العراق الماضي والحاضر وافاق المستقبل (2)
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد عبد الستار الجابري

وقفة عند التاريخ القريب بين ١٩٥٨ _ ٢٠٠٣
انهار الحكم الملكي تحت سنابك خيول القوى العسكرية كنتيجة طبيعية للتنافس الامريكي _ البريطاني على العراق.
من البعيد ان يكون الدور السوفيتي المحض هو سبب سقوط الحكم الملكي في العراق فبحسب الامير الحسين بن علي ان القيادة الاردنية أخبرت الحكومة العراقية بمحاولة الانقلاب وكذلك الحكومة الايرانية ولكن الحكومة البريطانية لم تخبرهم شيئا اي ان الدائرة المخابراتية الغربية كانت تريد للحكومة الملكية الزوال لان العائلة المالكة في العراق غير قادر على مقاومة المد الامريكي في المنطقة فمن جهة التحرك في مصر الميال الى امريكا بقيادة عبد الناصر والوحدة مع سوريا والحركة القومية والشيوعية في الخليج تقتضي ان يزول الحكم الملكي في العراق فسقط الحكم الملكي على يد الجيش العراقي السني الذي تتوزع اهواءه بين مصر وامريكا وموسكو فالشيوعيون في الجيش كانوا هواهم في موسكو والقوميون كان هواهم في القاهرة والبعثيون كان هواهم بين امريكا وبريطانيا وهكذا ازيل الملكيون عن الساحة السياسية ليدخل العراق في مشاكل داخلية واسعة نتج عنها تحول اجتماعي كبير اذ تم عسكرة المجتمع وتطويق الاقتصاد الحر للمواطن وشرعت الهجرة من الريف الى المدينة وضربت القيم الاجتماعية مع الاحتفاظ بالمنهج الأصيل في إقصاء الشيعة والاكراد وهيمنة ابناء الطائفة السنية على مقاليد الحكم مع تركيز الطائفية السياسية والمذهبية والادارية واضيف اليها الاقتصادية اذ اصبحت كل مفاصل الحياة الاقتصادية بيد الدولة السنية.
رافق هذه المرحلة تطور كبير في الجانب التعليمي فأصبح ابناء الشيعة وضمن خطة الدولة موظفين صغار في الدولة العراقية بمختلف مفاصلها وكذلك الاكراد فيم اختص السنة بالمواقع والمناصب المهمة في الدولة بل كانت المهام الادارية كالمديريات العامة وادارات الأقسام بيد السنة وبعض الاقليات الدينية مع إقصاء شبه تام للشيعة والاكراد.
انتج توظيف المواطن والوقوف الحازم امام ارتقاء المواطن الشيعي والكردي إضافة إلى الاستهداف الطائفي والقومي الى التطلع نحو الانعتاق والذي بدأ واضحا في الحرب ضد الاكراد في السبعينات وانتفاضة صفر في النجف وزاد الامر حدة التغير الإقليمي الكبير الذي تمثل بانتصار الثورة الاسلامية في ايران وموقفها المضاد لامريكا واسرائيل الذي دفع بأمريكا لتحشيد الدعم الدولي والمال العربي لدفع صدام حسين لإعلان الحرب الاسنزافية ضد ايران التي دامت ٨ سنوات والتي خرج العراق منها مدينا بمئات الملايين من الدولارات واستكمالا للسيطرة على المنطقة والإعداد لمرحلة دولة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات بعد ان تمكنت اسرائيل سنة ١٩٦٧ من ضم كافة الاراضي الفلسطينية والجولان وسيناء الى اراضيها كنتيجة طبيعية لصيبيانية جمال عبد الناصر وغبائه العسكري، في هذه الفترة من الزمن كان النمو المالي والاقتصادي لدول الخليج بلغ ذروته بالنحو الذي اصبح من الممكن للمال الخليجي ان يؤثر في القرار الغربي وهو امر غير مسموح به أمريكيا واروربيا فتم اغراء الكويت باثارة مشاكل اقتصادية للعراق العاجز عن تأمين رواتب موظفيه بسبب نفقات الحرب العراقية الايرانية مما دفع صدام حسين لاحتلال الكويت عام في ٢ اب ١٩٩٠.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat