أنا أؤمن بحق كل واحد في رفض جائزته، ربما يمتلك الأعذار المناسبة التي يقتنع هو بها، لكن الذي يحيّرني هو من يرفض جائزة نوبل ومؤسسها (ألفريد نوبل)، وهي أرقى وأعظم الجوائز في التاريخ البشري على الإطلاق، وتعتبر من الجوائز التي تسهم في التطور البشري في مجالات الطب والهندسة والكيمياء والصناعة والسلام، وكل هذا يسبب تسهيل الحياة على هذا الكوكب؛ إلا أن هناك العديد من الشخصيات الشهيرة التي أسهمت بفكرها وعلمها في اختراعات هامة للبشرية، رفضوا استلام الجائزة ومنهم من احتقر فكرتها من الأساس، وسخر منها ومن القائمين عليها.
أتمنى لو كنت في رأس كل واحد منهم؛ لأرى كيف كان يفكر؟ وما هي الأعذار التي اقتنع بها وآمن بها إيماناً يصل لهذا العمق الرافض.
ومن أشهر من رفضوا استلام جائزة نوبل في الآداب، بل وسخروا منها ورفضوا استلامها لعدم إيمانهم بها وبالقائمين عليها، (جورج برنارد شو) الذي فاز بجائزة نوبل في عام 1925، لكنه رفض واستلمها بعد عام دون أن يحصل على قيمتها المادية، قال: «إن هذا طوق نجاة يُلقى به إلى رجل وصل فعلاً إلى بر الأمان، ولم يعد عليه من خطر».
وكان للكاتب والأديب الكبير (جورج برنارد شو) الفضل في نشر الثقافة الأوروبية والأدب الأجنبي إلى العالم كله من خلال كتاباته المميزة التي أثرت المسرح الأوروبي عندما تحولت إلى أشهر المسرحيات في العالم؛ وظل يكتب للمسرح لفترة كبيرة تزيد على خمسة وأربعين عاماً ما بين المسرحيات الطويلة والقصيرة، هذا إلى جانب مواهبه الأخرى في إخراج العديد من مسرحياته بنفسه، وفي العديد من البلاد في أوروبا وأمريكا.
ومن أشهر مسرحيات ومؤلفاته: (بيوت الأرامل، السلاح والرجل، سيدتي الجميلة، الرائد باربرا، بيت القلب الكسير).
ما أجمل هذه الأمنية! كيف لي أن أكون في رأس الكاتب (جون بول سارتر) ثاني أشهر الأدباء الذين رفضوا استلام جائزة نوبل في الأدب عام 1964. وكان عدم استلامه الجائزة؛ بسبب رفضه استلام الجوائز الرسمية بشكل عام.
يعتبر (جون بول سارتر) فيلسوفاً، وأديباً، وناقداً، وكاتباً مسرحياً، وكاتب سيناريو، وهو متعدد المواهب، وناشط سياسي فرنسي شهير. بدأ حياته أستاذاً جامعياً درس الفلسفة في ألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، وعندما احتلت ألمانيا فرنسا كان له الدور الهام في المشاركة مع المقاومة الفرنسية في مواجهة الاحتلال الألماني.
ومن أشهر أعماله الأدبية: (الغثيان عام 1938، تخطيط لنظرية الانفعالات 1939، الخيالي عام 1940وانجازات أخرى).
وجميل أن أعيش في رأس الكاتب الروسي (بوريس باسترناك)، وهو من الأدباء الروسيين المتميزين في المجال الأدبي، فاز بجائزة نوبل في الأدب عام 1958 إلا أنه أُجبر على رفض استلام الجائزة التي منحتها له أكاديمية نوبل عن رواية (دكتور زيفاكو) التي منعتها السلطات الحكومية في روسيا التابعة للاتحاد السوفيتي وقتها، مما حظر معه انتشار الرواية وحجب الجائزة.
(بوريس باسترناك) كاتب وأديب وشاعر روسي معروف بتأثيره عن طريق رواياته عن الاتحاد السوفيتي والمتمثلة في روايته الشهيرة (الدكتور جيفاغو)، التي تحولت فيما بعد إلى فيلم سينمائي عام 1965 من إخراج ديفيد لين، ومن تمثيل عمر الشريف، وجولي كريستي، وحصد الفيلم خمس جوائز من الأوسكار.
وأتمنى أن أحاور رأس (لي دوك ثو) سياسي ومحارب ومناضل فيتنامي فاز بجائزة نوبل في السلام مناصفة مع وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر؛ إلا أن (لي دوك) رفض استلام الجائزة؛ اعتقاداً منه أنه لم يتحقق السلام في فيتنام وقتها.
(لي دوك ثو) من مواليد الرابع عشر من أكتوبر عام 1911 وتوفي عام 1990، عمل على الكثير من المفاوضات التي قادت الأمريكيين لمحادثات باريس للسلام، وتوصل إلى وقف إطلاق النار وسحب القوات الأمريكية من فيتنام، والتي أدت به إلى الحصول على جائزة نوبل للسلام عام 1973، لكنه رفضها أملاً في انتهاء الاحتلال الأمريكي لفيتنام بشكل نهائي.
وهناك تبقى محاولة الدخول الى رأس (أدولف بوتنانت)، وهو من أشهر العلماء المتميزين في الكيمياء، الفائزين بجائزة نوبل في عام 1939 إلا أنه أُجبِرَ على رفض استلامها.
(أدولف بوتنانت) من مواليد ألمانيا عام 1903 وتوفي في عام 1995، ونال جائزة نوبل؛ نظراً لإسهامه في مجال الكيمياء وعمله على الستيرويدات الجنسية والهرمونات، وهو أول من اكتشف هرمون التستستيرون وتمت مكافأته على أعماله في مجال الكيمياء وحصوله على جائزة نوبل في عام 1939 مع (ليو بولد روزيتشكا) إلا أنه أُجبِرَ على رفض الجائزة لسبب غير معلوم.
و(جيرهارد دوماك) من العلماء الألمان الحاصلين على جائزة نوبل في الطب عام 1939 إلا أنه أُجبِرَ على رفض استلام الجائزة كباقي العلماء الألمان في ذلك الوقت؛ نظراً إلى القانون الذي أصدره أدولف هتلر في ذلك الوقت الذي يحث الألمان على رفض استلام جائزة نوبل عام 1937 .
ويعتبر (جيرهارد دوماك) من العلماء الألمان مواليد عام 1895 وهو عالم وطبيب أمراض وأحياء دقيقة، مكتشف أول مضاد حيوي في التاريخ وهو (السلفوميدوكرايسودين) الذي كان السبب في ترشيحه للحصول على جائزة نوبل في الطب عام 1939، وتوفي سنة 1964 .
ومن الذين حصلوا على الجائزة أكثر من مرة، مدام (ماري كوري) وزوجها (بيير كوري) لإسهاماتهم العظيمة في اكتشاف النشاط الإشعاعي، و علاج الأمراض الخطيرة.
و(ريموند ديفيس) الذي يعتبر من أكبر الحاصلين على الجائزة سناً حتى الآن إذا بلغ عمره 88 عام عندما حصل على جائزة نوبل في عام 2002 في مجال الفيزياء.
والفتاة الباكستانية (ملالا يوسف زي) التي حصلت على جائزة نوبل عن عملها في مجال حقوق الإنسان عن عمر 17 عاماً.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat