صفحة الكاتب : شاكر عبد موسى الساعدي

العراق من جفاف الأهوار الى جفاف الأنهار
شاكر عبد موسى الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ما إن بدأت ملامح فصل الصيف تلوح في الأفق خلال عام/ 2023، حتى بدأ جرس أزمة المياه يدق في العراق، أذ بثت مقاطع فيديوية تم توثيقها لأجزاء من نهري دجلة والفرات، مشاعر الخوف والقلق بين العراقيين، لما يظهر فيها من جفاف مساحات شاسعة، وصل في بعض المناطق إلى حد ظهور قاع النهرين بشكل مجرد، تحديدا في محافظتي ميسان وذي قار جنوبي البلاد.

الأمر الذي أثار الفزع من تفاقم الأزمة خلال فصل الصيف باعتبار أن الأزمة المتكررة بدأت مبكرا خلال عام / 2023، في حين اعتبر مراقبون أن ما يحدث بمثابة جرس إنذار من خطر مقبل قد يكبّد البلاد خسائر فادحة في أراضيه الزراعية، وقد يولّد مشكلات اقتصادية ومناخية وبيئية خطيرة مستقبلا، لاسيما وأن أزمة شح المياه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، قد أَجبرت بعض سكان المناطق الوسطى والجنوبية على اللحاق بركب “هجرة المناخ”، حيث دفعت بعشرات القرى التي تقطنها شريحة واسعة من الفلاحين على النزوح إلى مناطق أخرى، أملا في مستقبل أكثر أمان.

صور متداولة أظهرت عبور مجموعة من المواطنين لنهر دجلة في محافظة ميسان(365كم جنوب شرق بغداد) سيرا على الأقدام وممارسة ألعاب رياضية في قاع النهر الذي ظهر بسبب موجة الجفاف، فيما رصد مواطنون تراجع منسوب مياه النهر إلى حدّ غير مسبوق، مع ترسب الأملاح والأتربة في قاعه. الأمر الذي دفع بوزارة الموارد المائية لتصدر تحذير من أن وضع البلاد بات على المحك، وأن الخزين المائي وصل إلى مراحل حرجة، حتى قبل بداية موسم الصيف.

أما في محافظة ذي قار(375كم جنوب بغداد ) ، فقد أظهر فيديو جفاف نهر دجلة وتحديدا من الجهة التي تربط قضاءين زراعيين ببعضهما، أذ وثّق المقطع ظهور دعامات الجسر الرابط بينهما.

ما يجدر ذكره ، إن العراق يعتمد على مياه الأنهر الآتية من دول الجوار وهي تركيا وإيران، لا سيما دجلة والفرات بنسبة 70 بالمئة، بينما تشكل مياه الأمطار حوالى 30 بالمئة من ثروته المائية، لكن منذ سنوات يعاني العراق من عدم تأمين حصصه المائية، فيما بدأت الأزمة تتفاقم أخيرا نتيجة ما باتت تُعرف بالـ “الحرب المائية” من قبل تلك الدول التي تبرر سلوكها بأن الجانب العراقي لم يشرّع في بناء السدود وتحديث طرق الري لضمان احتياجاته من المياه.

بحسب وزير الموارد المائية العراقي ، أن مياه دجلة والفرات كانت تأتي جميعها الى العراق ولكن بعد عام /1979 بدأت تركيا بإنشاء السدود وآخرها سد “اليسو” على نهر دجلة ما أدى الى انخفاض مياه النهرين، و بعد ثلاث مواسم من الجفاف قد أصبح العراق على شفا كارثة إنسانية، مبيّنا أن دول الجوار استمرت في فرض الأمر الواقع بإكمالها مشاريع السدود والأنفاق ونقل الماء إلى خارج أحواض الأنهر، فأصبح موقف العراق رهنا بقرارات هذه الدول، فمستقبلا ستكون هناك مقايضة رسمية للماء مقابل النفط.

إلى جانب كون العراق خامس أكثر دول العالم تضرراً من تبعات التغير المناخي بما فيها الجفاف، وأصبح في المرتبة الخامسة على مؤشر الجفاف العالمي, ومنذ العام 2019، فقد العراق قرابة 53 مليار متر مكعب من مخزونه المائي، وأصبحت كمية احتياطه المائي 7.5مليار متر مكعب فقط.

ويخلف هذا التراجع مشاكل بيئية عدة، منها :

تراجع المساحات المزروعة.
 فقدان الثروة الحيوانية .
انتشار الأمراض.
 تدهور وضع التربة وزيادة وتيرة العواصف الترابية.
وتشير الأرقام إلى أن التصحر أصاب قرابة 40  بالمائة من أراضي العراق الصالحة للزراعة، ما يهدد الأمن الغذائي والصحي والبيئي، ويدفع الآلاف لترك مدنهم وقراهم نحو مناطق أقل عطشاً.

يتطلب حل هذه المعضلة التي يعيشها العراق تنفيذ توصيات عدة ذات علاقة بترشيد استهلاك المياه، واتباع نظم زراعة وري حديثة والتوجه نحو محاصيل بديلة أقل استهلاكاً للماء، وتحديث قنوات نقل المياه ووقف التعديات عليها.

أعلى النموذج

 حضارة الماء في بلاد الرافدين تلفظ انفاسها الاخيرة

  يبكي كلكامش جاسم الأسدي بعد اختطافه

 مكانة العراق تتلاشى في عهده الجديد

 سيترك السومريون الزقورة , وحروفهم المسمارية ويهاجروا

 لن يجد (جاسم )  صديقه الوفي …مجبل بعد الان

و لن يجد (جافن يونغ ) ([1])  مضيف سيد سروط بين شباب القصب العالي

 سيحرف الريل طريقه بعيدا …تاركا انين حمد

 ستغير الطيور مسارها وتهجر العراق.


([1]) جافين ديفيد يونغ : ولد عام 1928 وتوفي عام 2001 صحفي وكاتب رحلات. ولد في بود ، كورنوال ، إنجلترا. صاحب كتاب العودة الى الاهوار  .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شاكر عبد موسى الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/04/01



كتابة تعليق لموضوع : العراق من جفاف الأهوار الى جفاف الأنهار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net