مسرحية ما تَـــيَسَّرَ من صورة النَّـزيف
حيدر عبد الحسن الشطري
حيدر عبد الحسن الشطري
ديباجة : -
انها الصورة ما قبل الاخيرة
تلك التي لم تكن شبيهة بالأخريات.
انها في نفس الزمان ....
وفي المكان ذاته .
لكنها بقيت مرسومة ...
على صفحة السماء
وتنعكس على ماء الفرات .
فتارة تهطلها السماء
وتستقبلها الارض
وأخرى ترسلها الارض
وتتلقفها السماء .
انها ألصورة.......
التي توقف فيها الزمن
وتوقفت معه كل القوانين
ولم تعد للجاذبية من جدوى ..في تلك اللحظة
اللحظة...التي بدأ فيها النزيف
ولم يتوقف الى الان
هي صورة...الرقبة والسهم ...
والحياة التي انسكبت
والموت الذي صار له معنىً جديد
المشهد الأول
(ارض المعركة)
الحسين/ هي لهفة ...في خضم كل هذه الأهوال...تلك التي
لا يستطيع أي والد أن يركنها جانبا ..أم ليس هناك من متسع
لمثل ذلك الشعور....في اللحظات التي يكون فيها الشيطان
سيدا على من اختاروه واختارهم....
سيد الرواء...في ذلك الحين وفي كل حين
ولدي....عبد الله
أي عطش ...ذلك الذي يمر في أحشاءك..
وأنت نبع الماء الذي لا يظمأ المرتوي منه بعد ذلك أبدا
(يخاطب زينب)
اخيـــــة زينب....
أين ولدي عبد الله
طير جنة الله....الذي سيعشش فوق سدرة المنتهى
هل لي بضمة منه...تنعش الروح
زينب/ لن يدعوك تهنأ بذلك ...يا مولاي
انه صيدا ثمينا...لمثلهم
وإنهم صيادون ماهرون...لمثله
ومابين تلك وتلك ...
سيشرب العطش ماء قلبك الظمآن
الحسين/ ومن يجرؤ على فعل ذلك....؟
( تدخل زينب إلى الخيمة وتأتي بعبد الله وتناوله إياه)
زينب/ خذ طيرك ...قبل أن يحلق عاليا نحو الله سبحانه وتعالى
الحسين/ أيها القطر الذي يورث الأرض النماء
اهطل فوق تلك القفار....
أيها الندى الذي يبلل وجوه كل الشهداء...
من ذا الذي يبل ريقك المحترق...
(يزق له من فمه...ثم ينظر نحو السماء)
الهي ...وسيدي...ومولاي
لقد ازدادوا رهط إبليس....غياً
اللهم اشهد إنهم حالوا بيننا وبين الفرات وزموا عنا ماءه
جلوف الصحاري..
الذين يعرفون ...كيف يحولوا الماء سيفا قاطعا
ولكن الويل لهم ...وخصمهم يوم القيامة
جدك محمد المصطفى.....
نور عيني ...عبد الله
(يقبلـــــــه ...ثم يرفعه عاليا..ويخاطب أعداءه )
يا عار الرجال....ويا خبثاء العرب
هل لكم نبي غير جدي محمد (ص).....؟
الم تكونوا مسلمين ...كما تدعون....؟
كيف تجرأتم ..عندما ضربتم حجابا بينكم وبين الله
ونحن ضله الوارف على الأرض ...
وينابيع حكمته البالغة ...
هل لماء الفرات ...من طعم... دون أن نرتوي منه
إن كان بغض بيننا ..
فما ذنب العيال...
أم إنها سطوة الرجال الجبناء....؟
نعم....هي والله كذلك ....
لماذا لا تدعوني اروي ولدي هذا...من ماء أباحه الله...
الشمر/ لقد فعلتموها قبلنا يوم بدر...وهي تدور عليكم ألان
إنها الحرب ....التي يعرفها أبوك جيدا يا حسين
الحسين/ وهي كذلك ....يا ألف باء إبليس..والذي بدونك يصبح ليس
بشيء...هي كذلك ولكن كما عرفناها نحن
الشمر/ يا حرملة.....اختبار آخر لقوسك...سهمه الأول كان بعين
عباس وهذا أريده بنحر الطفل...هل تستطيع ذلك
حرملة/ لم يخطئ سهمي قبل ذلك أبدا ...ولا حتى ألان....ولكن ....؟
الشمر/ ولكن ماذا...يا حرملة.....؟
حرملة/ أبمال...أم بجاه ...أم بسلطة
الشمر/ بمال ....يا حرملة
حرملة/ وبكم من الدنانير...
الشمر/ بآلاف منها....يا حرملة
حرملة/ وبكم من آلافها....؟
الشمر/ بما تستطيع عده ....هــــا ماذا تقول ....؟
حرملة/ ولكني استطيع أن اعد الكثير منه...
الشمر/ وهو لك...
حرملة/ وسهمي لم يكن عطشانا للدم بقدر ما هو الآن
الشمر/ هيا يا حرملة..أريدك أن تهرق دم الرضيع الذي سيدر
دمع والده ويحرق فؤاده وهذا هو المراد...
حرملة/ (يهيئ قوسه للرمي..)
رمية واحدة...بعيش رغيد
اللهم سدد تلك الرمية
(يرمي السهم...وأثناء ذلك تدخل الجوقة)
ألجوقة/ أيها...
الغارق بانتشاء الدم ...
المرسل حيث اختصار ألوجع
العائم فوق النشيج راحلا صوب رقبة الضوء ..
هل التمهل لغة تفهمها.... ؟
هل تعي الاختراق.... ؟
مابــين خيام القلب وصهوة الانصهار في حب السماء.
مابين الفرات وخناجر العطش....
مابين الغفران المثقوب و خوافي التوجع....
ما بينك وبين ألله
تلك هي سيرتك الدموية الحافلة بالشروح..
لم يبقى من اتجاهك سوى حيز يكفي لشهقة....
ومن مسافتك إلى ألف جيل ..
ستصل ألان حتما..
تتلاقفك العيون...
وترسو بك ألمنايا
على راحة الأكف النبوية...
هناك حيث الحسين يقف بموازاة الموت لينتج الحياة....
الحياة التي....
رسمها علي
وأشار إليها محمد
وشاءها الله ..
يا كل سهام الخوف..
يا سهم الجبن...
كم حرملة وراء نبلتك اليزيدية... ؟
ها أنت....
ستصل ألآن
تشارف على سكب السماوات السبع من نحر عبد الله..
ها أنت على مقربة من كل زينب جادت بها فاطمة من قلب
علي ...
ها أنت على شفا دمعة تشرب حزن الأرض...
لم يبقى من الوقت سوى بعض حروف ...
ومتسع لعويل الرزايا على مر العصور..
ها أنت....
تعبر اللحظات ..
توجع قلب الخيام ..
تحرق الفرات ...
تفج الهواء الحسيني لتملأ ارض الروح بدخان الدموع....
وترسم صورة لا تنمحي للنزيف المقدس...
حرملة/ ولكن السهم..يشق عباب الريح الآن
الجوقة/ وأين هو.. من الهدف
حرملة/ لا ادري...سوى انه لن يخطئ
الجوقة/ هل من راد....لسهم من نار
سيحرق قلباً... ينبت في تربته النور
وسيحرق أفئدة تهوي طول الدهر
نحو دماء سالت...
وظل نداها ....يغفو فوق ألطف
أيها السهم المارق نحو الشمس
قف...قف...قف
حرملة/ المجد..سأصنعه ألان...
هيا أيها السهم ....فالرقبة مساحة تكفي لاستقبال سرب من سهام
الجوقة/...قف ...قف
ستكف الأرض عن الدوران
الحسين/ يا الهي...انه رسول الموت
الذي جاء طائرا ...يشق عباب الحياة ليغتال النور....
( مبتسما للحظة )
نعم...يا رب الأرباب
تعددت الشباك...وكثرت المصائد
وزادت البلوى...وها انذا أتلقى كل ذلك
وإيماني بك يفيض على هذه الأرض الجدباء
حتى سيحيلها إلى صورة من صور فراديسك الزاهية
الجوقة/ وإنها الرقبة...
بداية النزيف....حيث النبع
إلى نهر الأجيال.
وإنها الشهقة.....
عنوان التوقد ...نحو الثورة
عبر الأزمان....
حرملة/ (يرتعد فجأة )
ما هذا الذي يعتريني....؟
قبل أن يصل السهم إلى الهدف
ثم ماذا لو وصل ...يا الهي....
المشهد الثاني
( في قصر يزيد..وهو يتحرك جيئة وذهابا وتبدو عليه علامات الغضب والاستشاطة )
يزيد/ إن قردي هذا...لهو أحسن من أحسن عامل لي ممن كلفتهم بإدارة مدن مملكتي....نعم فهو لم يثر غضبي بقدر ما أثاره عبيد الله بن زياد...انه لا يصلح عاملا على احد أزقة الكوفة وليس عليها كلها.
سرجون/ انه ابن عمك ...يا مولاي
يزيد/ كيف تجرؤ على ذلك ...أيها الكاتب
سرجون/ ولكن والدك معاوية ...اعترف لوالده زياد بإخوته
يزيد/ وكان ذلك لضرورة في حينها... وأنت تعرف ذلك وتعرف أيضا إنها شهوة ليل دامس
سرجون/ ولكنه سيفك ...الذي يحز رقاب أعداءك
يزيد/ وما أخبار سيفي ...هل من أخبار وصلت عما يجري هناك مع الحسين..هيه لقد انتظاري وما تعودت على ذلك ....أريد أن اسمع أخبار سقوط الفريسة في الفخ الذي نصبناه..فهذه الدنيا لا تتسع لمثلي ومثله
سرجون/ لمثله فقط يا مولاي...فجنته موعودة وجنتك....حاضرة
يزيد/ اهو كذلك يا سرجون....؟ وهل جنتي أجمل من جنته....؟
سرجون/ وقطوفها صادقة....
يزيد/ لا تنسيني أمر عبيد الله ....ماذا صار معه
سرجون/ سيأتيك بالأخبار من لم تزود.....!
يزيد/ ومن يزف لي البشرى.....سأعطيه...سأعطيه ملكا لم يحلم به
(يظهر عبيد الله بن زياد وهو يكلم يزيد من خارج اطر المكان)
عبيد الله/ نعم يا بن عم
يزيد/ يا بن عم.....!! نقبلها منك...كما قبلها والدنا من والدك...قل ما عندك
عبيد الله/ آخر الأخبار..لقد حوصرت الفريسة بمكر يا مولاي...ومنذ الصباح تدور معركة طاحنة
يزيد/ وعلى من تدور رحاها ...ويحك
عبيد الله/ وهل على من آمنتهم على ملكك....؟
يزيد/ أتعني أن لفظت فريستك أنفاسها الأخيرة
عبيد الله/ ليس بعد يا مولاي....فما زال هناك مكان لجروح أخرى...وما زال الأسد يكابر
يزيد/ والى أي مدى وصلتم...هيا وافيني بكل شاردة وواردة
( تدخل الجوقة )
الجوقة/ من أول الموت..ابدأ
يا ابن بن أبيه.....
من أول سطر...في سفر ألطف
عبيد الله/ لقد لحقناهم عند ارض يقال لها ألطف...ولم يكونوا أكثر من مقدار لقمة صغيرة لجيش اعد لأكبر من هذا الغرض
يزيد/ أيـــه...وماذا بعد.....؟
عبيد الله/ لقد قتل كل أصحابه وعياله وعشيرته
يزيد/ والعباس....؟
عبيد الله/ أشلاء متناثرة قرب النهر
يزيد/ وهل فجعتموه بولده...؟
عبيد الله/ وبولد أخيه أيضا يا مولاي
يزيد/ ( يضحك )
هذا مــا أراده....ابن علي...وهل انتهت المعركة
عبيد الله/ لم تنتهي بعد...حيث إننا أمام مفترق طرق...هذا ما وصلني من القائد عمر بن سعد...
هم أمام لحظة تاريخية حاسمة .
يزيد / زد كلامك وضوحا....يا عبيد الله
عبيد الله/ مولاي....حسب ما نقل لي إنهم بانتظار نتيجة سهم من نار أطلق على قلب
الحسين....اقصد على اصغر أولاده
الجوقة/ هي تلك اللحظة....
التي مدت اذرعها
فتوقف كل شيء
سوى نزيف من دم حار
سيبقى ملتهبا ما بقي الليل والنهار
يزيد / سأستعين على تلك السويعات المتبقية بدلو خمر بيزنطي معتق ....يا عبيد الله ..قبل أن ينتهي آخر قدح منه ..أريد أن اسمع خبر قضاءكم على الحسين.
عبيد الله/ بل اشرب دلوك أنت وحاشيتك يا مولاي...وقبل أن تفرغوا من احتساء آخر بسلة منه ...أكون قد نقلت لك البشرى
يزيد/ سرجون
سرجون/ نعم يا مولاي
يزيد/ لم يتبقى الكثير يا سرجون....سينتهي دينهم وصحرائهم
سيظل فقراءهم بعيدين عنا ....وسيزدهر دين الحق ديننا
وتعلوا راياتنا في المدن الزاهية....وسيركع أهلها لنا ...
سأفعل ما لم يفعله أشياخي من قبل وسيتوطد ملكنا إلى
الأبد....سأمزق صفحة آل هاشم من تاريخ العرب ..ويبقى
التاريخ صفحات بيضاء ناصعة نكتبها نحن كيف نشاء
أيـــــه قريش...أين خلفاؤك ورؤساؤك ....
تعالوا وانظروا....
كيف يكون السيف سيدا على الرقاب
وكيف يكون شراء الذمم أمضى من سحر كلامهم وسطوتهم
سرجون/ مولاي أرجو أن لا تكون قد ذهبت بعيدا
يزيد/ ويحك يا سرجون لا تفسد علي نشوة نصر اقرب من مرمى
حجر كيف تستخف بمجد صنعته لم يصنعه احد من قبلي من آبائي وأجدادي
الجوقة/ وسنرى....أيهم ..الخالدون
وأيهم ..الذين تعافهم حتى الأرض... والمجد للخالدين....
المشهد الثالث
(في ارض المعركة...)
حرملة/يا الهي....ماذا قد صنعت
(يرمي القوس من بين يديه )
أرمية سهم تخلف كل هذا الرعد الذي يهز كياني هكذا كان في الأول ..كيف ستكون وهنالك ثالث ...بهذا السهم المثلث...الذي ادخرته لرأس الأفعى من أين سأستمد قدرتي على المطاولة والوصول إلى الهدف الأسمى ...هل أصل إلى تلك اللحظة واغنم نصف صندوق مال
عمر بن سعد...أم إن نتائج تلك الرمية ...ستقضي على ما تبقى من ثبات كفوفي التي ترتعد ألان كما الراية في مهب ريح عاتية....كلا..كلا سأكتفي بهذا القدر من الولوغ في أمر لا اعرف
كيف سينتهي...
الحارث بن خزيمة الاسدي/ ويحك يا حرملة...لا ذكرك نساب العرب بانتمائك إلى بني أسد
فما عرف عن اهلك غير الشجاعة أيها ألجبا.......
حرملة/ كلا ...لا تقلها يا بن عم ..فوالله ما هزني زئير الأسود التي اقتنصها بسهامي ولا جنون الليل المعتم الذي لا نعرف ما يخبئ وراءه ...أكثر مما يعتريني جراء تلك الرمية ..
دعنا نتبادل الأدوار ...ولنرى ما تقول
الحارث بن خزيمة الاسدي/ ما هو إلا سهم قاتل بوجه أعداء أمير المؤمنين يزيد
حرملة/ ولكنه ليس ككل السهام .....ولم يكن أي صيد يا بن عم
الحارث بن خزيمة الاسدي/ هو السهم الذي ستصعد به إلى السماء وهو الصيد الذي سيخلدك التاريخ لأجله انظر إلى السهم كيف تحف به الطيور وكأنه يقود السرب نحو الهدف
الجوقة/ وقبل أن يصل......
لابد أن تنطفئ النار التي تضرمه
كي لا تحرق الماء الذي في الرقبة
حرملة/ هل يمكن أن استرجعه ....؟ هل يمكن أن أؤجل إرساله...؟ هيه ...أيتها الريح التي تقتلع الأشجار من جذورها ..كيف لا تستطيعين تحييد سهم عن مساره......
فليسقط في الفرات....
( يرتجف وهو يدور خائفا)
يا الهي ...انه يسير باتجاهي .....
كأنني صوبته نحو نفسي........
انه يكاد يقتلني ....
( يهرب في كل الاتجاهات )
كلا سوف لن يستطيع اختراق جسمي المدرع من أسفل قدمي حتى نهاية رقبتي
( يضحك )
الرقبة ..هي رقبة واحدة هنا ظاهرة للعيان تلك التي ستستقبل سهمي وكأنها على موعد معه
( يستدرك )
ولكن وجهي حاسر من أي شيء يقيه ....
سيدخل السهم في عيني ....
( يغطي وجهه بكلتا يديه )
ثم انه سيخترق يدي ويصيب عيني ..
انه سهمي وأنا من سن نبلته التي لا يقف أمامها شيء
الحارث بن خزيمة الاسدي/ هل جننت يا حرملة ...سيصل سهمك إلى هدفه الآن ...وينتهي كل شيء ..هيا هيئ سهمك الآخر...
الجوقة/ إن كان هناك نزيف آخر
فستغرق هذي الأرض ...
وتموج....
وسيغطيها الطوفان....
حبيب بن مظاهر الاسدي/ ألا لعنة الله عليك يا بن كاهل ..أتدري ماذا فعلت..أتعلم أي عار جلبت إلى عشيرتك
الحارث بن خزيمة الاسدي/ ومن تكون أيها الذي وشمتك الدماء وصبغك العار....؟
حبيب بن مظاهر الاسدي/ أنا فخر عشيرتك أيها الملعون..وانتم من أراد إزالة مجدها..
أنا حبيب بن مظاهر الاسدي
حرملة/ لولا ما ينتابني في تلك اللحظات ...لكنت ادري ماذا فعلت
ولكن فكري قد تشوش وتاهت بي السبل
الحارث بن خزيمة الاسدي/ لايخدعنك هذا الذي خدعه الحسين وقد رأيت بأم عينيك كيف آلت به الأمور امضي يا حرملة نحو هدفك الأسمى
حبيب بن مظاهر الاسدي/ أتنكر يا حرملة كيف إن آباءك كانوا أول من بايع أباه انه ابن علي يا حرملة وليس ابن معاوية ...أتفقه ذلك ...
حرملة/ ولكنه خرج عن ولاية أمير المؤمنين..يزيد
حبيب بن مظاهر الاسدي/ ويحك يا بن كاهل...انه هو أمير المؤمنين وليس هناك أميرا غيره أعميت بصيرتك أم إن الطمع جعلك تقف في صف الفئة الظالمة
حرملة/ ولكن الأمر انتهى يا حبيب...والسهم أسرع من كل الاستدراكات..
الحارث بن خزيمة الاسدي/ ولم الاستدراك يا حرملة وأنت تفعل ما يفتخر به كل موالي لأمير المؤمنين
حبيب بن مظاهر الاسدي/ ولكن ليس أسرع من قبول الله للتوبة سيما وان هناك سهم ثالث..ليكن لك في الحر أسوة حسنة يا ابن العم ..انظر إلى إخوتك وأبناء عشيرتك اللذين باعوا الدنيا واشتروا الآخرة ونالوا الخلود
انظر إلى مسلم بن عوسجة وانس بن الحرث وقيس بن مسهر وموقع بن ثمامة
وعمرو بن خالد...أليسوا كلهم أبناء أسد الم يكونوا أبناء عمومتك..لماذا اخترت طريقا يؤدي إلى جهنم ..اغتنم الفرصة يا حرملة قبل فوات الأوان وقبل الإيغال في جرائمك التي يندى لها الجبين...
صوت الشمر/ بمال يا حرملة..وبآلاف منه ...وبما تستطيع عده
حرملة/ ( يستجمع قواه ويشد من أزره )
انه عرض أغرى من عرضك يا حبيب
( يهيئ سهمه الآخر..وينظر باتجاه الذي قبله )
الجوقة/ ستثقب السماء.......
حرملة/ وستدر غيثا........
الجوقة/ ستدمي القلوب......
حرملة/ و أملأ جيبي........
الجوقة / ستغضب الله.......
حرملة/ وارضي الأمير......
الجوقة/ سيلعنك الناس........
حرملة/ وسيرتدون ...كما ارتدوا عن مسلم بن عقيل .
(المشهد الرابع )
الحسين/ يا الله...انه على بعد أشبار...وهو متجه نحو طيري ليذبحه.
وما من راد له....
من لي بقلب آخر...
وأنا الآن أمام مشهد...كل أبوابه تؤدي إلى ظلام يغشي عيني ...
حيث تصبح الدروب غير سالكة ..
وحيث لا تحملني رجلاي ...وأنا انتظر الفاجعة.
الهي ...وأنت الدليل ...دلني
من أين دروب الصبر....
وأين تكمن السلوى...
زينب/ أخي حسين ....لم أرك بمثل هذه الحالة قبلا...
حتى وفي اشد الأهوال...
الحسين/ إنها لحظة ...لا تشبه مثيلاتها ..
اخية زينب...
وعندها ...
سيستقر ذلك السهم ...في نحر ولدي عبد الله
وسيفر حينها قلبي ...باتجاه السماء
زينب/ وهل هي لحظة حتمية...؟
الحسين/ وأمر مقضي ...........!
زينب/ وكيف لي بحضنة منه لآخر مرة...؟
الحسين/ وهو لن يصل إلى زفرته الأخيرة ...
بعد شهقة ...استنشق معها الحياة..
زينب/ أما من دريئة...ترد عنه
وأين منه حجاب ...يحرسه
ألشمر/ (تبدو عليه علامات الانتظار )
حرملة...ليس هناك احد أكثر منك معرفة بمصير سهمك أين وصل ..أين يحلق الآن ...
حرملة/ انه قاب قوسين أو أدنى
الشمر/ والحسين.....؟
حرملة/ إني انظر إليه أكثر من متابعتي للسهم ..
انه كـمن سيقتلع قلبه ..دون أحشاءه
الشمر/ وزينب.....؟
حرملة/ ستر من حجاب لا يرى منه شيء..سوى إنها تتهاوى نحو السقوط على الأرض
الشمر/ والطفل...؟
حرملة/ يحل قماطه ويخرج يديه يرفرف بهما كأنه يعرف ما سيحدث له
الشمر/ والآن ...ماذا يحدث
حرملة/ بالكاد أرى الأشياء...فالسماء احمر لونها وكأنها ستمطر دما....ها..ها...ها
الحسين/ ( مفجوعا )
إني اشعر بالبرد..
رغم إن هناك شيئا حارا ينساب على صدري...
اخية زينب...
زهرتي اقتطفت....
ولدي عبد الله....اهتز مرة واحدة...اهتز...اهتتتز..اهتززززز
ثم نام....نام...نام
هل سيصحو بعد ذلك...
زينب/ ناولني إياه.....أخي حسين ...
فانا أخاف على قلبك...أن يتوقف عن الخفقان..
الحسين/ وهل إن قلبك يتحمل هذا..
زينب/ لا..ولكن قلبي فدا لقلبك مولاي...
الحسين/ يا رب..يا رب...يا رب
انه بعينك سيدي..
وهو علي هين...
ما دامت تلك إرادتك ...
( يخرج يده اليمنى الممتلئة بالدم ويرمي به إلى الأعلى)
ها هي القوانين الأرضية...تسقط
أمام هول ما يحدث...
ولم يبق ...سوى مشيئة الله
اللهم ..تقبل مني هذا القربان....
وقرابين أخرى..
حتى ترضى عني....
وها انذا اشهد انك ربي...
وان جدي محمد رسولك للهدى
وان والدي علي ظلك فوق الأرض
ولم يبق غيري حتى الآن....
وأنا ذاهب بروحي وجسدي ...
نحو المصير المحتوم ..الذي ارتأته إرادتك
الجوقة/ ها أنت تسكب السماوات السبع من نحر عبد الله ..
ها أنت تفطر قلب كل زينب جادت بها فاطمة من قلب علي
ها أنت تسيل دمعة تشرب حزن الأرض ...
اختصرت المسافة..وعبرت الدهور
وأسست سفرا لعويل الرزايا على مر العصور ..
ها أنت....
عبرت اللحظات ..
و أوجعت قلوب الخيام ..
أحرقت الفرات ...
وفججت الهواء الحسيني لتملأ ارض الروح بدخان الدموع.
ومن هنا ابتـــــــــدأت.......
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat