الإطار يتحدث عن "خطة أمريكية".. فما دور "الحوالات السود" في ارتفاع الدولار؟


بلغ سعر الدينار أمام الدولار مستويات باتت مقلقة للعراقيين، وقد عزا مستشار حكومي هذا الارتفاع إلى الضوابط الدولية الجديدة لضبط حركة الدولار، لكن خبيرا اقتصاديا كشف أن قيود الحوالات المصرفية التي فرضت للحد من تهريب العملة الصعبة، أدت لبروز ظاهرة "الحوالات السود" والتي تتم عبر الطريق البري لإيران وتركيا، ما أدى إلى زيادة الطلب على الدولار وبالتالي ارتفاع سعره، فيما اتهم عضو في الإطار التنسيقي الولايات المتحدة بتدبير خطة لإفشال الحكومة الحالية عن طريق سعر الصرف.

ويكشف المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، عن "سعي حثيث من قبل السلطة النقدية لحماية الاستقرار الاقتصادي، كما أن جهودا تبذل للمحافظة على استقرار سعر الصرف من خلال منح مزايا لطلبات التحويل الخارجي التي تتم عبر الوسائل التقليدية المعتمدة في تمويل التجارة الخارجية وفي مقدمتها إسناد تطبيقات التمويل عبر الاعتمادات المستندية في التجارة الدولية ووسائل مرنة أخرى تسعى لإدخالها لتسهيل التبادل الدولي".

ويرجع صالح سبب ارتفاع أسعار صرف الدولار في السوق المحلي إلى أن "النظام المالي الدولي قد اخذ منحى آخر في فرض ضوابط للامتثال وضبط حركة الأموال بعملة الدولار الأمريكي عند إجراء معاملات التحويل الخارجي، وهذا الأمر تم لأسباب عدة منها الحرب في أوكرانيا والصراعات الدولية الأخرى في الشرق الأوسط".

ويضيف المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء، أن "عملا حكوميا يجري من أجل تحسين بيانات الإبلاغ واعتماد الدقة البالغة في نشاطات تمويل تجارة القطاع الخاص من جانب المصارف الأهلية باستمرار كي لا تتعرض للرفض من جانب المنصة الدولية للامتثال، ما يتطلب من الجهاز المصرفي نفسه أقصى درجات الحرص والدقة في إدراج بيانات الطلب على العملة الأجنبية عند إجراء التحويلات الخارجية".

ومنذ أيام بدأ سعر صرف الدولار يرتفع في السوق المحلية، حتى ارتفع بشكل مفاجئ وسريع وبلغ 159 ألف دينار لكل 100 دولار، بعد أن كان مستقرا عند 146.5 ألف دينار لكل 100 دولار، وذلك منذ تغيير سعره مطلع العام الماضي.

 

وأثار هذا الارتفاع ردود فعل غاضبة من السياسيين والمواطنين، كما تسبب بوقف الحركة التجارية في الأسواق الرئيسة في بغداد وهي الشورجة وجميلة، المختصتان ببيع المواد بالجملة. 

وجرت العديد من المطالبات باستجواب محافظ البنك المركزي مصطفى مخيف في البرلمان، لاسيما وأن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني أكد بعد توليه منصبه بأيام بأن القضية بيد البنك المركزي حصرا ولا دخل للحكومة بها.

يذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي، ضجت باستذكار تغريدات السوداني خلال العام الماضي، والتي كان يططالب بها باعادة سعر صرف الدولار للسابق وهو 1182 ألف دينار لكل 100 دولار، وهدد بأن "ثورة الجياع" قادمة في حال بقي السعر على حاله مرتفعا، مستغربين صمته في الوقت الراهن بعد الارتفاع الجديد الذي طرأ عليه.

إلى ذلك، كشف مصدر نيابي خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "نائبا تقدم بطلب عقد جلسة استثنائية لمناقشة ارتفاع سعر الدولار، لكن رئيس كتلة النائب أتصل به (بالنائب) وأبلغه بأن هذا الأمر ليس من اختصاصه وعليه أن يتوقف عن تقديم هذه الطلبات".

ويتابع المصدر أن "البرلمان حتى لو حدد موعدا للجلسة الاستثنائية ووافق عليها رئيسه محمد الحلبوسي، فأنه لن يتحقق فيها النصاب القانوني".

وكانت 4 مصارف أهلية، تعرضت الشهر الماضي، لعقوبات من أبرزها مصرف الشرق الأوسط، وهي جميعها مملوكة لرجل الأعمال علي غلام، الذي وصل إلى العراق مؤخرا، واعتقل في مطار بغداد الدولي، بناء على مذكرة إلقاء قبض صادرة بحقه وفق المادة 456، ومن ثم أطلق سراحه بكفالة.

 يشار إلى أن ممثل الخزانة الأمريكية، اجتمع أواخر الشهر الماضي، مع ممثلي 35 مصرفا أهليا عراقيا، لتحذيرهم من قضايا تهريب الدولار من العراق والالتزام بالتعليمات في ما يخص حوالات العملة الصعبة لغرض الاستيراد، متوعدا إياهم بصدور عقوبات في حال عدم الالتزام، وقد عقد الاجتماع بغياب البنك المركزي العراقي، واستمر لساعتين، حسب ما تم تسريبه من معلومات.

فيما يرمي الباحث المختص بشؤون المال والاقتصاد، نبيل جبار التميمي، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، ارتفاع سعر الصرف في ملعب "شحة الدولار في الأسواق، بعد انخفاض المبيعات من حدود 300 مليون دولار يوميا إلى حدود 100 مليون دولار، نتيجة القيود الجديدة على الحوالات الخارجية المفروضة من الخزانة والفيدرالي الأمريكي التي تسببت بفجوة بين العرض والطلب للدولار في السوق المحلية".

ويبين التميمي أن "القيود الأمريكية على الحوالات المالية العراقية قد تمثل نوعا من العقوبات المباشرة باتجاه العراق أو عقوبات غير مباشرة تستهدف أطرافا إقليمية، كما أن أيام عطل رأس السنة ونهاية العام التي تجري فيها مؤسسات الدولة والمصارف الحكومية والخاصة ختاما لحساباتها، ساهمت بضعف إمدادات السوق للعملة الصعبة ما ساهم بارتفاع العملة النسبي في السوق الموازي".

ويتابع انه "رغم محاولات البنك المركزي تعزيز السوق بالبيع النقدي المباشر إلا أن كميات البيع لم تغطِ الطلب لغاية اليوم، حيث عزز المركزي كميات البيع من حدود 20 مليون دولار لكل جلسة وصولاً لـ60 مليونا يومياً، ورغم تلك الزيادة إلا أن مجمل مبيعات نافذة العملة ما زالت منخفضة إلى حدود 100 - 130 مليون دولار في حين تبقى تقديرات الحاجة اليومية تقارب 180 مليون دولار أو أكثر".

ويؤكد الخبير المالي، أن "شكوكا ومعلومات عن بروز ظاهرة الحوالات السوداء التي تعني انتقال الأموال بمعزل عن النظام المصرفي، إذ تتم عبر انتقالها براً عن طريق الحقائب والمركبات إلى دول الجوار (إيران وتركيا) انطلاقا من أراضي كردستان، ثم تنتقل بعدها إلى دول العالم كوسيلة بديلة عن الحوالات التي كانت تجري عن طريق النظام المصرفي والبنك المركزي، وإذا ما صحت وجود ظاهرة الحوالات السوداء فأنها تساهم بزيادة الطلب على الدولار تاركة طلبات الشراء عبر نافذة بيع العملة في البنك المركزي، وفيما تعزز هذه الظاهرة من تنامي الطلب على الدولار في السوق المحلي فهي تتسبب بزيادة ملحوظة بأسعار الدولار في ظل محدودية العرض".

ويشير إلى أن "استمرار ارتفاع سعر الدولار، سيؤدي إلى ركود في السوق إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها في السوق المحلي، وهذا سيؤثر بشكل كبير على حياة المواطنين، وخصوصاً أصحاب الدخل المحدود من الموظفين وغيرهم من الكسبة".

وخلال الشهر الماضي، ومع بداية ارتفاع سعر الدولار، عقد السوداني لقاءً طارئا مع محافظ البنك المركزي، حيث وجه السوداني باتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير العملة الأجنبية في السوق المحلية، وعقب اللقاء في حينها، أصدر البنك المركزي قرارا بزيادة سقف المبيعات للمسافرين والموظف الموفد إلى خمسة آلاف دولار في الشهر بعد أن كانت 3 آلاف دولار، وأعلن استعداده لتلبية احتياجات المواطنين من العملات الأجنبية.

يذكر أن الإطار التنسيقي، قد حول قضية إعادة سعر صرف الدولار لسعره السابق 118 ألف دينار لكل مائة دولار، لأهم شعاراته خلال المرحلة المقبلة، وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قد ظهر قبل تسمنه منصبه وطالب بهذا الأمر أيضا وشدد على ضرورة إعادة الصرف، لكن بعد توليه المنصب ظهر بمؤتمر صحفي وأكد أن الأمر من صلاحيات البنك المركزي وهو يتخذ القرار وفقا لما يراه مناسبا.

إلى ذلك، يعرب القيادي في الإطار التنسيقي فاضل موات، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، عن أمله في "أن تكون حكومة محمد شياع السوداني أكثر قوة أمام الإرادة الأمريكية، فهذه الإرادة هي ما يقف وراء ارتفاع أسعار صرف الدولار في العراق، لأسباب سياسية، أبرزها محاولة إفشال حكومة السوداني، التي كانت تنوي إعادة خفض الدولار خلال المرحلة المقبلة".

ويوضح موات أن "الإدارة الأمريكية تضغط على العراق من خلال أمواله المتأتية من عائدات نفطه كونها مودعة ببنوك أمريكية، فهي تبتز العراق بهذه الورقة ولهذا عملت على رفع سعر الدولار من خلال فرض إجراءات جديدة".

 

ويؤكد أن "حكومة السوداني مستمرة في إيجاد الحلول التي من شأنها السيطرة على صرف الدولار وتقليل الضغط الأمريكي، وخلال الأيام المقبلة، ستكون هناك سيطرة لمنع أي ارتفاع جديد في الدولار والعمل على إعادته لوضعه الطبيعي". 

يشار إلى أن وزير المالية السابق علي علاوي، أعلن في أيار مايو الماضي، أن خفض قيمة الدينار العراقي أدى إلى الحفاظ على احتياطيات العملة الأجنبية لدى البنك المركزي العراقي بعد المستويات المنخفضة والحرجة التي وصلت إليها في أواخر عام 2020، كما أن التعافي في أسعار النفط والإدارة المالية "الحكيمة"، ساعد على بلوغ الاحتياطي المالي 70 مليار دولار بحلول نيسان أبريل الماضي، ومن المتوقع أن يؤدي التعافي المستمر لأسعار النفط إلى زيادة هذه الاحتياطيات لأكثر من 90 مليار دولار بحلول نهاية العام الحالي.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/12/27



كتابة تعليق لموضوع : الإطار يتحدث عن "خطة أمريكية".. فما دور "الحوالات السود" في ارتفاع الدولار؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net