يحبّ سمير مدرسته، ومعلميه ، فهو تلميذ مجتهد وذكيّ ،.يؤدي واجباته المدرسية في كلّ يوم ،وكان طريقه المؤدي إلى المدرسة ، يخترق بستاناَ فيه أنهار صغيرة ، ونخيل ، وأشجار كثيرة، تبدو نشيطة ، وهي تستقبل يومها الجديد .
كان سمير وهو في طريقه إلى المدرسة، لا يشغل نفسه بشيء، لكيلا يتأخر عن الدوام ، ولكنّه عند عودته، يتأمل شجرة واحدة من بين الأشجار، أحبّها كثيرا ، شجرة أوراقها خضر، وزهورها صفر ذهبية ، وتوجه بالدعاء لله سبحانه وتعالى ،أن تثمر هذه الشجرة ،ليرى الثمرة، ويعرف حجمها ، ولونها ،ويتذّوق طعمها، فالشجرة جميلة، وشكلها يبعث الراحة والطمأنينة، أماّ ظلالها فبريئة هادئة.
على الرغم من إحساسه بالجوع في هذا اليوم ،إلا أنه أصرّ على أن يتأملها ، ويتمتّع بحركة أغصانها وقبل أن يودّعها ، ويغادر المكان ،انتقى منها بعض الأوراق المتساقطة، وبعض الأزهار، واحتفظ بها بين صفحات كتبه .
سار إلى البيت ،بخطوات واسعة، وهو فرح بما احتفظ به ، أسرع في مشيته، فأمه تنتظره ، وتقلق عليه إذا تأخر كثيرا، حتى وصل إلى البيت ، فقالت له أمه :-
- لقد تأخرت يا ولدي سمير، وكنتُ قلقة عليك ، وأفكّر فيك ، ما السبب ..؟
- ماما لقد وقفتُ قليلاً ،أتأمل أشجار البستان ،إنّها أشجار تبعث الراحة ،والطمأنينة في النفس.
– ولماذا تتأملها ....؟
- لأنّي أحبّ الطبيعة ،حرة ،رخيّة ،هادئة ، وقلتُ لك أنّها جميلة وتبعث الراحة في النفس
- يا ولدي لا تتأخر كثيرا ، فأمّك تحبّك كثيرا ، وتخاف عليك ، حتى من الرياح الشديدة
- حسناً.. حسنا ، يا ماما، لن أتأخّر كثيرا ،لكنني- يا ماما- جائع الآن ، جائع جدا
قامت أمه بسرعة ،لإحضار الغداء، فقال له أبوه :-
- أنت- يا ولدي- تنظر إلى الأشجار والأنهار، وتحبّ الأرض الجميلة، أتريد أن تصبح شاعرا ..؟
- ربمّا ،وأتمنى أن أكون كذلك ...! ( تهلل وجه الأب ) وقال :-
- إن شاء الله ، كما تحبّ ،وكما تريد ، والتوفيق من رب العالمين ،أتمنى لك كل الخير والتقدّم
نظر سمير إلى أبيه ، وبابتسامة عريضة ، نقيّة ،قال : يا أبي العزيز ، أتسمح لي بسؤال ...؟
- تفضل يا بني أسأل ، أيّ سؤال ، وٍسأجيب عليه بأذن الله تعالى .
- يا أبي العزيز، ما هذه الشجرة التي أوراقها خضر ، وزهورها صفر ذهبية ،ولكنّها لا تثمر ، فقد راقبتها كثيراً ، وطويلا ، ثمّ أخرج سمير من بين طيّات كتبه ، بعض الأزهار، وقدّمها إلى أبيه وهو يقول
- تفضل يا أبي، انظر إليها ، انظر اليها كثيرا ، لتعرفها جيّدا .
ابتسم الأب، نظر إلى الأزهار ، وقال :- هذه ،يا ولدي ، شجرة لا تثمر، واسمها شجرة الصفصاف
- ما فائدتها يا أبي ...؟
- لها فوائد كثيرة ، فهي من أشجار الزينة ،وهي تلطف الجو ،وتقلل من شدة حرارته ،وتخفف من شدة الرياح، وتجعل وجه الطبيعة جميلا ،وتعدّ بيتا ومأوى للطيور والعصافير ، بمختلف أنواعها
- شكرا يا أبي على هذه المعلومات، سأكتب قصة عنها .
دخلت الأم حاملة طبق الغداء ، وقالت وهي مستبشرة – معذرة من التأخير و( وضعت الطعام على المنضدة) وقالت تفضل يا أبا سمير، ويا ولدي سمير تفضّل -
- شكرا لك يا ماما، ثمّ بدأ الجميع بتناول الطعام ،بألفة ومحبة وسرور
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat