الربيع العربي والنظرية النقدية
ماجد عبد الحميد الكعبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اعتاد المثقفون والأدباء والنقاد العرب على استيراد النظريات والمناهج النقدية الغربية ولكن بعد ان تنتهي صلاحيتها هناك ، والمعروف ان تلك النظريات والمناهج تظهر الى الوجود لتلبي حاجة ناموس التغيير الفكري الوجودي الذي يتبع بإرهاصات اخرى في كافة الاصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها ، فبعد كل حدث كبير يبرز منهج ونمط جديدان يؤديان الى خلق رؤى جديدة في الوجود والخلق والكون والتراث والتاريخ ، ففي عصر النهضة كانت الكلاسيكية تلبي حاجة طبقة اجتماعية عرفت بالارستقراطية ، ثم جاءت الثورة الصناعية وكانت نتيجتها بروز الطبقة الوسطى التي ادت الى تبني طريقة وأسلوب جديدين يلبيان طموحات هذه الطبقة ويعبران عن رأيها في مختلف الموضوعات ، وهكذا يستمر ديدن الحياة ، فبعد الحرب العالمية الاولى اجتاحت العالم موجة فكرية جديدة عرفت بالشيوعية فتبنت هموم ومشاكل الطبقة العاملة ونشرت افكارا في الدفاع عنها وهكذا استمرت الامور الى عصرنا عندما عجزت البنيوية عن التواصل مع متطلبات التغيير الحياتية بعد ان عاش الناس مرحلة انتهاء الحرب العالمية الثانية فجاء المفكرون والأكاديميون الالمان بمنهج يتلاءم مع واقعهم الجديد الذي جعل دولتهم شطرين شرقي وغربي ، فكانت البوادر الاولى لتوطيد نظرية جمالية التلقي.
وكان المثقفون والنقاد العرب يرددون صدى تلك المناهج بعد ان يخفت صوتها في الغرب ، اما اليوم - وكما يبــدو لــي - فالأمر مختلف تماما اذ كانت الانطلاقة التغيرية مستمدة من واقعنا العربي حيث الثورات العربية التي جاءت على اعقاب انظمة شمولية تحتفظ بهياكل معرفية متشابهة ساعدت انظمة الطغيان على بقائها ، وبعدما ازيلت هذه الانظمة المحافظة لابد ان يبدأ المفكرون والأدباء والمثقفون بالبحث عن مناهج وطرق بحثية تلبي الحاجات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها ، نحن بحاجة الى نظرية معرفية تتساوق مع المتغيرات السريعة التي تمر بها البلدان العربية ، وعلى الرغم من ان هذه الثورات قد حدثت دون مهاد فكري او فلسفي لانها كانت صيحات شعبية انطلقت من رفضها للواقعي الاستبدادي إلا ان
الوقت لازال فيه متسع للبحث في الاسباب والنتائج وصياغة مناهج وطرق جديدة في التفكير
ويمكن ان تكون بوادر البحث في الموضوعات الاتية :
- بما ان الثورات انتصرت على الطغيان والاستبداد اذن لابد ان ننظر ونبحث في الاسباب التي ادت الى انتاج الطغيان وثقافة الاستبداد لدفع عودتهما من جديد.
- تفكيك بنى الثقافة الاستبدادية التي يتحكم في انتاجها الصوت الواحد.
- طالما وجدت الحرية الكافية وتوفرت الوسائل التي تسمح للإنسان في التعبير عن كل شي اذن كل الاشياء يجب ان توضع على طاولة الفحص للتأمل وإعادة النظر.
- لابد ان يكون العمل جماعيا فالأصوات الفردية غالبا ما تكون غير مسموعة في مجتمعات معروفة بتجمعاتها الثقافية ( العرقية , المذهبية , القبلية وغيرها ).
وهكذا تكون لدينا اول فرصة لصناعة مناهج ونظريات محلية يمكن ان تسهم في خلق حياة افضل دون الاعتماد على النظريات المستوردة المصنوعة لواقع مختلف والمتأثرة بنتائج وظروف متباينة مع واقعنا العربي .
قد قيل ان النظرية النقدية قد شارفت على الموت بظهور النقد الثقافي لكن دفاع نقاد ما بعد الاستعمار مثل هومي بابا و غاياتري سبيسفاك و روبرت يونغ وغيرهم يمد في عمر النظرية النقدية بفضل وجود الموضوعات القابلة للقراءة على وفق معطيات العولمة وعصر الثورات العربية
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
ماجد عبد الحميد الكعبي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat