البعد الروحي للطواف (ا28 ) البعد الروحي للطواف28
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد عبد الستار الجابري

على الرغم من تضييع الجاهليين لكثير من المعلومات والحقائق الان انهم كانوا يتعاطون مع الحجر باجلال و احترام وتقديس مستقر في نفوسهم، فهم توارثوا تقديس الحجر من دون ان يعرفوا حقيقته، وهذا من الامور التي يتوارثها المجتمع فتبقى الاثار سارية في التعاطي الاجتماعي من غير معرفة لجذور ذلك التعامل، والحقائق الاجتماعية سلاح ذو حدين فهي من جهة من شأنها ان تحفظ بين الناس حقيقة واقعية خفيت عنهم جذورها، ومن جهة اخرى قد تستغل وتضخم وتحاط عقيدة اجتماعية ليس لها مع الواقع حظ ولا نصيب، ومثال لذلك تقديس مجتمعات ما بعد ادريس (عليه السلام) لسواع ويعوق ونسر، وهم - بحسب الروايات - اشخاص صالحين كانوا مستجابي الدعوة وممن يستنزل بهم الغيث وتقضى بدعائهم الحوائج، وبعد وفاتهم اصبحت قبورهم ملجأ لذوي الحاجات ومحلا لاستجابة الدعوات، فوسوس الشيطان لهم لاقامة تماثيل لهم كي لا ينسى ذكركهم بين الاجيال ويستن بسنتهم ويهتدى بهديهم، ثم صنعوا لهم تماثيل في بيوتهم وعبر الاجيال تحولت عقيدة الاحترام الى شعور بانهم هم الاسباب الحقيقية للرزق ونزول الغيث ودفع الاسقام وتفريج الكروب، فاصحبوا في عقيدة المجتمع اربابا يعبدون من دون الله، وترسخت تلك العقيدة الى درجة رفض دعوة نوح (عليه السلام) الى التوحيد والاصرار على الالتزام بعقيدتهم الاجتماعية في عبادة الاوثان ومحاربة الدعوة الى عبادة الاله الواحد بكل ما اوتوا من قوة، وعلى العكس منه في قضية الحجر الاسود فالمجتمع المكي بصورة خاصة والعربي بصورة عامة لم يتجه نحو عبادة الكعبة المشرفة والحجر الاسود، مع ان القبائل العربية تحولت من الحنيفية الى الشرك، في الوقت الذي تزعمت خزاعة ادراة مكة، بل بقي البيت على مكانته السامية والحجر على قدسيته في نفوس الناس ولم يتحولا الى اوثان تعبد من دون الله أي ان العقيدة الاجتماعية حفظت للبيت وللحجر مكانتهما من دون تشويه مع تناسي الاجيال وجهلها بواقع الحجر القدسي وهذا يستدعي دائما الحفاظ على العقيدة الاجتماعية المنبثقة من واقع موضوعي وتدين حقيقي، لما لها من دور كبير في نقل الحقيقة الى الاجيال اللاحقة.
ويمكن ان يستكشف عمق التاثير الاجتماعي في طريقة التعاطي مع التقديس المتوارث من خطاب احد الطائفين ممن عاصر النبي (صلى الله عليه واله) للحجر الاسود وقد استلمه وقبله بما معناه انك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا اني رايت رسول الله (صلى الله عليه واله) يقبلك ويستلمك ما فعلت ذلك، فانكر عليه امير المؤمين علي بن ابي طالب (عليه السلام) ذلك وبين له ان الحجر ياتي يوم القيامة وله عينان ولسان ذلق طلق يشهد لمن زاره بالموافاة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat