذي ينادي في الأمة آناء الليل وأطراف النهار: ((وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) فهذه هي الأمة التي يريد أنْ يحققها بدمائه الزكيَّة ودماء أهل بيته وأصحابه؛ لتكون خير أمة بأغلى ما قدَّمت لا بمجرد شعارات ونداءات، فهذا هو الإصلاح الحقيقي الذي أراد أنْ يخطَّ معالمه سيد الشهداء، ويرفع رايته يوم عاشوراء ..
*-٤-*
ثم قال "عليه السلام" في بيان حقيقة ما تخافه الناس على أنفسهم من الموت؛ ليؤكِّد لهم فلسفة الموت وحقيقته لأمثاله من المصلحين والثائرين، والسائرين على منهج الحق: ((خُطَّ الموتُ على وُلْدِ آدمَ مَخَطَّ القِلادَةِ على جِيْدِ الفتاةِ ، ومَا أولَهَني إلى اشتياقِ أسلافِي، اشتياقَ يعقوبِ إلى يوسفَ، وَخِيْرَ لي مصرعٌ أنا لاقِيْهِ)) فخرج وهو يبحث عن ذلك الوسام العظيم الذي أعده الله لخاصة أوليائه وهو (الشهادة)؛ لأنه ربيب القرآن الذي ينادي بالأمة الغافلة عن حقيقة لقائه، وشرف ذلك اللقاء ومقامه، ويبيِّن أنَّ الحياة العظيمة إنما هي حياة الشهداء، الذين تبدأ بقتلهم أنفسهم في سبيل الله تعالى كرامة لدينه ومقدساته: ((وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)) فهذه هي حقيقتهم، وهل يصدِّق أحدٌ أنَّ شهداء كربلاء قد ماتوا وانتهى ذِكْرُهم، فهذه هي الحقيقة التي يغفل عنها كثيرون لغرقهم في لذَّات الدنيا وشهواتها التي أراد أنْ يخطَّ معالمها سيد الشهداء، ويرفع رايتها يوم عاشوراء ..
*-٥-*
ثم وقف الإمام الحسين "عليه السلام" ليبيِّن للأمة آثار نهضته على مَرِّ التاريخ، وما ستفعله تلك الدماء في كربلاء، وما كرامتها وجائزتها فنادى بهم جميعًا: ((مَنْ لَحِقَ بي منكُمُ استُشْهِدَ، ومَنْ تخلَّف لم يبلُغْ مبلغَ الفتحِ)) يتحدث عن الشهادة والفتح، يتحدث عن الموت والخلود، يتحدث عن البقاء والفناء، يدعوهم إلى أنْ يقدِّموا أنفسهم قربانًا لله؛ ليحصلوا على كرامة الله؛ لأنه ربيب القرآن الذي رغَّب المؤمنين بهذه التجارة التي لا تبور: ((إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ
وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) فما أعظمها من تجارة!! وما أعظمه من فتح!! إذ تخشع القلوب لذكر الحسين .. وتلهج الألسن لبيك يا حسين .. وتبكي العيون لما ناله الحسين .. وتقف الأنام تطأطىء على قبر الحسين .. وكُلٌّ ينادي بأبي أنت وأمي يا حسين، فهذا حقيقة الفتح الإلهي الذي أراد أنْ يخطَّ معالمها سيد الشهداء، ويرفع رايتها يوم عاشوراء ..
*أخيرًا* ..
لقد رفع الحسين يوم عاشوراء راية مبادىء القرآن بتضحياته من أجل المقدسات .. وعليكم أيها المسلمون أنْ ترفعوا ذلك عند صرختكم لا إله إلا الله .. أو عند صرختكم لبيك يا حسين .. فسارعوا إلى رفع الرايات، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون .. سلام واعتذار
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat