البعد ا لروحي للطواف ح (7 )
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد عبد الستار الجابري

4- الطواف تزيين للكعبة المشرفة
مما لا شك فيه ان لكل شيء زينة تظهر مالذلك الشي من المقام والمكانة فزينة السلطان العدل وسميت الحلي زنية لانها تضفي على لابسها معنى جمالي اضافي في عين الناظر، ووصف الله تعالى المال والبنون بانهم زينة الحياة الدنيا لما يضاف بهما في حياة الاشخاص من جمال وبهاء، وكذا فان حسن الخلق زينة يضيف لصاحبه قيمة معنوية ترفع من قدره في عيون الناس.
والطواف زينة الكعبة المشرفة، فانه يعكس ما لهذا البيت من مقام في قلوب المؤمنين فيعبق شذى الطاعة والايمان ليتضوعه من يرى امواج الطائفين وهي تدور حو لهذه البنية في نسق يندر تحققه في مكان اخر على وجه البسيطة، حيث تنطلق الكتلة البشرية الضخمة مندفعة بواقع ايمانها واعتقادها بعيداً عن المغريات، اذ ليس في مكة مغريات مادية واضحة تدعو الناس الى الحضور في تلك البلدة الجرداء مادياً، الروضة الغناء معنوياً.
وفي هذا المعنى ورد عن النبي (صلى الله عليه واله) " زين الايمان الاسلام، كما ان زين الكعبة الطواف" .
البعد المعنوي للطواف
عند النظر الى ماوراء عالم التشريع وعالم الاثار المترتبة على الطواف نجد ان للطواف اثرا معنويا عظيما تناولته كلمات استاذة الاخلاق.
فالعلامة النراقي (قدس سره) في جامع السعادات يقول:" وليعلم ان المقصود هو طواف قلبه بذكر رب البيت دون مجرد طواف جسمه بالبيت" ثم يقول:" فروح الطواف وحقيقته هو طواف القلب بحضرة الربوبية، والبيت مثال ظاهر في عام الشهادة لتلك الحضرة التي لا تشاهد بالبصر وهو عالم الغيب وعالم الملك والشهادة مدرجة الى عالم الغيب والملكوت ..."
ويقول الفيض الكاشاني (اعلى الله مقامه) في اسرار العبادات :" واعلم انك في الطواف متشبه بالملائكة المقربين الحافين حول العرش الطائفين حوله، ولا تظنن ان المقصود طواف جسمك بالبيت بل المقصود طواف قلبك بذكر رب البيت حتى لا يبتدئ الذكر الا به ولا يختم الا به..."
ويذهب الشيخ الاصفي (رحمه الله) في كتابه في ضيافة الرحمن الى ان هناك منهجان تربويان في السير الى الله الاول منهج التعطيل وهو منهج العزوف عن الدنيا والابتعاد عن المشاركة في الحياة العامة لضمان عدم الوقوع في المحاذير الشرعية، والمنهج الثاني منهج التطويع وهو ان يطوع الانسان نشاطه وحركته لله، وان الطواف يرمز الى منهج التطويع، وهو منهج صعب جدا لان الانسان يقع تحت تأثيرات كثيرة تحاول جره وابعاده عن طريق السير الى الله، ويرسم
ويرسم رحمه الله للطواف مسارا رياضيا جميلا حيث يقول :" ففي الطواف يطوف الانسان دروة كاملة حول الكعبة، في هذه الدورة يتحرك كتفه الايمن حول محيط دائرة كاملة من الشرق الى الغرب ومن الجنوب الى الشمال وفيما بين هذه الجهات جميعاً، فلا تبقى نقطة على هذا المحيط الدائري الشامل الا ويقطعها الانسان بكتفه الايمن، وهذا المحيط يساوي 360 ولا نعرف جهة هندسية اوسع واشمل من 360 اي محيط الدائرة، وبينما يتحرك كتف الانسان الايمن حول هذه الدائرة الشاملة يثبت كتفه الايسر على مركز الدائرة وهو الكعبة ولا يحيد عنه في كل هذه الحركة الدائرية، ولهذا التركيز والتثبيت الى جانب تلك الحركة الشاملة معنى عميق في حياة الانسان المسلم فان من الممكن ان يقوم الانسان بكامل النشاط المباح الذي يقوم به سائر الناس في مناكب الحياة المختلفة دون ان ينحرف حتى لحظة واحدة عن ابتغاء وجه الله ومرضاته..."
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat