صفحة الكاتب : عامر هادي العيساوي

كيف يخون العراقي وطنه ؟(1 )
عامر هادي العيساوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
منذ نيسان عام 2003 واغلب العراقيين لا يملون الاستماع والانصات بانبهار إلى حديث المغتربين العائدين من عواصم التقدم والحضارة عن حب الغربيين لبلدانهم وإخلاصهم في أعمالهم ودقتهم في أداء واجباتهم وانضباطهم الطوعي بالخضوع للقوانين بغض النظر عن درجاتهم ومستوياتهم ومسؤولياتهم سواء أكانوا وزراء او عاهرات دون حاجة الى رقيب او  واعز ديني لأنهم في نظرنا على الأقل (كفار ) لا يؤمنون باليوم الآخر او بالثواب و العقاب  .
إن حديث أولئك العائدين طويل ومتشعب  ولا يهمنا منه في هذا الباب سوى ذلك الذي يتناول التقدم العلمي والصناعي الهائل الذي أصبح يتسم بالتخصص بحيث أصبحت شركات عديدة تتقاسم إنتاج مفاصل الطائرات مثلا بحيث تختص كل شركة بإنتاج جزء صغير تكون مسؤولة (ولا ادري أمام من ؟ أمام الله أم غيره؟ ) عن جودته وكفاءته 0 
ويبدو لي – أننا نحن العراقيين – قد بهرتنا آلية الإنتاج المذكورة فقررنا الالتزام بها حرفيا ولكن ليس في صناعة الطائرات او القطارات او السيارات وانما في صناعة (الكفر ) بالوطن والاستهانه به الى الحد الذي قد يصل أحيانا الى الخيانة العظمى 0 
ومن اجل غزارة الانتاج وإغراق السوق السياسي والمالي والاجتماعي والأخلاقي بمختلف أنواع (الخيانات )المتميزة تقاسمت العملية فئات عديدة واصلت الليل بالنهار واختصت كل واحدة منها بإنتاج شكل معين من أشكال التفسخ الضروري من اجل إنجاح العملية الجراحية القاسية والمؤلمة والجارية من دون أي مخدر من اجل  انتزاع الروح الوطنية من أعماق نفوس الناس الذين يقعون في قبضتهم  0 
وهنا انتهز هذه الفرصة لأقدم نصيحة ذهبية الى كافة السياسيين العراقيين المخلصين الذين وضعوا أرواحهم فوق اكفهم وهم يحلمون ببناء العراق الجديد وأقول لهم بان مهمتهم تكاد تكون مستحيلة ومن يدري فقد يقدمون رؤوسهم على هذا الطريق في آخر المطاف اذا لم يلتفتوا الى معسكرات الفساد  والتدمير المنتشرة هنا وهناك والتصدي لها عبر إصلاح بعضها ومسح بعضها من الوجود بلا رحمة ولا شفقة  0ان جميع الأعمال التي تقوم بها تلك الفئات تعود أرباحا على أصحابها ولكنها في نفس الوقت تكلف الحاكم النزيه كثيرا الى  حد تقديم الرأس قربانا  كما ذكرنا0
لا أظن أن عراقيا واحدا يجرأ على اتهام الوعاظ الدينيين او التشكيك بسلامة نواياهم فهم أناس تطوعوا مقابل مبالغ زهيدة من اجل نشر الوعي الديني في صفوف العراقيين ولكن علينا الاعتراف بان عمل بعضهم قد عاد وبالا دون قصد او تخطيط .
حين يطالب الواعظ الناس بان يجعلوا من علي ع والحسين ع وأبي ذر وعمار وغيرهم مثلا أعلى فهو على حق ولكنه نسي أن الناس حين لا يلتزمون بمثل هذا المثل فهم أيضا على( حق) لأنهم لا يستطيعون ذلك في زمانهم هذا وظرفهم هذا ولو حاولوا ذلك وابتعدوا عن الكذب والربا والربح الفاحش والتزموا بالزهد والفضيلة كما كان علي ع يفعل لافترسهم  الجوع وقتلهم جميعا مما قد يؤدي الى اهتزاز القيم الدينية في داخلهم وفي هذه الحالة فإنهم قد ينحدرون الى قيم الغابة بكل ما لهذه الكلمة من معنى في ظل مستواهم الثقافي والفكري 0 
لقد سالت احد الجراحين المختصين بجراحة القلب العاملين في الدنمرك عن سبب عدم عودته الى العراق مع وجود الفرص الهائلة لمثله فاعتذر بأنه لا يستطيع من اجل أولاده فقلت وما علاقة ذلك بذلك ؟ فقال (إنهم لا يستطيعون العيش هنا لأنهم لا يعرفون الكذب )فقلت سندربهم في أسبوع ولكنه لم يقتنع 0
انك اذا أردت أن تقهر الظلام فلا يكفي أن تمدح النور وتلعن الظلمة وانما عليك أن تشعل شمعة هنا او هناك 0
وإذا أردت أن تمنع الكذب فعليك أن تجعل مصالح الناس ونجاتهم ولقمة عيشهم تكمن في صدقهم لا في شعوذتهم ونفاقهم0
صدقوني أيها المخلصون بان مجتمعا بمثل ثقافة مجتمعنا وعقليته ودرجة وعيه سينقلب أفراده الى وحوش كاسرة يقتل بعضهم بعضا ويسلب بعضهم بعضا ويغتصب بعضهم بعضا اذا اهتز إيمانه بالدين ورجاله ولا تكفي النوايا الحسنة ولسنا بحاجة الى أقوال فلقد قال أجدادنا الكثير من شعر وخطابة ولكنهم لم يفعلوا شيئا 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عامر هادي العيساوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/05/16



كتابة تعليق لموضوع : كيف يخون العراقي وطنه ؟(1 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net