التغريد من داخل السرب
فاطمة محمود الحسيني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فاطمة محمود الحسيني

كتب بعض النقاد من المختصين في علم التاريخ أن قصة الحسناء (أرينب ابنة إسحاق)، تلك الجميلة التي فتن بها يزيد بن معاوية، وتأمّر أبوه معاوية على طلاقها من زوجها عبد الله بن سلام والي العراق لمعاوية، كانت المرأة جميلة جداً، وتآمر معاوية ليطلقها، وعند إرسال الخطبة صارت هناك خلخلة بسيطة تدخل فيها طرف ثالث هو الحسين (عليه السلام) ليعيد التوازن الى الحكاية، ويعيدها الى زوجها قصة لا واقع تاريخي لها، وما هي إلا تأليف أدبي بعيد كل البعد عن الواقع التاريخي، وهي قصة تم انتاجها في الاندلس، وأول ما ظهرت في كتاب (شرح قصيدة ابن عبدون لابن بدرون الاشبيلي) مستوحاة من قصة مشابهة لفتاة تدعى أرينب ابنة إسحاق النفزاوية زوجة يوسف بن تاشفين، أما كتاب (الامامة والسياسة) فقد قطع المحققون استنادا الى ادلة واقعية هي ليست للمؤرخ المشهور ابن قتيبة، وقد تكون لابن قتيبة آخر .
هذه الرواية يرويها عباس محمود العقاد في كتابه (أبو الشهداء الحسين بن علي): إن أرينب كانت أشهر فتيات عصرها بالجمال، وكانت زوجة لوالي العراق من طرف الامويين عبد الله بن سلام القرشي، تولّه بها يزيد فاحتال ابوه معاوية على ابن سلام للزواج من ابنته بحجة التهيئة لنيل السلطة بعده، بعدما اتفق مع ابنته رفض الزوجة الثانية، فطلق ابن سلام زوجته ورفضته بحجة انه طلق زوجته بسهولة، وهي المشهورة بالجمال، تمت الخديعة فأرسل معاوية أبا الدرداء ليخطبها ليزيد، علم الحسين (عليه السلام) بالمكيدة، فخطبها لنفسه أيضاً ليرجعها الى زوجها، وتنتهي المكيدة بالفشل.
إن الدلال اليزيدي يقع فريسة غريزته، فيستجيب لملذاته من يسمى خليفة وعرشه الواهي وهي المرأة المتزوجة من زوجها وابن عمها عبد الله بن سلام، وهو من قريش، وكانت له من معاوية منزلة رفيعة وفضل، لكن السلطة الطاغية لا تحترم جهداً، وان كان له ما له، نجد أن معاوية نفسه يحوك خيوط الخديعة، ويرسل الى عبد الله بن سلام، وكان قد استعمله على العراق، وتؤكد الروايات انه استعان بأبي هريرة وأبي الدرداء على غفلة من أمرهما، أي لا يعملان ما يدبره معاوية، وهكذا طلق ابن سلام زوجته الجميلة طمعاً في زواجه من ابنة معاوية، وطلبت الخطيبة أن تكون بلا ضرة، وفعلاً تم الأمر بما خطط له الحاكم الأكبر معاوية، بعدما رفضته ابنة معاوية، نقلوه الى الأمصار توجه أبو الدرداء الى العراق خاطباً أرينب، ومر على الحسين وحمل خطبة الحسين اليها، واختارته، وفضلته على يزيد بن معاوية، وزعل معاوية على ابن الدرداء الذي حلّ خيوط الحيلة، وانتهى الأمر، وعمل الحسين (عليه السلام) أن أرجعها لابن عمها عبد الله بن سلام، وانتهت خيوط الحكاية التي لا نشك بصحتها، وهي ليست غريبة عن أخلاق السلطة الأموية، ولا طيبها غريباً عن الحسين (عليه السلام).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat