صفحة الكاتب : عقيل هاشم الزبيدي

الإصلاح الديني .. مسؤولية من؟؟
عقيل هاشم الزبيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المقدمة::تخضع الدولة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي لمركزي ثقل احدهما سياسي والأخر ديني يتنافسان ويتعارضان في بعض الأحيان ويتطابقان ويعملان معا في أحيان أخرى .وكثير ما برزت دعوات لفصل الدولة عن الدين 0 ولعل الحديث عن الإصلاح الديني في الشرق  الأوسط والعالم الإسلامي على وجه الخصوص والدعوة إلى حوار الأديان ،قد شهد تصاعدا بعد الحادي عشر من سبتمبر ،وهو أمر اوجب على الكثير من البلدان أن تفكر جديا في تغير منظومتها الاجتماعية والسياسية وان تعيد النظر في علاقاتها الداخلية مع الحركات والتنظيمات الدينية وعلاقاتها الخارجية مع الدول التي تربطها بها صلات ومصالح دولية أو إقليمية مشتركة. ولاجراء الإصلاح الديني يجب ابتدآ التفريق بين الدين باعتباره منجزا إلهيا وبين الفعل الإنساني الديني قراءة وخطابا وتجربة تاريخية ،ومثل هذا التفريق ضروري بذاته كونه يؤصل البنية الذاتية لكل من الدين والفعل الإنساني ..  بداية يجب تحديد اتجاه بوصلة الإصلاح ،فان مساحات الاشتغال يجب أن تتجه صوب إصلاح الفكر الديني كبنية وانساق باعتباره العقبة أمام توظيف الحقيقة الدينية وتطور الحياة الإنسانية معا0ان العقبات الحقيقية للإصلاح تتمركز في طبيعة الخطاب والفعل الديني للمتدين ولاتتصل بالبنية الذاتية للدين كحقائق إلهية يراد للإنسانية الاهتداء اليها0وان أهم مساحات اشتغال الإصلاح الديني تتمثل بإعادة رسم العلاقة من جديد بين الدين والدولة على أساس من مدنية الدين والدولة معا والاعتراف المتقابل بينهما على وفق استحقاقات خلافة الجنس البشري وأصالة فعله وحرياته وخياراته. وقال رسول الله (ص)إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها 0وهذه ربما إشارة إلى إن مصطلح التجديد قد سبق مصطلح الإصلاح .على تقدير غالبية الدارسين ،وهذا لايعني انقطاع فكرة الإصلاح عن الأدبيات الإسلامية ،فقد شكل الإصلاح أساس الخطاب الحسيني لفظا ومعنى وسلوكا كما شكلت فكرة الإصلاح محتوى النهضة العربية وجاءت مقرونة بحركات ثورية ترفع شعارات دينية . أما الحديث عن شكل الحكم يقوم على الأصل الثابت وهو ولاية الأمة على نفسها باعتبار إن مسالة الحكم في الوقت الحاضر لم تعالج في نص خاص على مذهبي الشيعة والسنة معا كما قال السيد الشهيد محمد باقر الصدر،فيكون الرجوع إلى أصل ولاية الأمة على نفسها لتنظيم آليات حياتها بما يحفظ لها وجودها وبقاءها وتقدمها وهو الراجح ما دامت الأمة لاتتحد بصيغة ثابتة للحكم ولكونها الادرى بما يناسبها لتسييرامورها العامة وهي صاحبة السلطة في ذلك .. لقد أقام الإسلام رؤيته للإنسان على أساس استخلافه لأعمار الأرض (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة...البقرة)ومن مقتضياتها العقل الإرادة والاختيار الحر. فالاستخلاف هنا حركة واعية وحرة ولا جوهر لها مع انتفاء الإرادة والاختيار .. إن إقامة العدل وإشاعته بوصفه عماد أية تجربة ومقياسها ،وفي طليعة استحقاقات العدل إقرار حقوق البشر ونفي استعبادهم وظلمهم واستغلالهم ومصادرة حقوقهم في الولاية على انفسهم..وان في نفي الإسلام للتسلط وهضم الحقوق تأكيد على نفي أية شرعية للحكم الاستبدادي المنافي لرضا الناس وقبولهم..واخيرا نقول إن إنتاج الخطاب الديني المدني المؤصل للمواطنة والديمقراطية والحقوق المدنية إنما هو أنموذج للمساحات التي يمكن الاشتغال عليها بما يضمن إصلاح الخطاب الديني من جهة ومن جهة أخرى يضمن إنتاج الإصلاح المجتمعي والسياسي إحداثه في أصل بنية المجتمع والدولة . ونعتقد بإمكانية ذلك وضرورته .. فلن تفلح محاولات اسر الواقع من خلال الأطر النمطية للفكر الديني التقليدي ،كما لاتفلح محاولات من يريد استئصال الدين ونفيه عن ساحة الحياة00المطلوب جهدا نخبويا لتمكين الخطاب والممارسة الدينية المدنية المنتجة على أساس من الاصلاح..؟
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عقيل هاشم الزبيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/12/04



كتابة تعليق لموضوع : الإصلاح الديني .. مسؤولية من؟؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net