صفحة الكاتب : علي جابر الفتلاوي

الساحة العراقية مَنْ يصارع مَنْ ؟
علي جابر الفتلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المتابع للساحة السياسية العراقية لا يجد صعوبة في تشخيص حالة الصراع ، هناك الحكومة المنتخبة برئاسة نوري كامل المالكي ، وهي تقود تيارا وطنيا يريد الوحدة للعراق وشعبه ، ويريد عراقا قويا سياسيا واقتصاديا وقويا في كافة المجالات، وغير خاضع للنفوذ الخارجي ، وهناك تيارات اخرى، منها من هو جزء من الحكومة  ومنها من هو خارجها تتصارع مع هذا التوجه الوطني للحكومة انتصارا لاجندة  تحملها ، وعندما اقول تصارع الحكومة وهي جزء منها انما تصارع رأس الحكومة والرجال الذين معه في التوجه الوطني ، حيث يمارس من هو داخل الحكومة دورين دور الحاكم ودور المعارض ، وهذه حالة فريدة غير موجودة في النظم الديمقراطية الاخرى، انما وجدت في العراق بسبب فرض نظام المحاصصة ، او ما يسمى المشاركة والنتيجة واحدة وان اختلفت التسمية ، هؤلاء الذين يصارعون الحكومة وهم جزء منها انما ينفذون اجندات تتعارض والتوجه الوطني للحكومة ،ومنها اجندات خارجية وادوات تنفيذها رجال السياسة المتصارعون مع الحكومة والذين يريدون خلق المشاكل والازمات على الدوام ، لاجل سحب البساط من رجال التيار الوطني ، الذين يرفضون تجزئة العراق اوتحويله الى دولة ضعيفة  ، ويرفضون خضوع العراق للنفوذ الاجنبي سواء كان سعوديا اوقطريا او تركيا ، او ايرانيا ، او أي نفوذ اجنبي اخر .
لا اظن انه اصبح خافيا على الشعب العراقي ان يعرف من هو الحاقد عليه؟ ومن الذي يتآمر على الوضع السياسي الجديد ؟ ومن الذي يريد اثارة النعرات الطائفية ؟ ومن الذي يريد تقسيم العراق الى دويلات طائفية وقومية متناحرة ؟ كما لا يخفى على شعب العراق ان يشخص بعض السياسيين الوصوليين الذين لا يهمهم سوى المناصب ويسلكون أي طريق للوصول لهذا الهدف ، حتى وان تطلب ذلك التضحية بمصالح العراق الوطنية ، لذا نرى مثل هؤلاء قد اكتسبوا صفة المنافقين بامتياز ، اذ نراهم مرة مع هذا الطرف واخرى مع ذاك .
لودققنا النظر في الساحة العراقية ، نستطيع تشخيص ثلاثة تيارات داخلة في صراع مرير مع الحكومة او بالاحرى مع التوجه الوطني العام للحكومة الذي يقوده رئيس الوزراء نوري المالكي ، اصحاب التيارات الثلاثة هذه كل يبغي تحقيق اهداف قد تتفق مع اهداف التيار الاخر وقد تختلف لكن في الواقع هم متعاونون في التخطيط والعمل لازاحة رجال الصف الوطني بقيادة المالكي عن السلطة  وتوجيه العملية السياسية بالمسار الذي يرضي هذه الاطراف الثلاثة ، ويرضي الجهات الداعمة والمتعاونة معها داخليا وخارجيا ، التيار الاول الذي يسعى لقلب المعادلة السياسية الجديدة لصالحه وبدعم سعودي قطري تركي ، هذا التيار بعض اطرافه مشترك في الحكومة ويمارس دوره التخريبي من خلال هذه المشاركة ، ويمثله فلول بعض السياسيين المحسوبين على فكر البعث الدموي ، وقد تحالف مع هذا الخط السلفيون المدعومون من السعودية وقطر بشكل مباشر ، هذا الخط يتاجر باسم السنة والسنة الاصلاء براء منه ، لانه لا يمثلهم بل يمثل الاجندة السعودية والقطرية المدعومة من الكيان الصهيوني، وطارق الهاشمي ينتمي الى هذا الخط ، وقد لاحظنا كيف استقبلت قطر والسعودية طارق الهاشمي ، وسمعنا تصريح حمد الطائفي امير قطر والذي يحرّض فيه على الفتنة الطائفية في العراق بعد انتهاء مؤتمر القمة مباشرة الذي عقد في بغداد بنجاح ، الامر الذي افقد صواب حمد واطلق تصريحات لا يمكن تصنيفها الا في باب الحقد على الشعب العراقي الذي اخمد نيران الطائفية التي كان يراهن عليها حمد وامثاله من الحكام من دعاة الطائفية ، وقد جاء موقف عشائر ووجوه واهالي صلاح الدين الذين ادانوا تصريحات حمد الطائفية لطمة قوية ردت تصريحاته الى نحره .
التيار البعثي السلفي الطائفي المدعوم من السعودية وقطر ودول اخرى وخاضع لنفوذ هذه الدول وهو آلة لتنفيذ اجندتها ، هذا التيار يدعي تمثيله للسنة ، لكن الاخوة السنة متمسكون بوطنيتهم وعراقيتهم ويرفضون ارتباطهم بأي نفوذ خارجي ، وقد اثبت السنة هذا الموقف في محطات كثيرة ، ويؤسفنا ان نقول السنة او الشيعة او الكرد او أي طائفة اخرى ، لكن هذا الخطاب الذي يصنف الناس هكذا جاء مستوردا من خارج الحدود ، وفُرض مع المحاصصة المقيتة والمفرّقة للشعب العراقي الواحد المتآخي ، وسيزول هذا الخطاب حتما بزوال المحاصصة ، لان العراقيين يجمعهم شعور المواطنة المبني على حب الوطن الواحد والشعب المتآخي الواحد .
التيار الطائفي السلفي البعثي سار بأتجاهين لاسقاط الحكومة وتغيير المعادلة السياسية الاتجاه الاول المشاركة في الحكومة وممارسة التخريب من خلال هذه المشاركة والاتجاه الاخر دعم الارهاب وخلق الفوضى الامنية لغرض اسقاط الحكومة ،وقد تبين ذلك واضحا من خلال وجود طارق الهاشمي اذ مارس الخطين في التخريب الى ان اكُتشِف امره اخيرا ، لكن موقف الحكومة الصلب تجاه الارهاب والقضاء على الكثير من بؤره اجبر هذا التيار المدعوم خارجيا لتغيير خطته الداعية الى اسقاط الحكومة والانتقام من الشعب العراقي ، اذ اخذ هذا التيار يدعو في هذه الايام الى استغلال احدى فقرات الدستور التي تدعو الى الفيدرالية ، لغرض تقسيم العراق على اساس طائفي وقومي ، وهو احياء لمشروع بايدن القديم ، وقد وصلوا الى هذه المرحلة بعد حالة اليأس التي انتابتهم بسبب فشلهم في تحقيق اهدافهم عن طريق العنف والارهاب ، فلجأوا الى طريقة تقسيم العراق طائفيا وقوميا ، وبدعم من بعض دول الاقليم الطائفية والعنصرية ، واليوم اصبح التيار الطائفي البعثي من اشدّ الداعين الى الفيدرالية بعد ان كانوا من اشد المعارضين لها بالامس ، عارضوها بعد ان كانوا يعيشون حلم عودتهم للحكم ، ودعوا اليها بعد ان يئسوا من اسقاط الحكومة . 
بعض الدول الاقليمية يدعمون اليوم مشروع تقسيم العراق الى ثلاث دويلات على اساس قومي وطائفي ، لانهم يخشون من وحدة العراق ، اذ العراق الموحد هو العراق القوي ، وهذا لا يروق لهم خاصة للكيان الصهيوني والدول الحليفة له في المنطقة ، الخط البعثي السلفي اليوم يدعون لتقسيم العراق باسم الفيدرالية ، وهذا استغلال للدستور الذي يقر الفيدرالية ، التي لا تجزئ الوطن الواحد الى دويلات الشعب يرفض التقسيم باسم الفيدرالية ، علما ان الدستور لم يفصّل نوع الفيدرالية  واظن ان الشعب يرفض اي نوع من انواع الفيدرالية عدا الفيدرالية الادارية التي تحافظ على وحدة الشعب والوطن ، والفيدرالية التي اقرها الدستور لا يمكن تطبيقها بشكل صحيح وفعال الا بعد استتباب الامن والقضاء على بؤر الارهاب ، وبعد تثبيت الحدود الادارية للمحافظات ، لان المادة الدستورية ( 140 ) انما تعالج جميع الحدود الادارية للمحافظات ، وليس الحدود الادارية للمحافظات الشمالية فحسب . 
اما التيار الثاني الذي يصارع الحكومة المركزية اليوم بقوة ويريد ان يشارك الحكومة المركزية في كل شئ ، لكن لا يسمح بان يشاركه احد في حدود نفوذه فهم الاخوة الكرد ، الذين يريدون مشاركة المركز في كل شئ ، ولا يسمحون للمركز بان يمارس صلاحياته الدستورية في الاقليم ، والملفت للانتباه انهم جزء من الحكومة ويهاجمونها وكأنهم غرباء عليها ، وفي الواقع انما هم يهاجمون مسار الحكومة الوطني الدستوري ، وخاصة رأس الحكومة المالكي والرجال الذين يعملون معه  نرى الطرف الكردي يعلن تأييده لكل جهة تنادي بالفدرالية حتى وان ادت الى تقسيم العراق ، لان هذا المطلب انما يحقق هدف الكرد بالانفصال عن العراق ، بل ان بعض مسؤوليهم السياسيين اليوم اخذوا يصرحون علنا في وسائل الاعلام لتحقيق هذه الرغبة  والمؤشرات تقول انهم بمجرد ان يحققوا مطالبهم في بعض التشريعات والمطالبات بالمناطق المتنازع عليها سيعلنون انفصالهم عن العراق ، سيما وان الظرف الاقليمي اليوم يخدمهم لتحقيق مطلبهم هذا لان الدول المعادية للعراق الجديد تدعم تقسيم العراق الى دويلات ضعيفة متناحرة ، والكرد قد استغلوا هذا الظرف لصالح مطلبهم بالانفصال وليس لصالح العراق ، وهم بالامس ايدوا مشروع بايدن لتقسيم العراق  واليوم يؤيدون الخط المدعوم من السعودية وقطر لتقسيم العراق الى اقاليم طائفية تحت مسمى الفيدرالية ، لهذا نرى التصعيد الكبير في موقف الكرد من الحكومة المركزية ، ونرى كيف ايدوا الخط البعثي السلفي الداعي لتقسيم العراق  ورأينا احتضانهم للهارب المطلوب للقضاء طارق الهاشمي الذي هو احد افراد هذا الخط السعودي القطري ورأينا كيف سهلّوا عملية هروبه من كردستان الى قطر  الاكراد تخيلوا ان الظرف اليوم لصالحهم لتحقيق رغبتهم بالانفصال لذا اعلنوا حربهم الاعلامية على الحكومة المركزية ورئيسها المالكي ، ونسوا انهم جزء مهم في الحكومة ، لذا ارى ان استغلالهم لهذا الظرف هو ليس في صالحهم ، كما عليهم ادراك انهم جزء من العراق  وان الشعب العراقي لن يتخلى عن حبه للاكراد لانهم جزء منه ، وبهذه المناسبة ندين بشدة التهديدات التي صدرت على لسان البعض ضد الاخوة الكرد فهم عراقيون ونعتز بهم ولن نسمح لاي جهة بالتجاوز عليهم ، لانهم اخوتنا وشركاؤنا في الوطن ، وانا اعتبر ظهور مثل هذه التهديدات يأتي بسبب تهور بعض السياسيين في تصريحاتهم والتي تؤجج العواطف اذ لا فائدة منها سوى ان تُستغل من اعداء الوطن في حين يعرف الجميع ان الطريق الصحيح لحل المشاكل هو الحوار والحوار فقط عن طريق القنوات الطبيعية والرسمية بعيدا عن التصعيد الاعلامي .
 اما التيار الثالث الذي يقف بوجه الحكومة خاصة راس الحكومة المالكي ،وهذا التيارلا يقف بدافع تغيير المعادلة السياسية ، بل بسبب الانانية ، والطمع في المناصب من غير استحقاق ، هذا التيار وان كان تأثيرة ضعيف ، الا انه يولد زخما وتشجيعا للتيارين الاخرين ، كذلك يولد ضوضاء وهوس في الاعلام يُستغل من اعداء العملية السياسية الجديدة ، هذا التيار يتحرك ايضا بدافع الحسد والانتقام ، فنراهم مرة يصطفون مع هذه الجهة واخرى مع تلك ، لا لشئ سوى بدافع المنفعة والطمع في الحصول على المنصب ، وهذا امر يؤسف له لان مثل هؤلاء لا يفكرون بالمصلحة العليا للوطن ، بل بالمصلحة الشخصية فحسب ، هذه التيارات الثلاثة التي توجه سهامها الى الحكومة وخاصة رأس الحكومة ، هي موضع اهتمام واحتضان من القوى الاقليمية المعادية للعراق ولشعبه ، لانها تريد منفذا ومبررا تتسلل منه للتدخل في شؤون العراق الداخلية ، بغية اضعاف العراق وتعويق تقدمه الديمقراطي لان الوضع الجديد في العراق اصبح مصدر خوف وقلق للدول الاقليمية ، الطائفية والدكتاتورية منها خاصة ، كالسعودية وقطر التي تحكم وراثيا بتسليم الاب لابنه مقاليد السلطة بعيدا عن رغبة وارادة الشعب منذ عشرات السنين ، واليوم بعد ان شاهدت الوضع الجديد في العراق ، بدأت تخاف على نفسها من المد الديمقراطي العراقي ، ولهذا السبب جاء هوس امير قطر بعد سماعه بنجاح القمة في بغداد .
التيارات الثلاثة هذه هي اليوم من يتصارع ضد ارادة الشعب العراقي الممثل في حكومة المالكي الوطنية المنتخبة من الشعب ، الذي يرفض الابتزاز ، ويرفض التقسيم على اساس قومي وطائفي ، ويرفض التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للعراق ، ويرفض مصادرة الدستور ، ويرفض الاجندات الخارجية 
     A_fatlawy@yahoo.com 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي جابر الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/09



كتابة تعليق لموضوع : الساحة العراقية مَنْ يصارع مَنْ ؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net