التجربة الأفغانية دروس وعبر ..
علي عبيد عيش
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي عبيد عيش

عندما يغيب التخطيط الإستراتيجي وتفتقد العقيدة العسكرية فإن القوات المسلحة بما تمتلك من عدة وعدد ليس إلا تجمع كمي لا علاقة له بالواجبات الأساسية الموجبة لغاية تشكيلها وتكون العسكرية وشرفها مجرد مهنة هدفها معاش آخر الشهر . رغم أن مزاولة العمل الأمني والعسكري ليس مهنة اعتيادية بل لها من الأعداد النفسي والبدنية والثقافي والروحي الذي يجعل الوطن والشعب نصب عينيه ويصوغ من تطلعات الجماهير عقيدة سامية تصب في منهج إعداد وعمل القوات المسلحة بكل صنوفها وتفرعاتها لأن الخطاء قد يغتفر في بعض المهن إلا أن المعمل الأمني الخطاء فيه كارثي يؤدي إلى انهيار مجمع بحاضره ومستقبله وهذا ربما ماحدث في دولة أفغانستان هذه البقعة من العالم التي شاءت الصراعات السياسية أن تكتب لها ماضي وحاضر منكوب . أكثر من عشرين عام مرت على احتلال أفغانستان من قبل القوات الأمريكية من أجل القضاء على طالبان التي صتفتها امريكا والعالم بالإرهاب وبعد التضحيات الجسيمة بالأموال والأرواح والجهد وسنين من المطاردات الجبلية لما يسمى جيوب طالبان وفجأة وبلا مقدمات شاهد العالم انهدام هذه الدولة بكل ما فيها من أجهزة أمنية وسياسية وعسكرية وثقافية وبنكبة تشابه إلى حد كبير ما حدث بالعراق ابان داعش حيث كان التداعي الحر لأركان الدولة يسير بوتيرة مجنونة و لم يعي سياسيو أفغانستان ولم يتعظوا من التجربة العالمية المريرة مع فوضى داعش وما خلفه من ويلات ودمار ومشاكل اجتماعية ونفسية فكانوا الافغانييون مشغولين بالصراعات السياسية والمناكثات التي لم تعود عليهم جميعا الا بمزيد من التشرذم والتخندقات المتعاكسة وما يدفع ثمن هذه الأخطاء سوى المواطن البسيط الذي لم ينعم بالراحة والأمان لا في أيام طلبان ولا بعدهم اذا كان لهم النصيب الأكبر من مطاردة مفخخات الموت وغزوات التهليل والتكبير الدموي بينما شاهدنا النفيعين والوصوليين كيف يختفون في نهاية كل محنة ويتركوا الشارع الفقير للنار والحجر .
لقد حدث ما حدث في افغانستان وينتظرون والعالم من ورائهم أي مولود سوف ينتج عن هذا المخاض العاصف وأي صفحة سوف تفتح على إقليم الجوار الأفغاني والعالم أن مايهمنا من ذلك هو الشأن العراقي وكما يقال ( السعيد من اعتبر بغيره والشقي من اعتبر غيره به ) فهل نعتبر من التجربة الأفغانية ونشرع في بناء العراق سياسيا وعسكريا وعقائديا ونترك الخلافات والاختلافات و سد الثغرات بوجه موجة قد تأتي على حين غفلة لنصون البلد من كوارث أخرى أم تاخذنا التظرة القاصرة والراكضة خلف مصالحنا الشخصية ثم ننتظر طائرة ما لنتشبث بعجلاتها وتحلق بنا صوب سماء المجهول .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat