سطور مضيئة من حياة الإمام علي بن موسى الرضا (ع)
محمد الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد الموسوي

هو الإمام الثامن من أئمة آل البيت (ع) المعروف بالرضا؛ لأنه رضي به الموافقون له والمخالفون، وكنيته أبو الحسن. ولد في المدينة المنورة يوم الجمعة في الحادي عشر من شهر ذي القعدة سنة (148هـ). تربى في حضن إمامة أبيه الإمام موسى الكاظم (ع) وأخذ منه علوم الإمامة وأسرارها المتوارثة، فهم مصابيح الأمة من أهل البيت النبوة ومعادن العلم والعرفان والكرم والشجاعة.. لذلك كان الإمام الرضا (ع) عظيم القدر، مشهور الذكر، وله كرامات كثيرة..
تولى مقام الولاية والإمامة وقيادة المسلمين بعد استشهاد أبيه الإمام موسى الكاظم (ع) في سجن بغداد سنة (183هـ)، وكان له من العمر (35 سنة)، ودامت مدة إمامته عشرين سنة؛ عشر سنوات منها في عهد خلافة هارون العباسي، وخمس سنوات مع خلافة محمد الأمين، وخمس سنوات في عهد خلافة المأمون العباسي.. حياة الإمام الرضا (ع) تمثل حلقة من حلقات المرحلة الثالثة في حياة أئمة أهل البيت (ع)، وهي مرحلة التوسع في القواعد الشعبية التي بلغت في عصر إمامته أوج عظمتها واتساعها، واطروحتها المتمثلة بالإسلام الصحيح..
عاصرت حياة الإمام الرضا (ع ) عدة ثورات وانتفاضات ضد العباسيين، قام بها تلامذة من مدرستي الإمامين الكاظم والرضا (ع)، وحملوا أطروحتهما، وقد ملؤوا العالم الإسلامي من الكوفة والبصرة والمدينة المنورة ومكة المكرمة وحتى اليمن.. رفعوا فيها شعارات مدرسة الإمام الرضا (ع) وحكموا بمنطقها؛ ورغم أن مدينة بغداد كانت تابعة للخلافة العباسية إلا أنها طوقت بهذه الحركات الثورية وهددت حكمهم وخاصة في بداية حكم المأمون، مما استدعى المأمون الإمام الرضا (ع) لحل كثير من المشاكل التي تعصف بدولته، وليبلغه بأن شيعة الإمام ومواليه في كل مكان ناقمون على حكمه، وطلب منه أن يكتب إليهم لكي يسكتوا عنه، ويرجوه تهدئة غضب الجماهير عليه وعلى الحكم العباسي الظالم.. فخرج الإمام الرضا (ع) على الناس المؤيدة له، وأمرهم بأمر واحد بتفريقهم وإطاعته، فأطاعوه وعادوا الى ولاياتهم، وهذا يعني أن الإمام الرضا (ع) كان يملك رصيداً شعبياً واجتماعياً وسياسياً ضمن نفس البلد الذي يحكمه المأمون بالقوة..
عقد المأمون ولاية العهد للإمام الرضا (ع) تمهيداً لإسكات الثورات والقلاقل التي تجتاح أركان الدولة العباسية الظالمة، رغم امتناع الإمام من قبولها، فالإمام (ع) يعلم بأن هذا الأمر لا يتم وأنه سوف يستشهد قبل ذلك، وما مجيء الإمام الرضا (ع) من المدينة المنورة إلى مرو قسراً، إلا ليكون تحت نظر المأمون وليضيق عليه تحركاته؛ لهذا لم يصطحب الإمام الرضا (ع) أي أحد من أهل بيته معه في هذا السفر؛ لكي يعرف الناس أن هذا السفر هو نوع من النفي، ولم يكن يرضاه.. وقد سأل الريان بن الصلت الإمام الرضا (ع) عن سبب قبوله بولاية العهد؟ أجاب الإمام قائلاً: (الله يعلم أني غير راضٍ بهذا الأمر، وإنما كنت على مفترق طريقين إما القبول بولاية العهد أو القتل لهذا قبلت).
خرج الإمام (ع) من المدينة في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة سنة (201هـ) ووصل إلى (مرو) في العاشر من ذي الحجة في نفس العام، واستقبل بالحفاوة والتكريم من قبل الشخصيات الكبيرة والأهالي في كل الأماكن التي مر بها خلال سفره هذا...
ولما وصل إلى نيسابور طلب منه أهلها أن يحدثهم بحديث ينفعهم، فحدثهم الإمام الرضا (ع) وهو في هودجه بحديث (السلسلة الذهبية) والحديث ينقل عن آبائه (ع) حتى يصل إلى الإمام علي بن أبي طالب (ع) ثم عن رسول الله محمد (ص) عن الوحي جبرائيل (ع) عن الله عز وجل، وسمي هذا الحديث بحديث (سلسلة الذهب)؛ لأن كل رواة هذا الحديث أئمة أطهار ونص هذا الحديث هو: (كلمة لا اله الا الله حصني، فمن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني آمن من عذابي). وكان المحدثون والكتاب يحيطون بهودج الإمام الرضا (ع)، ولما سمعوا بهذا الحديث أخرجوا أقلامهم وكتبوا الحديث.. وقال الإمام الرضا (ع) جملة جديدة وهي (لكن بشرطها وشروطها وأنا من شروطها).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat