الخط العربي بين جمال التراث وتحديات الحداثة..
وفاء حريري
وفاء حريري
يعد الخط العربي رمزا ثقافيا أساسيا في العالمين العربي والإسلامي، بحيث أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) الثلاثاء (14 ديسمبر/ كانون الأول 2021) الخط العربي ضمن قائمتها للتراث غير المادي، فهل تكفي هذه الخطوة لمنع اندثار هذا الفن العريق؟ وأين دوره أمام العالم الرقمي اليوم؟
الخطاط المصري أشرف حسن أبوعاشور
اعتبر استاذ الخط الكوفي والخطاط المصري أشرف حسن أبو عاشور، في حديث خاص مع وكالة “شفقنا”، ان قرار منظمة اليونسكو خطوة تأريخية وانه سيحفظ هذا النوع من الفنون من الاندثار، وكذلك سيسهم في انتشاره بشكل كبير على المستوى العالمي، فضلا عن ان فن الخط العربي مرتبط ارتباطا وثيقا باللغة العربية مما سيسهم في انتشارها أيضاً، كونها لغة القرآن الكريم، وقد عرّفت المنظمة الخط العربي بأنه “ممارسة فنية لكتابة النصوص العربية باليد بطريقة سلسة لتبرز التناسق وأناقة الحركة والجمال”.
هذا ورأى أبو عاشور ان للتقنيات الحديثة عامة والكومبيوتر بشكل خاص دورا مهما في تطوير الإخراج الفني للوحات الخطية ، كذلك في توظيف الخط العربي في التصاميم والاعلانات والمطبوعات وتحقيق الابعاد الجمالية، ومن جهة أخرى قد أثر سلبا على الخطاط وذلك بالإستغناء عنه في كثير من الأحيان من قبل المصممين، بسبب الإعتماد على الفونتات الطباعية الجاهزة وبرامج كتابة الخط العربي، ولا ننكر أهمية الحاسوب بالنسبة للخطاط كونه تقنية تساعده في سرعة ودقة الإنجاز من حيث إعداد قياسات اللوحة وتوزيع المساحات الخطية والزخرفية بشكل دقيق جدا، فضلا عن استطاعته إعداد نماذج عدة بأشكال وألوان مختلفة قبل شروعه بالعمل لاختيار النموذج الأجمل لتنفيذه .
وفيما يتعلق باندثار هذا الفن أشار الى ان هناك جملة أمور يجب اتخاذها لتجنب هذا الأمر، منها: الشروع في دعم الخطاط من قبل الدولة لان الخطاط يمثل الفن الإسلامي والعمق التأريخي للغة العربية – وإقامة المعارض الفنية والمسابقات الخاصة بفن الخط العربي على المستوى الدولي ودعمها من قبل الدولة، كون المعارض والمسابقات الداعم الأكبر لعدم اندثار هذا الفن – وأخيرا إدخال مادة الخط العربي ضمن المناهج الدراسية في المدارس لما له من ارتباط وثيق مع اللغة العربية.
“الخط الحسن يزيد الحق وضوحاً”
في السياق نفسه، بارك الخطاط العراقي زيد الطحان لجميع الخطاطين قرار اليونسكو، خلال مقابلة خاصة مع وكالة “شفقنا” أيضا، معتبرا ان هذا القرار وان كان متأخرا إلا انه يعد بادرة مهمة وداعمة لهذا الفن الأصيل الذي يمتد لعقود من الزمن ومرّ بمراحل تطور كبيرة، مستشهدا بمقولة الفنان العالمي بيكاسو ألا وهي ” كان لدي شيء مفقود في الفنّ، و لقد وجدته في الخط العربي” وأيضا “إن أقصى نقطة أردت الوصول إليها في فن الرسم وجدت أن الخط العربي قد سبقني إليها منذ أمد بعيد”.
وحول واقع هذا الفن في عالمنا العربي في ظل الثورة الرقمية أشار الطحان الى أنه مهما وصل العالم الرقمي الى التطور فإنه لن يصل الى روح الخط الذي يكتبه الخطاط بأنامله، وكذلك لن يجد له (العالم الرقمي) قيمه مادية او معنوية.
أما عن امكانية اندثار هذا الفن اعتبر ان هذا الأمر لن يحدث خصوصا بعد ادراجه بقائمة اليونسكو، ولكن تمنى الطحان على الحكومات والمنظمات العربية المهتمة بهذا الأمر تفعيل المسابقات الدولية والمحلية، وإنشاء دورات تعليمية مستمرة ولقاءات متلفزة للخطاطين ودوراتهم، بالإضافة الى إيجاد طرق لتسويق أعمالهم بحيث لا تبقى هذه الأعمال متراكمة في مكتباتهم، لافتا الى ان التخطيط مرتبط بالقراَن الكريم، مستشهدا بمقولة الإمام علي (ع): “الخط الحسن يزيد الحق وضوحاً”.
هكذا تثبت مرة أخرى حضارتنا العربية والإسلامية أهميتها في ترسيخ جمالية ثقافتنا على مر العصور منذ الأموي – العباسي – الأندلسي وغيرها وصولا الى اليوم تاركة بصمة رائعة وفريدة بين الخطوط واللغات حول العالم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat