الناس أعداء ما جهلوا .
عبد الامير الموسوي البشيري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الامير الموسوي البشيري

كلمة قالها سيد البلاغة امير المؤمنين علي عليه السلام ، كلمة أقل ما تستحق أن توضع في صندوق الجواهر وتخرج بين فترة وأخرى وتؤخذ منها الحكمة ثم تمسح بقطعة من الحرير وتعطر ثم توضع مكانها في صندوق الجواهر ....
نعم فالناس أعداء ما جهلوا . فمن عرف نفسه عرف ربه ، ومن جهل نفسه جهل ربه ، فالجهل طريق سالكة للكفر والضلال ، والمعرفة طريق معبدة لمعرفة الحق والهداية ، كلمة قالها إمام معصوم في زمن فيه العالم الانساني يحب ان يتكيّف مع الحياة ومتطلباتها ، ولكن الاستثناء في هذه القاعدة علي بن ابي طالب والقليل من البشر كالانبياء والرسل وباقي الربانيين في هذه الدنيا ، فان الحياة هي التي تتكيف مع افكارهم وطروحاتهم العابرة للازمان وللاماكن وللانسان ، وذالك من منطلق ان هذه الثلة من البشر هي الضوابط لحركة الحياة ، فكلما استمرت حركة الحياة ، وذهبت بالتفاعل مع المتطلبات الاجتماعية وظهرت بوادر الانحراف هنا او الانعطافة هناك في الحركة ، عندها يرجع الى البوصلة لارجاع عجلة المسيرة في الحياة الى سكتها الصحيحة وهكذا تستمر الحياة بالمسير بين الفينة والاخرى بفضل تلك البوصلة التي تقوّم من المسيرة كلما انحرفت عن جادة الاستقامة والاستمرار !.
ومن نسل هذا الإمام العظيم إبنه السيد إبن السيد وسيد شباب اهل الجنة السبط الأكبر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، هذا الإمام الحليم والصبور والحكيم ، كان ينطق السماحة حين يبادر الكلام وينثر الحكمة حين يسأل عن مسألة , فقد سُئل الإمام الحسن عليه السلام : ما بالنا نكره الموت و لا نحبه ؟ فقال عليه السلام : إنكم أخربتم آخرتكم و عمرتم دنياكم فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب .
نعم فالإنسان يكره الموت لأنه لم يقدم ما يريحه في داره الأبدية ، وفي النتيجة تجهلون ما سيلاقيكم وتجهلون عاقبة أمركم ،
وقد عانى سلام الله عليه من جهل بعض أتباعه في وجه الحكمة بالصلح مع معاوية بن أبي سفيان لعنة الله عليهما فكان من شجون الحديث ما لا يستسيغه ولا يتحمله قلب مؤمن ونترك ذلك للنسيان ، ولكن نذكر هذه الرواية لكي نرفع الجهل عن سحب عقولنا ونبصر الحقيقة بعينها وذلك من لسان الامام الحسن عليه السلام حينما سأل عن سبب الصلح
( عن ابي سعيد عقيصا : قلتُ للحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) يا ابن رسول الله لِمَ داهنت معاوية وصالحته ، وقد علمتَ أن الحق لك دونه وأن معاوية ضال باغ ؟ فقال ( عليه السلام ) : يا أبا سعيد ألستُ حجة الله تعالى ذكره على خلقه ، وإماماً عليهم بعد أبي (عليه السلام) ؟ قلتُ : بلى .
قال : ( ألستُ الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لي ولأخي : الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ) قلتُ : بلى .
قال : فأنا إذن إمامٌ لو قمتُ ، وأنا إمامٌ إذا قعدتُ ، يا أبا سعيد علَّةُ مصالحتي لمعاوية علَّة مصالحة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبني ضمرة وبني أشجع ، ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية ، أولئك كفَّار بالتنزيل ، ومعاوية وأصحابه كفَّار بالتأويل ، يا أبا سعيد إذا كنتُ إماماً من قبل الله تعالى ذكره لم يجبْ أن يُسفَّه رأيي فيما أتيته من مهادنة أو محاربة ، وإن كان وجهه الحكمة فيما أتيته ملتبساً .. ألا ترى الخضر (عليه السلام) لمَّا خرق السفينةَ ، وقتل الغلام ، وأقام الجدار ، سخط موسى (عليه السلام) فعله، لاشتباه وجه الحِكمة عليه حتى أخبره فرضي ، هكذا أنا سخطتم عليَّ بجهلكم بوجه الحِكمة فيه ، ولولا ما أتيتُ لما تُرك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قُتل ) . ( علل الشرائع ج 1 ص 211 . ....
نعم أيها القارئ الكريم تمعن في كلام الامام عليه السلام حين يقول ( هكذا أنا سخطتم علي بجهلكم ) لانكم جهلتم وجه الحكمة صرتم أعداء لموقفي وصلحي مع علمكم وتيقنكم بإمامتي من الله تعالى ، هكذا يفعل الجهل بوجه الحكمة بأصحابها . أجارنا الله وإياكم من الجهل ،
واخيرا أذكر لكم كلمة لأفلاطون لا تخلوا من وجه حكمة
فقد قيل لأفلاطون : لم يبغض الجاهل العالم ، ولا يبغض العالم الجاهل ؟ فقال :
لان الجاهل يستشعر النقص في نفسه ، ويظن إن العالم يحتقره ، ويزدريه فيبغضه ، والعالم لا نقص عنده ولا يظن إن الجاهل يحتقره ، فليس عنده سبب لبغض الجاهل .
وما اجمل ما قال الشافعي :
كُلَّما أدَّبَـنــــــِي الدَّهْــــــــــــرُ … أرَاني نَقْصَ عَقْلِي
وإذَا ما ازددتُّ عِلْمًا … زَادَنِي عِلْمًا بِجَـهْلِي
وقول الشاعر :
جهلت أمرا فأبديت النكير له
والجاهلون لأهل العلم أعداء
..........
فسلام على باب الحكمة ووجه النعمة مولانا وسيدنا الإمام الحسن بن علي ورحمة الله وبركاته .
رزقنا الله وإياكم زيارته في الدنيا وشفاعته في الآخرة بحق محمد وآل محمد ..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat