في ترحالنا اليومي عبر قنوات الخيال بخروجها عن القواعد واللوائح والنظام، ونحن نحاول إرواء ظمأ النفس بالمعرفة الإنسانية، أو إرضاء لنزعة اللهو أو محاولة لإشباع شهوة القول، وأحياناً يتحول لنضال مستميت دفاعاً عن النفس أمام عدو اسمه التلفاز.
قد نمر خلال ترحالنا بممالك مسحورة بحثاً عن كرز الأحلام، وأحياناً نتفقد موضع اقدامنا وكأننا في حقل ألغام.
نقلب الطرف بين القنوات الفضائية التي تتزاحم فيها وسائل الاعلام على تقديم البرامج المنوعة، خاصة برامج المسابقات التي أصبح لها قاعدة جماهيرية عالية، حتى صارت في نظر البعض أيائل آتية من أقصى الشمال تجر عربات الأفراح والهدايا توزعها على الجالسين في مقهى الأمنيات، وعلى النائمين على وسائد الأحلام.
المسابقات هي لون جميل من ألوان تنمية القدرات والمهارات الفكرية ودروب آمنة لمن يسلكها، كأنه في خلوة ايمانية لضبط النفس وتنقيحها، فهي تجعل الثقة بالنفس تنبض بالحياة وتفتح للمشاركين أبواب الاختيار كل وما يوافق قدراته، ويشبع ميوله، فتوقظ فيهم جمال الابداع، وتتفتح أزهار مواهبهم، وهي تدريب راقٍ على آداب الاستماع، إضافة الى انها استثمار جيد لأوقات الفراغ بما هو مفيد، ومهمة لعنصر التشويق والاثارة والإمتاع والتسلية، وإبعاد عنصر الملل عنها، وهذا ما يجعلها ذات تأثير كبير في الناس، لكن السؤال هنا: هل تطرح تلك البرامج فكرتها لتحقيق هذه الأهداف لتؤتي ثمارها الطيبة أم لها اتجاهات أخرى؟
فمن الملاحظ في الفترة الأخيرة استغلال هذه البرامج، وتسارع وسائل الاعلام والشركات والمؤسسات التجارية لدعم مثل هذه المسابقات لتحقيق أهدافها في ربح مادي أو تشويه للإسلام باسم الاسلام، فهناك مسابقات تطرح كلمة حق يراد بها باطل، أو مصاغة صياغة ماكرة خبيثة.
وهناك مسابقات تطرح من الأسئلة التافهة ليبقى الجمهور في هذا المستوى من التفكير، وتضيع أوقات المسلم في متابعة ما لا يهمه في دينه، ولا حتى في دنياه، ومنها ما هو موجه للمرأة لزعزعة نظام الأسرة المسلمة، ناهيك عن جوائزها غير المعروفة المصدر، المشكك في حليتها.
بالمقابل نجد بعض البرامج قد اتخذت نيتها خالصة لوجه الله تعالى (عز وجل)، بالتالي كان همها التركيز على أهمية المعلومات المطروحة وعمقها، والفائدة للمشارك والمشاهد على حد سواء، ولتكون اداة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث يكون الهدف من المسابقة ليس التذكير بالحق أو بالخلق فقط، إنما الهدف تعليمه بشكل رئيسي.
لذا اقتضت أن تكون فكرة المسابقة متناسبة مع المستويات العلمية الموجهة لهم، إضافة الى مراعاة الجوائز التي تكون هادفة من حيث قيمتها ومعناها مع تحري الحلال من مصدرها، لذا يجب على المشاهد والمشارك وأهل العلم التنبه لهذه الوسيلة في ترسيخ المعلومات وخطورتها والاهتمام بها واستخدامها وتوجيه مستخدميها؛ لتكون وسيلة فاعلة لتحقيق الهدف الأساسي الذي قامت لأجله.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat