صفحة الكاتب : عمار كاظم

باب الدُّعاء مفتوح في كلّ الأوقات
عمار كاظم

الدُّعاء حاجة فطرية عند الإنسان؛ فرداً وجماعة، هو جزءٌ من الحياة؛ ومن دورتها، فنحن ندعو الله عزّوجلّ في الليل أو النهار، وفي أيِّة ساعةٍ نريد، ولا نحتاج إلى مقدِّماتٍ أو تمهيدٍ. والدُّعاء دائماً له هدف وغاية، ولا فرق بين حاجةٍ صغيرةٍ تطلبها، وترجو أن يحقِّقها الله لك، أو حاجة كبيرة. قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة/ 186).

عندما ترفع يديك وتدعو أو تتضرّع، أو تبتهل وتتوسّل؛ جهراً أو سرّاً، ففي كلّ الحالات، أنت تدقّ باب الله تعالى. إنّ الله لم يضع شروطاً مسبقةً ومواصفات محدّدة، أو دفتر شروط للدُّعاء، فالباب مفتوح ومتاح للجميع، فالمنافق بإمكانه أن يدعو كما يفعل المؤمن، والحريص أو البخيل يسأل الله كما يسأله الفقير والمسكين، وقد يطمع مَن هو على باطلٍ في زيادة منافعه، فيُدلي بدلوه في مواسم الدُّعاء.
الدُّعاء عبادة خالصة
إنّ الدُّعاء عبادة خالصة، ولو لم يكن فيها مصلحة للإنسان، ما فتح الله له هذا الباب من أبواب رحمته، لذلك دعانا إلى أن نسأله ونلجأ إليه سبحانه في الشدّة والرخاء، في الخوف والأمن، وفي العُسر واليُسر، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (تعرف الى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) وسائل الشيعة43/7 .
لا ينبغي لأحدٍ أن يتوهَّم أنّ الدُّعاء معناه أن تطلب من الله سبحانه حاجةً دنيوية يتعسِّر الحصول عليها، أو أن تطلب من الله أن يساعدك في الخروج من ضيق، أو عسرة أنت فيها.. هذا تصوّرٌ يمسخ مفهوم الدُّعاء، يحجِّمه. جوهر الدُّعاء أنّه عبادة كباقي العبادات، بل هو مخّ العبادة، كما ورد في الحديث، لكن من دون طقوسٍ ولا مواقيت.
قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): (إنّ أعجز الناس مَن عجز عن الدُّعاء)(روضة الواعظين/415). الدُّعاء سلاحاً، تربوي لإعادة صياغة علاقاتنا، وسلاحاً يواكب رحلتنا اليومية.
نحن نعيش مرحلةً من سماتها انتشار ظاهرة القلق، والإحباط، واليأس، والقنوط من أيّ تغيير ينقلنا إلى الأحسن، على أكثر من صعيد.
نستطيع بالدُّعاء الصادق استعادة الثقة بالله، والخروج من ظاهرة الإحباط والقلق، على مستوى الأفراد والجماعات. والملاحظ أنّ معظم الأدعية في القرآن الكريم جاءت بصيغة الجمع، وهي بمثابة دعوة صريحة لجعل هذا النوع من الدُّعاء سلوكاً عامّاً بين المسلمين، والنتيجة واضحة وبيِّنة ومعروفة: الدُّعاء يتحوّل إلى وسيلةٍ لشدِّ العُرى داخل المجتمع الإسلامي، باعتباره مجتمع تكافلٍ وتعاونٍ، وتحابب. فحين تزاوج في دعائك بين هموم الدُّنيا من حولك وهموم مجتمعك وهموم آخرتك، فهذا يعني أنّ بوصلتك لم تنحرف، فهدفك وجه الله، ولا وجه غيره، فإن دعوت، فمن موقع عبوديّتك وفقرك وحاجتك إلى رحمة الله ورأفته وحنانه. نعم؛ في ساحة الدُّعاء، نمارس عبوديّتنا بحرّية كاملة، وباختيار واعٍ، تدفع بروحك وصوتك في معارج ملكوت الله، فتصبح جزءاً من منظومة كونية تُسبّح الخالق وتمجّده.
الدعاء لله تعالى
الدُّعاء يعبِّر عن منتهى الشفافية والإخلاص لله تعالى، ويُبرز أصالة الإنسان ومدى ارتباطه بربِّه، وشعوره الروحي والإيماني الصادق بهذه العلاقة، لأنّ الدُّعاء في مفرداته وأبعاده يجدِّد روحية المؤمن، ويعمل على إبقاء جذوتها حيّة في مشاعره وأفكاره وحركته في الحياة. من هنا، فإنّ الدعاء وجه من وجوه الشُّكر لله، فإذا ما عشنا الرخاء والطمأنينة في أوضاعنا النفسية والمالية والاجتماعية وغيرها، فلابدّ وأن يبقى دعاؤنا لله حيّاً وحاضراً، وألا نعيش السهو والغفلة عن الله، ونركن إلى الطمأنينة، وننسى فضل الله علينا في السرّاء والضرّاء، فمن التأدّب مع الله أن نشكره على نِعَمه وألطافه، وأن نستحضره أيّام رخائنا وشدّتنا، ومن حقّه علينا أن ندعوه في كلّ حالاتنا. وأصدق حالات الدُّعاء، عندما يتوجّه المرء إلى الله، ولا يكون عليه أيّ شكل من أشكال الضغوطات، ويكون باله مرتاحاً، فيمارس الشُّكر لله من موقع الوعي والتقدير لواجباته تجاه خالقه.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عمار كاظم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/04/05



كتابة تعليق لموضوع : باب الدُّعاء مفتوح في كلّ الأوقات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net