صفحة الكاتب : راضي المترفي

قراءة في أوراق الثورة الحسينية 
راضي المترفي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تصدر الحسين كل رجالات التاريخ الذين سبقوه في كلّ الأسفار الخيرة والأعمال الانسانية العظيمة، وطغى نبله وخلقه وانسانيته وايمانه ومبادئه وثباته عليها ومبدئيته ووضح غرضه وهدفه على الجميع بدون استثناء حتى كاد أن يصل الى مرحلة الأنبياء والمصلحين الكبار، وانتمى له كلّ من جاء بعده في دروب النضال والكفاح والانسانية.
وتمنّت البشرية جمعاء أن تكون معه فتفوز فوزا عظيما حتى اصبحت لازمة ودعاء يرددها القراء والخطباء والمنشدون وهم يرتقون المنابر لتمجيد ثورة الحسين أو شرح مضامينها او لإلهاب النفوس حماسا للتفاعل مع تلك الثورة العظيمة رغم مرور القرون على انبثاقها.
هذه الثورة التي توقفت السيوف والرماح فيها، وانتهت الاشتباكات في حومة كربلاء، لكن جذوتها امتدّت عبر الأيام والشهور والسنين والأصلاب والأرحام والأجيال والأمم، وبقيت تلك الجذوة متوهجة ولم يتوقف هذا التوهج على قوم أو أمة دون غيرها وغرف الجميع من منهل الحسين العذب وانتمت له أجيال وسلالات وأمم لم يصلها من الحسين غير جذوة الثورة وبعدها الانساني الرائع.
 وكان الحسين على طول السفر الانساني فردا متألقا متطاول القامة لا يحلم بالاقتراب منها، فضلا عن المنافسة فردا أو أمة، ولكن الجميع يتشرف بالانتماء له أو المتابعة والسير على دربه العظيم.
ومع أن التاريخ الانساني يعجّ بالثورات والثوار وبأحداث غيّر الكثير منها مسارات تاريخية كثيرة وحمل ألويتها رجال يعدّون من النخب على مدار عمر الانسانية الطويل، وسلطت عليهم الأضواء، واقيمت لأجلهم حلقات الدرس، وذهب التاريخ لهم حاملا سجله الذهبي لتدوين ما قاموا به من اعمال انسانية جليلة، وتناقلت اخبارهم حقب وأجيال، وكان لهم لمعان وبريق كشخصيات فاعلة في تاريخ البشرية، ولكنهم خضعوا في النهاية لقوانين الزمن في التوهّج والأفول والتراجع الى زوايا التاريخ التي ينسحب منها الضوء رويدا رويدا.
ولم يخرق قاعدة الزمن هذه أو يخرج عليها بشكل مطلق من رجالات واحداث الا الحسين بن علي بن ابي طالب (عليه السلام)، ولم يكن خروج الحسين على قاعدة التاريخ بالسطوع والتوهج والافول اعتباطا وانما جاء نتيجة طبيعية تتناسب مع مكونات شخصية الحسين وثرائها الانساني والمعرفي وايمانه المطلق بالله وحق الانسان بالعيش حرا كريما من استعباد لحاكم او متسلط والاصرار على ان تكون العبودية للخالق دون غيره من المخلوقين.
لذا غطت شخصية الحسين على شخصيات الانسانية الاخرى وحملت ثورته التي غطت على ثورات العالم في جميع مراحل الانسانية وتطورها مضامين شخصيته الانسانية الايجابية، وارتبطت به ارتباطا جدليا لا انفكاك بينهما، وسعى التاريخ والانسانية بشكل عام سعيا جادا لأن يكونا من حاملي ثورة الحسين والمبشرين بها على تعاقب الحقب والاجيال حتى اضحت ثورة الحسين صنو الشمس اذ ما ان تختفي خلف غيوم او حجب اخرى حتى تفتقد البشرية ضوءها، وهكذا ثورة الحسين ما ان تواجه البشرية ظرفا تُمتحن فيه بظالم او مستبد او متسلط حتى تهرع الى الحسين وثورة الحسين لتستقي منهما الدروس وتنهل من نبعهما ما تحتاجه لمواجهة خصم شهر سيف ظلمه بوجه البشرية وكشّر عن انيابه في فرض سيطرته ورغبته باستعباد الاخرين، فتشمخ بوجهه وتنتصر عليه بتلك المبادئ التي انتصر بها الحسين.
وهكذا خلد الحسين وثورة الحسين واصبح الحسين وثورته نبراسا يهتدي بنوره المظلومون وفنارا يهدي الى دروب النور سفن الثائرين الباحثين عن غد لا يظلم فيه الانسان اخاه الانسان، ومدرسة للكرامة والتضحية والفداء والوفاء والايثار والايمان والاخلاص ينهل من معينها العالمون.
 واصحبت كربلاء التي جسّد على اديمها الحسين ملحمته الحسينية الانسانية محط انظار بني ادم وهوى قلوبهم ومحجة لثوارهم ومدرسة للأخلاق والرفعة والسمو والاباء ورفض الظلم والعبودية لغير الله، فسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وأولاد الحسين وأصحاب الحسين وثورة الحسين ورحمة الله وبركاته.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


راضي المترفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/02/20



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في أوراق الثورة الحسينية 
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net