قراءة في صلح الامام الحسن (عليه السلام)(22) العوامل الاجتماعية لصلح الامام الحسن (عليه السلام)(9)
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد عبد الستار الجابري

في مقابل ذلك كان المجتمع الشامي مستقراً، حيث كان اول عامل عليها يزيد بن ابي سفيان الذي نصب والياً لسلطة قريش عليها ثمناً لسكوت ابي سفيان، وبعد وفاته ولي عليها اخوة معاوية بن ابي سفيان، الذي كلما تولى هرم السلطة القرشية احد ابناء بطونها وسع في سلطته حتى اذ ولي عثمان ولاه جميع الشام، فكان والياً على الشام بصورة رسمية لمدة عشرين سنة، وبقي حاكماً فعلياً متمرداً على الدولة المركزية خمس سنوات ايام خلافة امير المؤمنين والامام الحسن (عليهما السلام) ثم خليفة على الشام عشرين سنة مدة حكمه.
في السنوات العشرين كان المال والقرار السياسي والاداري والامني في الشام بيد معاوية لا يحاسبه احد، فكان في الواقع يعيش حالة من الكونفدرالية مع المركز، فتمكن من كسب الشخصيات المهمة في الشام، والقبائل التي سكنت الشام، وضمن ولاءها له، وركز في اجيال الشاميين حاكمية السلطان بدلاً عن حاكمية القرآن، بل نشأ الجيل الشامي على ان الحق ما يقوله الجهاز الحاكم في الشام، فلما قُتل عمار بن ياسر (رضوان الله عليه) في معركة صفين، وتنادى العسكرين قتل عمار، وكان الفريقان قد رووا عن رسول الله (صلى الله عليه واله) (ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم الى الجنة ويدعونه الى النار) جرت الهمهمة في صفوف الشاميين فتصدت السلطة الشامية لتحرف معنى حديث النبي (صلى الله عليه واله) وتقول لهم (ان الذي قتل عمار هو الذي اخرجه للحرب) اي ان علياً (عليه السلام) هو قاتل عمار (رضوان الله عليه) وتلقى الشاميون هذا التفسير برضا تام، ومن هنا نجد ان الشاميين في زمن معاوية كانوا يعيشون حالة الاستقرار النفسي والقيادي والمرجعي والثقافي، فالحق عندهم ما تقوله سلطة معاوية سواء كان كلام يقبله العقل ام لا، ولذا لم يجد وعظ ابي ذر طريقاً الى قلوب الشاميين لما نفاه عثمان الى الشام - عسى ان يتمكن معاوية من ان يرشيه عن دينه - فلما عجز معاوية طلب من عثمان ان يخرج ابا ذر (رضوان الله عليه) عن الشام خشية ان يتأثر به بعض اهلها، ولما سمع الشاميون ان علياً (عليه السلام) قتل في المحراب استغربوا ان كان علي (عليه السلام) يصلي، ولما اسقط العباسيون الحكم الاموي قال قادة الشام انهم كانوا لا يعرفون اهلاً للنبي (صلى الله عليه واله) سوى بني امية.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat