صفحة الكاتب : السيد عبد الستار الجابري

قراءة في صلح الامام الحسن (عليه السلام) (18) العوامل الاجتماعية لصلح الامام الحسن (عليه السلام) (5 )
السيد عبد الستار الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 نشأ عن حاكمية السلطان انهيار كبير في قيمة اسلامية عليا نص عليها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وهي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاصبح المسلمون ينظرون الى المنكر وهم ساكتون لانهم رأوا ان من يعترض على المنكر توجه له انواع العقوبات، فرأوا بام اعينهم كيف عزل زيد بن ارقم عن ادارة بيت مال المسلمين وسلمت المفاتيح الى مروان بن الحكم، وعين المسألة حصلت في الكوفة بعد عزل عبد الله بن مسعود عن ادارة بيت مال المسلمين فيها، ورأوا كيف ان ابا ذر الغفاري (رضوان الله عليه) نفي الى الربذة بعد ان نفي الى الشام، وكيف ان عمار بن ياسر (رضوان الله عليه) ديس في بطنه حتى فتق، وكيف تعاطت السلطة مع عبد الله بن مسعود فكسروا اضلاعه ومنعوا عنه العطاء حتى مات.
كما ان سيرة السلطة كانت على تنصيب من لا هوى له في اهل البيت في المناصب الادارية والعسكرية المهمة، ولما ولي عثمان ولى كل بعيد طريد معاد للاسلام حاقد على الدين، حتى بلغ الظلم اقصاه وبدأت الامة تتذمر ولكنها تخشى التصريح لانها دُجنت منذ رضيت بالهجوم على دار فاطمة واقصاء اهل البيت (عليهم السلام) عن استحقاقهم الذي جعله الله لهم.
في خضم الانحراف المجتمعي الكبير عن القيم الحقيقية للاسلام، كان امير المؤمنين (عليه السلام) وخلص اصحابه ومن تقرب اليه واقترب منه يمثلون خط المواجهة ضد الانحراف، وكان الدور الاساس لامير المؤمنين (عليه السلام) وابي ذر والمقداد بن الاسود الكندي وعمار بن ياسر وسلمان الفارسي، وعثمان وسهل ابني حنيف الانصاريين ومحمد بن ابي بكر ومحمد بن ابي حذيفة ومالك الاشتر وعمرو بن الحمق الخزاعي ورشيد الهجري وغيرهم ممن صدق ولاؤه لامير المؤمنين (عليه السلام) ولم يغير ولم يبدل، وتأثرت بنشاطهم قطاعات واسعة من الناس لما احسوه من الاخلاص والايمان والنقاء والصفاء وتطابق ما يدعون اليه مع القرآن الكريم والسنة المطهرة.
مجتمع المسلمين بين عامي 35 – 40 ه
كان عام 35 ه يمثل نهضة كبيرة في تاريخ المجتمع المسلم اذ انطلق من سباته وغيبوبته وغيابه عن ساحة التأثير ليعلن رفضه لسياسية بني امية وامتعاضه منها واعتراضه عليها، ومطالبته بان يعود الحق الى نصابه وان يكون العدل ورعاية الشرع هو الاساس في التعاطي مع الرعية، فانطلقت الكوفة يقودها الاشتر والبصرة يقودها عثمان بن حنيف الانصاري ومصر يقودها عمار بن ياسر ومحمد بن ابي بكر، لانكار المنكر واقامة العدل فكان ذلك اول صحوة عارمة للمجتمع الذي تم تخديره طيلة 25 سنة انتهت بمقتل عثمان بن عفان بعد ان كانت قريش تقف بالضد منه، والصراع بين القطبين الامويين - معاوية ومروان - اخذ دوره في الاسراع في الاجهاز عليه، وكان السبب الاساسي هو شعور الامة بالغبن والظلم بسبب الفساد الاداري والمالي الكبيرين، وظهور قريش كقوة مالية عظيمة بينما كان ابناء المجتمع المسلم يعيشون حالة الكفاف او دونها، فظهور الطبقية واختصاص فئات من الشخصيات القرشية والاموية بحيازة اموال المسلمين والتلاعب بمقتنيات بيت المال دفعت الامة للثورة على الظلم، وكان للنشاط التبليغي الذي قام به خلص الصحابة كابي ذر وعمار والمقداد وعبد الله بن مسعود وغيرهم الدور الكبير في ايقاض الامة من هجعتها.
بعد 25 سنة من تجهيل الامة بتراثها وقيمها الدينية الاصيلة، واكتفاءها بالطقوس الشكلية، وظهور حاكمية السلطة بدلا من حاكمية القرآن، غدت الامة جاهلة بعيدة عن الحق عاجزة عن التشخيص، تنتظر اراء زعماءها وكبرائها وشيوخ قبائلها، وتنظر الى القاضي والمفتي على انه الممثل للشريعة، وهكذا تسافلت الامة وانحدرت بعيداً فالامة ترى ان من بايع علياً (عليه السلام) في المدينة جَيش عليه الجيوش وتهيأ للحرب ضده، الزبير وطلحة من قدماء الصحابة وتسندهما عائشة زوج النبي (صلى الله عليه واله).
عندما وصل جيش عائشة الى البصرة ارادوا ان يتصرفوا بها فرفض عثمان بن حنيف فتدخل بينهم شخصيات البصريين، على ان لا تقع بين الطرفين الحرب حتى يراسل عثمان بن حنيف امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) ويعرف ما هو تكليفه تجاه الناكثين، ولكن الناكثين لما علموا بتوجهه (عليه السلام) الى البصرة نقضوا العهد الذي عهدوه الى عثمان بن حنيف وارادوا قتله لكنهم خشوا ان تثأثر قبيلته من اقاربهم في المدينة فنتفوا شعر لحيته وشاربه وحاجبيه، وهو شيخ قد ابيض سواد شعره، وقتلوا اكثر من خمسين من عمال بيت المال، وانتهبوا بيت مال البصرة.
كان الناس في البصرة مختلفي التوجهات فبعض لهم ولاء لبني امية، وهؤلاء التحقوا بجيش عائشة وبعض كانوا ينتظرون فتوى قاضي البصرة كعب بن سور، الذي رفض في البداية ان يستجيب لطلب طلحة والزبير ولكن لما دعته عائشة استجاب لها وكان يقود الجمل بيده وقد علق في عنقه قرآنا مع انه قد سبق ان بايع امير المؤمنين (عليه السلام) فلما التحق كعب بن سور بعائشة التحقوا به.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


السيد عبد الستار الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/10/29



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في صلح الامام الحسن (عليه السلام) (18) العوامل الاجتماعية لصلح الامام الحسن (عليه السلام) (5 )
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net