أئمة تحت القيود الامنية
د . عبد الهادي الصالح
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . عبد الهادي الصالح

حسنا مافعلته وزارة الداخلية ، استجابة مشكورة لنداءات نواب مجلس الامة ، فالقيد الامني أمر هلامي غير واضح التهمة ولا سبيل للمتضرر منه للتقاضي ، فهو اداة عقاب غير مسند لحرمان الشخص من بعض الحقوق المدنية !
وفي التاريخ الاسلامي مارسه الخلفاء الامويون والعباسيون تجاه من يرتابوا
منه ، وتصل الى الاقامة الجبرية والسجن على الشبهة والمظنة ! وخاصة على أئمة اهل البيت عليهم السلام.
ونموذجا لذلك نجد ان الخلافة العباسية الذين عاصرهم الامام الحسن العسكري عليه السلام (232 - 260هـ)( المعتز باللّه ، المهتدي ، المعتمد ). فبعد الرقابة والقيود الامنية في المدينة المنورة ، يقرر الخليفة استدعاء الامام علي الهادي ومعه ابنه الطفل الامام الحسن العسكري الى العاصمة " سامراء " ، التي تحولت الى منطقة عسكرية تتشدد فيها الاجراءات الرقابية الأمنية ، ليكونا تحت الاقامة الجبرية ، وبعد اغتيال الامام الهادي عليه السلام ، تشددت الخلافة أكثر بمزيد من القيود الامنية للامام العسكري عليه السلام ، ففرضوا عليه الحضور الى قصر الخلافة مرتان في الاسبوع لإثبات إلتزامه بالاقامة الجبرية وعدم خروجه من سامراء. بل تطور الامر الى ملاحقة من تكون له علاقة معه ، و لذلك دعى الامام عليه السلام أصحابه قائلا :" ألا لا يسلمنّ عليّ أحد، ولا يشير إليّ بيده، ولا يومئ، فإنكم لا تؤمنون على أنفسكم".
وتصاعدت عليه الرقابة حتى حجز في السجن عدة مرات ، و طالت الرقابة على اهله فكانوا يتوجسون من حمل زوجته السيدة نرجس عليها السلام ، لأن المولود سيكون الامام الثاني عشر وهو الامام محمد بن الحسن المهدي عليه السلام ، الذي بشر به جده رسول الله صلى الله عليه واله وسلم "....يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا " مما اضطر الامام الى التكتم وتبني السرية في علاقاته ، لكنه لم يقف مكتوف اليدين أمام مسؤليته كإمام للأمة وهي تواجه انحرافا عن المسار الاسلامي ، وتشهد رواجا للالحاد والفساد الاخلاقي ، ولذلك كانت المكاتبات متبادلة بينه وبين وكلاؤه في الامصار الاسلامية تجري عبر وسائل مخفية تحت قعر حاوية الزيت مثلا او داخل خشبة مصمتة. فنجح في تثبيت الفئة المؤمنة ، وجعل منهم علماء وقادة ، ومهّد الساحة للتعامل مع ابنه الامام الحجة بن الحسن عليه السلام على نحو السرية وعبر سفراء له ، قبل اعلان غيبته الكبرى الممتدة لحتى الآن ، روي عن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، قال: (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة، إمّا ظاهراً مشهوراً, أو خائفاً مغموراً, لئلا تبطل حجج الله وبيّناته) (لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها) يعني لولا وجود الإمام المعصوم حيّاً في الأرض لغاصت الأرض بأهلها ( أو انخسفت )
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat