شقشقة .. هل للولاء حدود ؟!
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي

كنتُ واقفًا في ساعة من ساعات الانتظار في صحن الإمامين الكاظمين (عليهما السلام) من جهة باب المراد وأنا أتأمل في هؤلاء الزائرين القادمين بالتعزية في شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السلام) وقد رأيت هذا المنظر الملكوتي حيث هذه المرأة الكبيرة التي يبلغ عمرها أكثر من ثمانين عامًا وحالتها المرضية الخاصة، وفي خدمتها هذه المرأة والرجل يتعاونان على تحقيق غايتها، وهو الوصول إلى هذه البقاع المقدسة للتشرُّف بها، فتابعت الحدث لدقائق معدودات وهذه المرأة تحاول حمل العجوز لوضعها في العربة، وهي تحملها ولا يمكنها ذلك فترجعها إلى الأرض ثانية، وتحاول مرة أخرى، فطلبتُ من المصوِّر الذي بجانبي أنْ يوثِّق -بسرعة خاطفة- هذا الموقف العظيم الذي أدهشني فاستجاب مشكورًا ..
*وقفت متأمِّلًا وأسأل النفس أسئلة معدودة منها*:
-✍🏻 ماذا قدَّم آل محمد (صلوات الله عليهم) للبشرية فكان لهم هذا المقام العظيم الذي تتنوع علاقات الناس بهم، فمنها العقدية، والعاطفية، والإنسانية، والملكوتية وغيرها؟!
-✍🏻 ما السر الذي يجعل هذه المرأة الكبيرة أنْ تتحمل كُلَّ هذه المشقة من أجل الحضور إلى مراقدهم (عليهم السلام) وهي على هذا الحال، فهل هي العقيدة والولاء؟! أم العاطفة والسراء والضراء؟!
-✍🏻 كم تحمَّلت هذه المرأة من معاناة مختلفة لأجل الوصول فمن تهيئة حاجاتها الخاصة، إلى حملها في العربة، ثم حملها من العربة إلى السيارة، ثم إنزالها من السيارة إلى العربة، ثم مرورًا بالشوارع والتفتيش ووو ثم إنزالها على الأرض لتستريح، ثم صبرها وحلمها حتى تؤدي الزيارة، ثم حملها بمشقة لتعود من سفرتها بالرنامج نفسه، وبالمشقة نفسها؟!
-✍🏻 ما هذا التفاني في الولاء!! أو الحب!! أو الصبر!! أو الشجاعة المعنوية!! أو الشدة في الله!! أو بر الوالدين!! أو صلة الرحم لتلك المرأة المرافقة لها!! وهي تبذل كل جهدها لأجل خدمة هذه المرأة المجاهدة؟! فأيهما أعظم ولاءً!! وجهادًا!! ومحبةً!! وصبرًا!! ورضًا!! وتسليمًا!! وتثبيتًا للموقف المشهود!!
-✍🏻 ما حال هذه المرأة وهي يحملونها من أجل جزء من شؤونها بعد تلك القوة التي كانت عليها يومًا من الأيام؟! ما الكلمات التي تتمتم بها شفتاها فهل هو الدعاء!! أو التسبيح!! أو الذكر!! أو الشكر!! أو الصلوات!! أم إنه دعاء بالتوفيق والتسديد لتلك التي تقوم بخدمتها وهي لا يمكنها أنْ تعبِّر لها إلا بذلك!!
*أخيرًا* ..
كم من درس نتعلمه من هذه المواقف التي يجب علينا أنْ نراها بحقيقة كُلِّ الجوارح!! ونتأمَّل في نعمة الولاء والعقيدة وما يجب علينا تجاههما!! وأنْ ناخذ الدروس والعِبَر قبل فوات الأوان!!
إنه العمر الذي إنْ مضى لن يعود!!
بل إنه درس بليغ للشباب من الذكور والإناث عن أهمية العقيدة والولاء في بناء الشخصية وتربيتها، حتى يصل الإنسان إلى مقام يكون قدوة للآخرين بكلامه، وبصمته، وبعلمه، وبعمله، وبحركته في المجتمع .. اللهُمَّ قَوِّ على خدمتِكَ جَوارِحي ..
دعاء وسلام 💐
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat