قبل ان نذوب في بوتقة الطائفة ..ونخسر وطنا..!!
مام أراس
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
التحديات السياسية والفكرية التي تواجه عملية بناء الدولة القانون والمؤسسات هي كثيرة ، بالرغم من وجود سلطة سياسية يقال عنها انها حكومة منتخبة بإرادة الشعب عن طريق الانتخابات، و ربما لا نغالي اذا قلنا إن تلك التحديات هي تحصيل حاصل لطبيعة عمل هذه الحكومة وأداءها التي لا تتناسب مع حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها ، وهي تحديات كبيرة تشمل حتى ابسط العلاقات الاجتماعية التي تربط مجتمعنا العراقي بعضها ببعض، والتي تؤكد حتمية التفكك على خطوط الطائفية إذا لم تراعي الأطراف السياسية مسالة معالجتها على أساس الانتماء الوطني الصحيح غير مشكوك فيه، وهي بالتأكيد هي من اخطر الخطوط التي تهدد بفصل التاريخ والجغرافية والوحدة الوطنية..
في هذا الإطار ينبغي ان نشخص بعض الجوانب من هذه المصطلحات والمفاهيم التي طرأت على الساحة السياسية بعد سقوط النظام السابق بشكل أقوى ، والتي كانت محصورة في حينها لدى الأغلبية الحاكمة في شكل النظام السياسي السابق الذي كان يحكم البلاد على أساسها
الغرابة في هذه المفاهيم تكمن اليوم في هشاشة البنية الفكرية لعموم الاطراف السياسية وقبولها لهذه المصيبة والتفاعل معها بشكل مخيف ، والتي جردت الفرد من مفهوميته الوطنية حتى تحولت من تلقاء نفسها الى حجر عثرة في وجه بناء الدولة ، وألقت في ذات الوقت بظلال كثيفة من الشك والغموض لمستقبل هذا الوطن..
ان مناقشة خارطة الطائفية والعرقية والمذهبية والدينية تضعنا بلا شك في تناقض الاجتهادات الفكرية والسياسية التي تأتي بها كل طرف وفق رؤيته لهذا المفهوم أو تلك ، والذي يستدعي التسلح مجددا ببعض من تلك الموروثات الاجتماعية التي كانت توحد صفوفنا في حينها ،يوم كانت بلادنا تفتقر إلى الكفاءة والقدرة السياسية وشخوصها ، بالرغم ان هذه الموروثات لا تتناسب مع روح العصر الجديد ، إلا أنها تمهد السبيل لتجديد العلاقات الاجتماعية الموروثة وانصهار الكل في الكل ، قبل ان يذوب الجميع في بودقة تلك المصطلحات ، ونخسر بذلك وطنا ونساهم جميعا في خسارته ، لان المستقبل الذي كنا ولا زلنا نحلم به قد سلك طريق المجهول بالرغم من كل ما يقال عن صلابة الجبهة الداخلية وما يروج لها الإعلام الحكومي الرسمي..
السؤال الذي يطرح نفسه ..لماذا غياب أية خطة إستراتيجية للحكومة في وجه تداعيات هذه المفاهيم والمصطلحات التي تطفو على السطح وترتفع حدتها مع الزمن..؟؟ الواضح في هذه المسالة الحساسة ان الدولة ممثلة بحكومتها ودورها في اشاعة مبدأ التعايش والتعايش والانسجام يبدو ضعيفا جدا ناهيك عن عجزها التام في احتضان اية بادرة التي تصب في هذا الاتجاه ، حتى غدت الفعاليات والنشاطات الاجتماعية تنحصر عند كل طرف لوحدها دون حضور الاخرى ، وهذا يعني باعتقادنا ان المؤسسات الحكومية ذات الشأن بهكذا فعاليات تغض الطرف عن
خطورتها ، والتي و ان لم تظهر نتائجها الان فالمستقبل لا يعجز عن اخفائها..!! ثم أ ليست الحكومة مسئولة عن استقرار الوطن ، وزرع الألفة والمحبة والتفاهم بين مكوناته بغض النظر عن اللون والدين والمذهب..؟؟ ألا تدرك الحكومة ماحجم البراكين التي تغلي تحت الأقدام ، وهي مرشحة للانفجار في كل وقت..؟؟ما لم تتفق الأطراف التي تدير كفة الحكم على ردم الهوة السحيقة الناجمة أساسا عن خلافاتهم العميقة التي تهدد حتى بوجود هذا الوطن ، في خضم الترقب الدولي والإقليمي لنتائج هذه الصراعات،،
ان ما نشاهده اليوم من شحن سياسي متزامن مع حدة التصريحات واتهامات بين أطراف العملية السياسية تنذر بوجود نوايا غير صادقة لا تصب في مصلحة الوطن و ان ما أصابه من محن ومصائب جراء التنازع والتصارع المحموم على الغنائم والسلطة والنفوذ ، في خضم واقع سياسي هزيل يسبح الشعب بدماء أبنائه الأبرياء نتيجة للأفعال الإرهابية التي تصنعها أيادي خارجية وداخلية بهدف الإبقاء على الأوضاع المتوترة التي لا تدفع أثمانها إلا المواطن العراقي ، وهو على أمل أن تنهي تلك الأطراف صراعاتها لتحرره من عنق الزجاجة التي حشر فيها رغما منه..
ومن هنا فان موجة الكراهية وتبادل الاتهامات ، وسياسة التسقيط ، بل وحتى التسقيط الشخصي والتشهير الذي أصبح سمة من سمات العمل السياسي لهذه الأيام ، وهي محاولات للتمسك بالمناصب وعدم التفريط بها حتى تحول البلاد في نظر هؤلاء المتصارعين الى شجرة لا تدر إلا ذهبا وفضة ، ومن ذاق من ثمارها تحول إلى
((عملاق))أخر من عمالقة ((الرافدين)) الذي استهان بدوره بالقيمة الحقيقية للشعب حين حشره في مغامراته المجنونة وجعله وقودا تحترق خلال (35) عاما دون ان يهتز له الضمير..وكان على استعداد ان يبيد كل الشعب مقابل بقائه على رأس السلطة..
ان طبيعة الصراعات التي تزاد شرارتها في هذا الظرف بالذات حيث الأنظار متوجهة الى سبل نجاح انعقاد المؤتمر الوطني العام الذي دعا إليه فخامة الرئيس مام جلال يحتم كل الأطراف التي لا ترضى بمكتسباته السياسية والسلطوية بديلا ان تعيد النظر في صدق انتمائها الوطني قبل ان تجلب لنا الرياح ما لا تشتهيها الأنفس..!!
فكل يوم من أيام العراق يبقى ملغومة بحوادث القتل والتخبط والانفجارات التي تشق عنان السماء ،لان الأطراف السياسية لم تدرك خطورة مساعيها واجتهاداتها الضيقة التي أوصلت العراق ما هو عليه الان ،وهو على أعتاب مرحلة من ازدواجية المصير ،فهناك من يريد السلام والعدل والإنصاف كسبيل وحيد لتجاوز الأزمات ، وهناك بالمقابل كيانات مغمورة في بحر مصالحها الضيقة ، والتي تسعى جاهدة لتمزيقه على أسس الطائفة والدين والعرق ،والتي من اجلها تصنع بل وتخلق صراعاتها أملا بالبقاء لفترة أطول لينفرد بالشجرة وثمارها....!!
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
مام أراس

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat