لقد قرأت الكثير من قصص الشعوب واطلعت على الكثير من تواريخها ولكني لم أجد معضلة أطول عمرا وأكثر تعقيدا من المعضلة العراقية التي أصبح يترتب عليها وعلى استمرارها وتفاقمها امن واستقرار دول الإقليم من الجهات الأربعة إلى حد تمترسها جميعا في خندق واحد إذا شعروا أن العراقيين قد اقتربوا من إيجاد الحلول 0
وإذا حاول أي متخصص رسم خارطة واضحة المعالم للازمة العراقية وتحديد مواطن الداء بدقة فانه سيجد نفسه أمام مهمة محفوفة بالمخاطر متعددة الأبعاد معقدة الجوانب 0
يحاول البعض من القدريين البسطاء تفسير ما يقع على رؤوس العراقيين من (بلاوي )عبر التاريخ بوجود لعنة من السماء لسبب ما على هذه البلاد ولعل اشد تلك اللعنات الموقع الجغرافي للعراق فهو محاط من الشرق والشمال والشمال الغربي بكل من تركيا وإيران وسوريا التي ترى في نجاح العراقيين في بناء عراق مدني ديمقراطي فدرالي موحد بمثابة انتحار سياسي لأنظمتها ودولها على حد سواء أما من جهة الجنوب فالحديث عن أمراء النفط وأولاد عبد العزيز أبطال ثقافة قطع الرؤوس بالمناشير لا يحتاج إلى أي دليل .
إن ما نراه اليوم من النعرات الطائفية والقتل على الهوية وإثارة العصبيات القبلية وتبديد الثروات وإثارة الفوضى والنهب والسرقة كلها من صنع هذه الدول مجتمعة أو متفرقة علما أن حكماء بني صهيون ليسوا بعيدين عن بعضها 0
هناك أسطورة يونانية تقول بان كبير الأرباب في السماء كان يحتفظ بحقيبة وضع فيها كافة الكنوز والأشياء الثمينة وفي يوم من الأيام وفي أثناء الظهيرة استسلم إلى ما يشبه النوم فسقطت تلك الحقيبة من حجره واتجهت نحو الأرض فكانت من نصيب العراق وهذه لعنة أخرى لان ثروات العراق ما عادت إلا وبالا على ابنائه0
لقد حاول العراق الإفلات مرتين من قبضة دول الإقليم والاتجاه إلى تشكيل مفهوم الأمة العراقية كانت الأولى بقيادة المرحوم نوري السعيد ومن خلفه كانت تقف بريطانيا العظمى ولكنها تخلت عنه في منتصف الطريق وذلك عندما قامت الدولة العبرية عام 1948 فكانت النتيجة القتل والسحل في الشوارع بقسوة ومن دون أية رحمة على يد أزلام كانت تحركهم الأصابع التركية , وأما الثانية فقد قادها المرحوم عبد الكريم قاسم الذي فاجأ الجميع بأنه يحاول تنفيذ ما كان نوري السعيد يفكر به ولكن بسرعة وعبر العمل الثوري فدارت عليه الدوائر وكانت النتيجة القتل وحرمان جسده حتى من القبر 0
وللمرة الثالثة يتعرض العراق ومنذ عام 2003 لمخاض جدي وحقيقي من اجل ولادة الهوية الوطنية المفقودة وهو مخاض صعب عسير مليء بالآلام والتحديات والمفاجآت , انظروا إلى السيد مسعود البرزاني وهو يمثل اكبر المستفيدين ويمثل اكبر الخارجين من الخسارة وهو يحاول وضع العصي في العجلات من اجل عرقلة المسيرة مستجيبا لهمس ونصائح دولة لا تخفى هويتها على أي لبيب فقد أقنعته بان الوقت قد حان لإعلان دولته المستقلة وهي تعلم قبل غيرها بان مشروعا كهذا في الوقت الراهن لا يفكر به او يقدم عليه إلا من مثل (براقش ) من اجل أن تجني على نفسها وعلى الآخرين في نفس الوقت .
إن جزءا كبيرا من الحل يكمن في الأقلام الحرة الشريفة المدعوة لمواصلة الليل بالنهار من اجل توعية الشعب العراقي المبتلى بالبساطة والطيبة بكل قومياته وأديانه وطوائفه ومحاولة فك الارتباط بينه من جهة وبين قياداته التقليدية المرتبط اغلبها بهذه الدولة الإقليمية او تلك , إن هذه القيادات التي تبدو وكأنها متصارعة هي في الحقيقة متحدة ومتفاهمة ومتناغمة وان هذه التنازعات تحصل من اجل الحصول على المكاسب والمغانم وليس من اجل النهوض بالواقع العراقي المرير .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat