صفحة الكاتب : صفاء ابراهيم

من اين اتي لكم بشريعتي؟؟؟
صفاء ابراهيم

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الدكتور علي شريعتي رجل دين ايراني واصلاحي بارز كان من اهم مؤيدي ومناصري السيد الخميني في ثورة الشعب الايراني ضد نظام الشاه في عام 1979
ولان هذا الرجل ليس من طلاب السلطة ولا من الراغبين بالثروة ولا من الساعين وراء النفوذ والشهرة فقد انكفأ بعد انتصار الثورة الاسلامية الى مسجده الصغير في احد افقر احياء العاصمة طهران وعاد الى ممارسة المهمات التي يؤمن ان الله قد خلقه من اجلها الا وهي الوعظ والارشاد واصلاح الشباب من خلال ابداء النصح لهم وحثهم على التمسك بالقيم الدينيه الاصيلة واالاخلاق الاسلاميه الرفيعه بما يحقق لهم خير الدنيا والاخرة
كان شريعتي من رجال الله حقا, كان لايخاف في الله لومة لائم وكان يعمل ابتغاء وجه الله فقط , لايزيده كثرة من يوالونه غرورا ولا يزيده كثرة من يعادونه خوفا وخشية وكان بحق( اباذر) زمانه
كان الرجل ذا خلفية علمية مرموقه وثقافية عقائدية لا بأس بها وكان ذا روحية ثورية مناضلة وكان مع هذا اصلاحيا  متنورا من طراز فريد
ومن وسط كل الفوضى التي اعقبت انهيار عرش الطاووس  وعملية بناء النظام الجديد وما صاحبها من اراقة للدماء واضطرابات واتهامات وخلافات
ومع كل ذلك التنافس المرير على السلطة بين جناحي الثورة الاسلاميه الفتيه وهما الاصلاحيون والراديكاليون المحافظون كان علي شريعتي صاحب مبادىء عظيمة وافكر متحرره وكان قد بدأ بنشر كتبه ومؤلفاته واخذ عدد انصاره ومريديه بالازدياد بسرعه فائقه . واستقطبت افكاره الافا من الشباب واليافعين ممن بدأوا للتو يتعرفون على الاسلام بوجهه الناصع الابيض بعد سنوات طويلة من القمع الشاهنشاهي الذي حاول جاهدا عزل ايران عن محيطها الاسلامي  وقطع كل امتداداتها الطبيعية التي تربطها بالعرب والمسلمين
افكار الدكتور شريعتي التي تدعو للاسلام الحقيقي لا اسلام السلاطين والتشيع الحقيقي لا تشيع النفعيين والانتهازيين صار ينظراليها باعتبارها مصدر خطر كبير
ويكفي ان نقرأ صفحات من كتابه الموسوم(التشيع العلوي والتشيع الصفوي) لنعرف اي خطر كبير كانت تشكله افكاره الجريئه تجاه الاضافات التي اضيفت لاحقا للاسلام عموما وللتشيع خصوصا
 
الدكتور علي شريعتي كان برأي مناوئيه خطرا يجب القضاء عليه بأي ثمن ولهذا تم اسكاته ببضع رصاصات تلقاها بباب مسجده الصغير في وسط طهران القديمه عندما كان خارجا من الصلاة
والذي يهمنا الان من سيرته رحمه الله انه كان ذا علاقة خاصة بالحسين(ع) وبثورته المباركه
كان يرى ويثقف مريديه واتباعه ان الجانب الثوري الرافض للظلم والمعادي للظالمين هو ما يجب ان يتم التركيز عليه ودراسته والتاكيد عليه والتعمق بشانه وليس الجانب العاطفي البكائي فقط
كان يرى ان الحسين(ع) كان رمزا للمقاومة على مر العصور, كان رمزا للتضحية من اجل المبدأ , ولهذا فان من يتشدقون بحبه وتباهون به عليهم ان يقتدوا به اولا
كان يرى ان السلاطين الذين استغلوا قضية الامام الحسين لتوطيد حكمهم الجائرعبر استغفال البسطاء بالشعارات والشعائر اكثر خطرا على القضية الحسينية من السلاطين الذين جاهروا بعداءهم للحسين وقضيته
كان يشرح للشباب ان الحسين لم ينته وجوده الروحي المعنوي باستشهاده في طف كربلاء في ذلك اليوم الرهيب وان  اعدائه ليسوا بنو اميه فحسب بل ان الحسين(ع) حي ما بقيت الدهور وان ثورته موجهة لكل ظالم في اي عصر من العصور كان او يكون وان من يحب الحسين(ع) ويواليه ويتبرأ من اعدائه فعليه ان يكون مثله رافضا للظلم ومناوئا للظالمين
استذكر الان جليا افكار الدكتور شريعتي رحمه الله ونحن على اعتاب طف كربلاء والثورة الحسينيه الخالدة التي مازادها توالي الدهور الا اشراقا وتألقا
يقول ابن ابي الحديد المعتزلي في شرح النهج ان الحسين بن علي هو سيد اهل الاباء بلا منازع لانه علم الناس بتضحيته بروحه الشريفه ومن معه من ال بيته واصحابه ان الموت تحت ظلال السيوف احلى واقر للعين من الاقرار على الذل والمهانه
في هذه الايام نستذكر الموقف والعبرة
لم يقتل الحسين صبرا بل قتل حرا وقائم سيفه في يده , لم يكره على الموت بل ذهب اليه مبتسما منشرح الصدر, خيروه بين الخضوع لحكم الطاغية او الموت فاختار احلاهما على قلبه وقال(لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا افر فرار العبيد)
الحسين بن علي(ع) كان مصداق قوله تعالى(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد) وكان اخر ما سمع منه يحرك به شفتيه ( صبرا على قضائك يارب , ياغياث المستغيثين لا معبود سواك)
يقول احد اعدائه: لم ار مكثورا قط قد قتل ولده واهل بيته اربط منه جأشا ولا امضى جنانا ولقد كانت الرجال تحمل على مخيمه فيشد فيهم فلا يثبت له احد فلا يلحق احدا الا بعجه بسيفه
لله در المتنبي حيث يقول:
كلما كانت النفوس كبارا                  تعبت في مرادها الاجساد
اي نفس كبيرة يحملها سيد الشهداء؟واي روح عظيمة انطوت عليها جوانح صدره الشريف؟
قد يثير العجب ان الظلمة وعلى مر العصور كانوا يتطاولون على مرقده الشريف ويحاولون محو ذكره واخفاء نوره ويتناولون محبيه وزائريه وعشاقه بانواع المحن والبلايا لكن العجب والاستغراب سيزول اذا وضعنا في حسباننا ان الحسين(ع) هو صرخه في وجه كل ظالم والى ان يرث الله الارض ومن عليها وانه سلام الله عليه يشعرهم بنقصهم وضعتهم ويستصرخ الثائرين للثورة بوجوههم
الحسين صرخه بوجه كل ظالم وثورته العظيمة ملحمة متكامله ادى كل من شارك فيها دوره المرسوم بكل دقة واتقان وكان الدور الاكبر فيها لسيد الشهداءسلام الله عليه فكيف لنا ان نستذكر الثورة العظيمة واي معان يجب علينا ان نستلهم منها؟
يقول الامام الصادق (ع)( رحم الله من احيا امرنا) فكيف نحيي امر ابي عبدالله وامر الثورة الحسينية المباركه؟ كيف يكون التعبير عن الولاء للحسين ؟ وكيف تكون احزان عاشوراء وسيلة لتاكيد الولاء؟
يقول الجواهري العظيم في عينيته العصماء:
وحزنا عليك بحبس النفوس               على نهجك النير المهيع
اليست هذه وسيله رائعة لتاكيد الولاء وللتعبيرعن الحزن في ان معا؟ اليس السير على نهج الحسين هو اصدق مظاهر التعبير عن الحب والولاء؟
الحسين هو خط الاسلام المحمدي , بل لولا الحسين وثورته لما ابقى الامويون من الاسلام شيئا نعرفه اذن اليس التمسك بالاسلام وقيمه ومبادءه والدفاع عنها وحمايتها واعتناقها فكرا وممارستها تطبيقا هي من اصدق تعبير الولاء للحسين ولثورة الحسين العظيمه؟
من قال ان طف كربلاء وذكراه هي مجرد بكائيات ونحيب وعويل  وسلوكيات خاطئه لاتمت للدين بصلة وطبخ لاطايب الطعام وتعطيل للحياة واضرار بمعايش الناس واقتصاد البلد؟؟
 
الحزن على الحسين واستكار مصابه مع مابه من الثواب يجب ان يكون حزنا صادقا ومعبرا وذلك بالاهتداء بهديه والاقتداء بسيرته واتباع منهجه الرافض للظلم والمناوىء للظالمين
الشعائر الحسينيه يجب ان لا تخرج بنا الى ايتاء الامور التي تؤدي الى انتهاك المحرمات من قبيل ايذاء الجسد وتوهين المذهب
الشعائر الحسينيه لاتبيح تصوير واقعة الطف وتوضيحها بشكل تمثيلي او تشبيههي لا يتناسب مع عظمتها اولا يطابق احداثها او يقلل من احترام شخوصها  او يسيء اليهم
اطعام الطعام اكراما للزائرين او ايثارا للناس على محبة الحسين يجب ان يكون المقصود به وجه الله وليس التباهي او البهرجه لان هذا لا يرضي الحسين ويجب ان لايصاحبه سرف او تبذير او ضرر مادي لمن يتولاه والافضل ان يخص به ذوو الفاقة والفقر والحاجه من الضعفاء والارامل واليتامى لان هذا احب لقلب الحسين  وارضى لنفسه سلام الله عليه
اداء مراسيم الزيارة لمشهده الشريف اواداء بعض الشعائر المرتبطة بذلك يجب ان لا يتعارض اولا مع مبدأ حفظ النفس والابتعاد بها عن الضرر خصوصا في مثل هذه الظروف الامنية  السيئة التي يمر بها البلد وثانيا يجب ان لا يتسبب في انقطاع الدوام الرسمي او تعطل الاعمال او غلق الاسواق او قطع الطرق والشوارع او التجاوز على الارصفه والساحات لان هذا مما يسبب الضرر للناس ومما لا يرضي الحسين ايضا
 
واهم مافي الامر ان تكون مبادىء ثورة الامام الحسين في يومنا هذا وفي كل يوم وفي بلدنا هذا كل بلد فيه من يحب الحسين ويتولاه حافزا لنا لان نرفض الظلم ونعادي الظالمين وان تكون مقولته الخالده(هيهات منا الذله) شعارا لنا في كل حين
 
هذا هو جوهر ثورة الامام الحسين(ع) وهذه هي مبادؤها الحقيقيه التي ثقف لها الدكتور علي شريعتي وبعض المصلحين من قبله وهذا فقط هو مايرضي الله والحسين(ع)
هذا هو خط الحسين(ع) لمن احب الحسين واراد السير على خطاه
-----------------------------------------------------------------------------
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين و اصحاب الحسين 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صفاء ابراهيم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/15



كتابة تعليق لموضوع : من اين اتي لكم بشريعتي؟؟؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : علي حسين النجفي من : العراق ، بعنوان : معلومات خاطئة في 2010/12/15 .

الاخ كاتب المقال يدعونا لقراءة كتاب (التشيع العلوي والتشيع الصفوي)) للدكتور شريعتي لكنه نفسه لم يقرا الكتاب !! والدليل هو ان المعلومات التي ذكرها عن حياة الدكتور شريعتي بعد انتصار الثورة الاسلامية غير صحيحة ويبدو انها من خياله الواسع ولو كان قد قرا الكتاب فعلا للاطلع على نبذة عن حياة الدكتور شريعتي وتبين منها انه نوفي قبل الثورة الايرانية وكانت وفاته في لندن عام 1977 حسب ما جاء في الصفحة(س) من الكتاب المذكور /الطبعة الثانية /عام 2007/الناشر دار الامير للثقافة والعلوم!! فمن اين جاء الاخ الكاتب بمعلوماته عن انكفاء الدكتور شريعتي في مسجده الصغير في احد احياء طهران بعد انتصار الثورة الاسلامية؟؟
انصح الاخ الكاتب ان يراجع مصادره ويتوثق من معلوماته جيدا قبل النشر لان القراء لديهم مصادرهم ومعلوماتهم ولايمكن تمرير البيانات الخاطئة عليهم!!



• (2) - كتب : ماهر البصري من : العراق ، بعنوان : تصيحيح تاريخي في 2010/12/15 .

هذه حياة علي شريعتي
ولد علي بن محمد تقي شريعتي في “مزينان” وهي قرية من قرى سنروار في منطقة خراسان التي تقع على حافة الصحراء الكبرى المعروفة باسم “دشت كوير” سنة 1312هـش “هجري شمسي” ديسمبر سنة 1933م.
انضم إلى جناح الشباب في الجبهة الوطنية وهو لم يزل بعد صبياً ، انظم إلى حركة المقاومة التي أسسها آية الله زونجاني وآية الله طالقاني ومهدي بازركان ، وتخرج من الجامعة من كلية الآداب بدرجة الامتياز, في السنة التالية أُرسل في بعثة إلى فرنسا (سنة1959).
وفي فرنسا واصل نشاطه السياسي فأسس فرع أوروبا لحركة تحرير إيران التي أنشأها بازركان وطالقاني سنة (1961م) ، وشارك مشاركة فعالة في دعم الثورة الجزائرية.
وفي منتصف الستينات عاد شريعتي إلى إيران ، وعلى الحدود ألقي القبض عليه ثم أطلق سراحه بعد فترة ، عُيّن مدرساً بجامعة مشهد .
في سنة (1969) كانت “حسينية الإرشاد” قد افتتحت لكي تكون مركز إشعاع إسلامي ، ويركز فيها شريعتي كل نشاطه ملقياً محاضرات منتظمة عن الإسلام وتاريخ التشيع، ولا تجد السلطة بداً من إغلاق حسينية الإرشاد (سنة 1973) وتقوم بالقبض على
شريعتي ووالده ، ويبقى في السجن ثمانية عشر شهراً متعرضاً لصنوف العذاب، ويتدخل المسؤولون الجزائريون فيفرج عنه سنة (1975م) ، وتسمح له السلطة بالرحيل عن إيران في مايو سنة 1977 ، ويسافر إلى لندن ، وبعد شهر من إقامته في لندن يعثر عليه ميتاً ، ميتة غامضة تعلن عنها السلطة أنها نوبة قلبية .




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net