صفحة الكاتب : رياض سعد

ضميرك أولى بالاتباع من حزبك
رياض سعد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ومما قاله السياسي اللبناني كمال جنبلاط الدرزي : (( إذا خُير أحدكم بين حزبه وضميره، فعليه أن يترك حزبه وأن يتبع ضميره، لأنّ الإنسان يمكن أن يعيش بلا حزب، لكنه لا يستطيع أن يحيا بلا ضمير )) .

الضمير الحي أو يقظة الضمير أو الوجدان – ( او الحظ والبخت كما يقول العراقيون ) – ... , ما شئت فعبر ؛ إحدى سمات الشخصية النبيلة والمحترمة , ويُعتبر الضمير مقياس ومعيار اخلاقي على ضوئه نميز بين الحق والباطل والحسن والقبيح والزين والشين ... ؛ لذلك جاء في الاثر المنسوب للنبي محمد قوله : ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ )) ؛ أي : اترك ما تشك في كونه حسنا أو قبيحا ، أو حقا أو باطلا – الريبة من الرَّيْبُ : بِمَعْنَى الْقَلَقِ وَالِاضْطِرَابِ - ... ؛ ( إلى ما لا يريبك ) أي : واعدل إلى ما لا شك فيه - بَلْ تَسْكُنُ إِلَيْهِ النَّفْسُ ، وَيَطْمَئِنُّ بِهِ الْقَلْبُ - ، يعني ما تيقنت حسنه و احقيته ... ، و بالمختصر المفيد ؛ معناه : إذا وجدت نفسك ترتاب في الشيء ، فاتركه ، فإن ضمير الانسان ووجدانه دليله الى الخير والحق ... ؛ وارتيابك من الشيء منبئ عن كونه مظنة للباطل والشر والقبح ، فاحذره ... ؛ وضمير الانسان : هو دليله للطريق الصحيح في الدنيا ، فالإنسان بدون ضمير ؛ يعد إنسان ميت بل عديم الشرف والانسانية وصدق من قال :

ليس من مات فاستراح بميْتٍ ××× إنما الميْتُ ميِّتُ الأحياء

و المعنى أن الذي لفظ أنفاسه ورحل عن العالم واستراح من الحياة الدنيا لا يعتبر ميْتًا، فالميْت حقًا هو ذلك الذي يعيش بين الناس مجرما ومخربا و سلبيا و باطلا و عاطلا بلا ضمير ولا وجدان وخاليا من المشاعر والاحاسيس الانسانية ، فلا أثر له في فعل الخير ولا فعالية ايجابية له في الحياة ... ؛ أو كأنه غير كائن ، فوجوده وعدمه سيّان... ؛ فعندما تحيي ضميرك تجد للوجود حياة من حولك ، أما إذا مات ضميرك، فإنه خبر وفاتك الحقيقي ... .

فالإنسان يحيا بضميره الحي ، وهو الذي يرشده للبعد عن الشر والانحراف والاقتراب من طريق الخير والحق , و هو الصوت الداخلي والذي يرشد صاحبه على فعل الحق وفعل الصواب في حياته ، وأن يقول الحق ويفعله مهما كلفه هذا من مشقة وتعب وظلم وخسارة ... ، بلى : الشخص الذي يتبع صوت وجدانه وضميره الحي يبقى مطمئن ومرتاح لأنه فعل ما يمليه عليه ضميره ؛ و بالتالي جنب نفسه الصراعات النفسية والقلق وتأنيب الضمير ... ؛ وان خسر بعض الامتيازات المادية والاعتبارات الاجتماعية الباطلة والمزيفة .

ومن مات ضميره ؛ مات قلبه ومات كل شيء جميل وايجابي في حياته ، فلا يذوق طعم الراحة والسكينة والسعادة ، إلا إذا عاد واستيقظ ضميره مرة أخرى ... ؛ وان ماتت ضمائر الناس فلا تستغرب ابدآ إذا رأيت الدنيا غابة ... ؛ فكل ما يطلبه الظلم للوجود ، هو نوم الضمائر وموتها ؛ وموت الضمير علامة على موت ايمان الشخص بالله والدين والاخلاق ... ؛ ومن يفقد الضمير يفقد القيم النبيلة والمثل السامية والانسانية ؛ بل ان من فقد الضمير ؛ فقد الأصل والانتماء والشرف .

ولا يوجد في الدنيا قوة تنافس قوة الضمير، فضميرك الحي هو سبب قوتك وانتصارك وسعادتك وراحتك واعتزازك بنفسك وثقتك بها ؛ وهو بوصلة النجاة في حياتك ؛ وهو الوسادة الناعمة التي يرتاح عليها الإنسان ويريح رأسه.

وعليه لو خير الانسان بين حزبه وضميره ؛ فعليه ان يختار صوت ضميره ويسير خلفه ؛ فمن يمشي وراء ضميره، يجد نفسه لا يخالف إنسانية ولا يخالف عقل ولا دين، فهو يكون في الطريق الصحيح ؛ اما الذي يخالف صوت الوجدان ويهمل هاتف الضمير ويسير كالأعمى خلف تعليمات حزبه حتى وان كانت مخالفة للوطنية والانسانية والقيم الاخلاقية بل و التي قد تدعو للخيانة والتخريب والتدمير والعمالة احيانا ؛ فأنه يمشي في طريق العار والخزي والهلاك ... ؛ والانسان الشريف والمواطن النبيل يستطيع ان يحيا بلا حزب الا انه لا يستطيع العيش من دون ضمير حي وكرامة .

فمن العار ان تجعل من نفسك امعة ؛ او عبدا مطيعا للأحزاب حتى وان امرتك بفعل الموبقات والجرائم والجرائر والخيانات والمؤامرات التي تستهدف الوطن او المواطن ؛ كما كان يفعل النازيون والفاشيون في اوربا ؛ و الطائفيون والقوميون و البعثيون والمنكوسون في العراق .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رياض سعد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/04/05



كتابة تعليق لموضوع : ضميرك أولى بالاتباع من حزبك
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net