الإمام علي (ع) وحقوق الإنسان
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

محاولة تعميم النموذج الغربي (لحقوق الانسان)، تأتي لكونه النموذج الوحيد الشاخص في الأذهان، مع وجود الروح الانهزامية في الأمة؛ بسبب انتهاك الاستبداد لواقع جاف، والتلاعب في حيثيات التمثيل الديني من قبل وعاظ السلاطين، مع امتلاك الأمة لتجربة الإمام علي (ع) في سفر حقوق الإنسان، لما تمتلك هذه التجربة من قيمة قانونية وتشريعية، بما جادت من رؤى ومفاهيم وممارسات ليس باعتبارها اجتهادات شخصية، بقدر كونها تمثل ترجمة لروح الإسلام الحنيف التي تحملها النصوص المقدسة.
وقام الكثير من الخصوم السياسيين بخلق عملية تشويه لتجربة الإمام الفاعلة، بإضافة أحداث، وحوارات، وشخوص، وروايات، أقحمت لتسطيح وتهميش رؤى الاسلام للواقع، ولتجعل من الولاء الانساني لعلي بن أبي طالب (ع) ولاء عاطفياً، وليصبح الموروث الفكري عبارة عن عمليات رد فعل سياسي، لنصل إلى تقصير كامل في قضية سبر أغوار رؤى الإمام وتجربته (ع).
ومما صعب قضية الاستيعاب التام لهذه التجربة الكبيرة، هو وجود سبل تناقضت في أهدافها، وتنوع أداؤها السلبي بين الالغاء والتكفير الذي ابتدأه الخوارج، وبالمقابل هناك دور الغلو الذي وصل حد تأليه الإمام (ع)، والمرفوض من قبله، وقد حارب الجبهتين معاً، إضافة لوجود ظاهرة الوضاعين للأحاديث النبوية، يقال مثلاً أن أحمد بن حنبل كان بحوزته سبعمائة وخمسون ألف حديث شريف، ولم يعتمد إلا على ثلاثين ألف حديث فقط، ومعظم أولئك الوضاعين اهتموا بقضية التلاعب في المروي، لطعن شخصية الامام علي (ع)، والطعن بعلميته، وهو (علي) ربيب مدرسة النبي (ص)، وهو الرجل الذي وصفه القرآن - كتاب الله تعالى - بخير الصفات، فهو نفس النبي (ص)، وعنده علم الكتاب، وهو المؤمن المجاهد، وصالح المؤمنين، وأذن واعية، وخير البرية، وخصم الكفار، والولي المتصدق في الركوع، يقول عبد الله بن عباس: (ليس آية في القرآن الكريم فيها (يا أيها الذين آمنوا) إلا وعلي على رأسها وأميرها وشريفها).
وتراجع دور الإمام علي (ع) قسراً في زمن الخلفاء، وليبدأ بعدها البعد القيادي الغني بالتجربة، والثري بالمصادر المعرفية الواضحة: كالقرآن الكريم، والسنة النبوية، وتكوين الامام (الثقافي، البيئي، والمعنوي)، من حيث فهمه للتاريخ، وهو الذي أشار على الخليفة عمر بتدوين التاريخ، وهذا يدل على وعيه بالخصوصية التاريخية... وهذه المعارف كانت تصهر في بوتقة إنسانية علي (ع).
(ملخص بحث: د.غسان السعد)
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat