الذكرى السنوية 9 لاستشهاد شهيد المحراب آية الله السيد محمد باقر الحكيم (رض) ورحيل عزيز العراق (رض)
مركز دراسات جنوب العراق
الوسطية والاعتدال في فكر شهيد المحراب
آية الله السيد محمد باقر الحكيم (رض)
من يستطيع ان يوازن بين الواقعية والمبدئية في العمل السياسي سوف يوفر للأمة ظواهر سياسية أصيلة وصميمية وهذا ما وُفّق له شهيد المحراب (رض) في مسيرته الجهادية والسياسية.
فأنْ كانت المبدئية تعني الحفاظ على أسس ومتبنيات الفهم الديني للأشياء فأن الواقعية تعني النظرة المرنة للاشياء في اطار القدرة والمصالح والمفاسد.
فالقائد الناجح هو من يقدر على ان يفكك او يمزج بينهما كيف ومتى؟ ولابد ان نشير إلى أبرز محطات هذا التحرك الذي التزم بهذه الوسطية وحقق بذلك ظواهر سياسية رائعة في الألفة والانسجام والوحدة الوطنية والانجاز التغييري على صعيد الافراد والأمة معاً:
1- التوازن بين التحرك الاجتماعي والاهتمامات السياسية الكبرى:
فقد أولى شهيد المحراب (رض) اهتماماً كبيراً للمشاريع الاجتماعية التي تساهم في رفع المعاناة أو تخفيفها عن كاهل العراقيين في المهاجر آنذاك سواء في الجوانب الصحية أو الأسرية أو العشائرية وغيرها الكثير. هذا الى جانب المسؤوليات الجسام التي حملها شهيد المحراب في مواجهة ومقارعة طغيان ودموية النظام الصدامي الاستبدادي الظالم.
وبهذا التوازن استطاع (رضوان الله عليه) أنْ يؤسس لعلاقات وقيم سياسية رائعة أبرزها انصاف الأمة وتحمل معاناتها وقد شجع ذلك على تنمية هذا الأفق في التعامل مع هموم الجماهير الاجتماعية من أجل المضي في طريق الخلاص من الدكتاتورية فلم ينعزل عن تلك الهموم وكان في قلب كل تلك التحولات الاجتماعية والسياسية معاً.
2- النظرة الواقعية تجاه مكوّنات العمل السياسي العراقي بغض النظر عن هويتها الدينية أو القومية او العرقية وغيرها، فقد حظي العلمانيون العراقيون باهتمامه والتنسيق المباشر معهم للخلاص من الطاغية وبناء الوحدة الوطينة، كما كان يتعامل مع المتدينين في الوقت نفسه. وكذلك حظي الكرد والتركمان بذات الاهتمام الذي حظي به العرب العراقيون، ولم تحرم الاقليات الدينية من ذلك الاهتمام والتنسيق العملي، وشواهد ذلك كثيرة وواسعة بعدد هذه المكوّنات واكثر.
3- الاسلام إطاراً لوحدة الشعب العراقي، والوحدة طريق خلاص الأمة:
استهلم (رضوان الله عليه) من القيم الدينية السماحة والتعايش مع الآخر والتعاون من أجل البناء الانساني والوطني وتعزيز لحمة هذه المكوّنات كيفما كانت ما دامت تشترك في مصير واحد تتحرك نحوه. باعتبار ان الوحدة فيها عزة وكرامة هذا الشعب والأمة عموماً وبغير الوحدة سوف يواجه الجميع مصائر مجهولة ومستقبلاً غامضاً، وقد بذل جهوداً عظيمة في هذا الطريق الوحدوي من أجل الخلاص من الدكتاتورية ومن أجل بناء مستقبل واعد لهذه الأمة وشعبه العراقي الذي عانى الويلات.
ولا شك فهناك محطات كثيرة جداً نستشرف من خلالها سياسة الوسطية والاعتدال في منهج وتحرك شهيد المحراب (رض) نتركها لمناسبات أخرى.
بعد دخوله العراق:
إنّ شهيد المحراب قبل ان يدخل العراق كان خطابه واضحاً وشمولياً، كان يخاطب العراقيين بكل مذاهبهم وقومياتهم واديانهم وهذا المعيار يعتبر أساساً مهماً لتأسيس الوحدة في العراق. وأكد ومضى عليه كذلك بعد دخوله العراق سنة 2003.
يقول الشهيد: (الوحدة فوق الاختلاف، واننا دعونا الى الوحدة الاسلامية ووحدة العراق شعباً وأرضاً وحكومة).
ويقول: (لابد ان نتوافق على ان لا تتـزعزع هذه الوحدة بعد ان زعزعها النظام البائد وان الجرائم المرتكبة اليوم يقوم بها أزلام النظام وهناك أيد غريبة تعبث في أوساطنا).
وقد لخّص الشهيد اعداء العراق في ثلاثة:
1- أيتام النظام وأزلامه.
2- النواصب، وليس السنة الذي يحبون أهل البيت بل التكفيريين.
3- المحتلون الذين يعملون لأضعافنا.
كما كان يشير إلى الاعلام السيء لبعض الدول التي تساعد هؤلاء الاعداء ثم يقول: (نريد علاقة حميمة مع جيراننا، وبالتالي فمسؤولية الشعب العراقي هي:
1- رفع شعار الوحدة الاسلامية والعمل له.
2- كشف المندسين والمتسللين.
3- الوقوف بوجه الفرقة والانقسام بحزم.
كان الشهيد يخشى على وحدة العراق واستقلاله وحرية أهله، ومصالح الشعب وثرواته، ويعتبر الأمة القوة الضاربة، ويدعو بشكل حاسم الى الوحدة الوطنية. كان يركز على مفهوم الأمة في كل أعماله وتحركه السياسي والديني. وعلى هذا النهج مضى تياره الشريف وسار عليه عزيز العراق (رض) ولا زال هذا التيار يحثّ الخطى في توحيد الصف وتعزيز اللحمة الوطنية الرائعة.
وفق الله العاملين في هذا التيار الشريف وسدّدهم في طريق الخير وبناء العراق يداً بيد مع أبناء جلدتهم وكافة
الفرقاء المخلصين من أبناء العراق الغيارى. 11 -5-2012