النص ابن النص، والنص أبو النص
فاطمة محمود الحسيني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فاطمة محمود الحسيني

هل الانترنت شرع وسهل عملية السرقات الأدبية أم انها كانت موجودة قبل هذا الزمان؟ يرى الباحثون أن تاريخ النحل موجود عند العرب وغير العرب، لكنها كانت محدودة على ما يبدو نسبيا، لكن الانترنت وسع فعل السرقة، لدينا شاعر من اقضية المحافظة اشتهر عالميا بعمليات السطو على الشعر والنقد في جميع أنواع وأجناس الأدب حتى انه تجرأ ليسرق عمالقة الادب العربي.
وهناك سرقات لشعراء وادباء مشهورين، ولا اعتقد ان هناك حاجة الى مثل هذه السرقات، شعراء لدينا على مستوى القمة يسرقون وكشفت سرقاتهم بشكل مؤلم، أكيد هذا الأثر الأخلاقي يؤثر على مراكزهم الإبداعية، انا اتحدث عن السرقات لا اتحدث عن التناصات، الشاعر لا يبدع من فراغ، يكتب وفي وعيه تراث انساني، ادعى يوماً احد الشعراء بأنه ابتكر فكرة النورس الذي ينثر دم الحسين (عليه السلام) على اهل الكوفة وتصور انه ابدع فكرة النورس من خياله، بعد سنوات اكتشف ان النورس حقيقة موثقة في كتاب شجرة طوبى.
يرى أهل النقد ان النص الشعري محكوم بالتوالد مع نصوص سابقة، ينفتح الشاعر على الذاكرة البشرية، وتداخل النصوص امر حتمي، كما يرى النقاد أمثال: سعيد بكور، وأبو طاهر بوسعد، والأستاذ محمد الأمين، والناقد جاسم عاصي.
لا ينتهي الحديث عن نشوء نص من الصفر، لابد من تلاقح النصوص، ويوظف ما نراه إيجابياً، ومن النوادر ان يرى الناقد احمد أبو طاهر أن الاحتراز في الابتعاد عن النص، ممكن ان يقع في التكلف والتصنع بالنص الادبي يتبع في شجرة نسب عريقة النص، أي النص لابد ان يرتبط مع غيره بعلاقات تتفاعل ليتأثر ويؤثر، يقول بعض النقاد أن النص ابن النص، والنص أبو النص، وهذا يعني لا وجود لنص بكر، ومن ذاكرة الشاعر قصائد نسيت عامل الحجاب له حبوته في التناصات الإبداعية، التناص غير السرقة، ولو تابعنا فكرة الأسماء التي سُمّيت على الإعارة والسرقة والتناص مداخلات بحكم على أدبية النص، تناص ابداعي، واما السرقة فهي تجاوز على جوانب أخلاقية ودينية واجتماعية.
الدكتور محمد سعيد يجد ان السرقة الشعرية تعتمد على المنهج التاريخي التأثيري اللاحق هو السارق بينما يعتمد التناص على المنهج الوظيفي. يرى الدكتور خليل الموسى ان الباحث عن السرقة يعمل الى استنكار عمل السارق وادانته في حين ان ناقد التناص اظهر البعد الإبداعي في انتاج السرقة القصدية، والتناص غير القصدي.
وفي الختام، ممكن ان نستشهد بقول الناقدة زعبر نجود حيث تقول: ان تناص الحديث أراد به الفكر الغربي للقضاء على فكرة السرقات حين وضع في اذهانها فكرة التناص وآمن بأن كل فني لابد ان يخلق انطلاقا من اعمال سابقة، واعلن ان المتكلم ليس اول مستعمل للغة لذا لابد ان يتقاطع فكرا ولغة مع نصوص غيره، واما ان يأخذه التناص الى قصدية الفعل، فهذه سرقة مقصودة وليست تناصا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat