المستحب لايُسقط الواجب
علاء محمد الكركوشي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علاء محمد الكركوشي

مرّت علينا قبل فترة قصيرة مناسبة عصفت بأمتنا الاسلامية تجعل الدم يسيل من العين بدل الدمع، وتجعل القلب يتحول الى لون أسود بدل الأحمر من شدة الحزن والأسى، ويتمثل هذا المصاب بمناسبة تجدد ذكرى استشهاد إمامنا موسى بن جعفر (ع)، وقد توافد ملايين المعزيين للزهراء (ع) لمواساتها ومواساة ائمتنا الأطهار (ع) وجاءت أيضاً تلبية لنداء الامام (ع) عندما قال: (انما الموعد ضحى من يوم الجمعة على الجسر). نطق بهذه الكلمات الى (علي بن يقطين) عندما جاء لزيارته في طامورته الظلماء، بعد ان رشى السجانين، وخرج ليبشر شيعة الإمام بهذا الكلام، ولم يكن يعلم أن الامام كان ينعى نفسه. وقد حضرت ايضاً العشرات من الفضائيات العراقية والعربية لتنقل الى العالم أجمع مراسيم هذه الزيارة وهذه التظاهرة المليونية التي جاءت من بغداد وخارج بغداد وحتى من خارج العراق، ليتحول هذا الحدث الى حدث عربي وعالمي بفضل هذه الفضائيات المشكورة.
ولكل ممارسة وعمل اجتماعي جماعي لابد أن تظهر بعض السلبيات، مع ما فيه من ايجابيات، وحتى ولو بمقدار قليل. وبما أن هذه الفضائيات تنقل كل شيء، فهي أيضاً تنقل كلَّ السلبيات والايجابيات التي تحدث، خاصة إذا عرفنا أن أعداء مذهب أهل البيت (ع) متربصين الفرص للنيل من هذا الخط او المذهب الجليل الكبير؛ ومن ضمن هذه السلبيات التي ظهرت، أو الممارسات التي حصلت بالزيارة، هي حضور الشباب الى الصحن المقدس، أو الى الزيارة، وهم يرتدون ملابس الجنز، أو الملابس الرياضية المختلفة الزينة، أو السراويل القصيرة (برمودة)، وأيضاً يضعون المرطبات والكريمات على الشعر والوجه وكأنهم يحضرون في نزهة أو رحلة..! نحن لانقول هنا: إنها حرام او حلال، ولكن نقول: نحن نقول اننا نحضر الى مأتم أو تعزية، وهذا المأتم أو المصاب هو مصابنا، والراحل هو أبونا وأخونا وسيدنا، فهل نحضر بهذه الكيفية؟ أين الوقار والحشمة أو حتى التظاهر بألم المصيبة عندما تصيب أحدنا؟ هل بهذه الطريقة نعزِّي الزهراء (ع) ؟!
وهناك أيضا ظاهرة اخرى متفشية جداً، ألا وهي ظاهرة شرب (النركيلة) أثناء الزيارة وبكثرة. إن مقدار زيارة الامام الكاظم (ع) تحت اي ظرف لاتستمر أكثر من يوم واحد، أفلا يستطيع الزائر الكريم أن يمسك نفسه هذه الساعات ولا يرتاد المقهى؟ وقد رأيت كاميرات احد الفضائيات تصور هؤلاء الشباب أثناء الزيارة نفسها، وحتى في الزيارة الشعبانية التي نحن مقبلون عليها أو في رمضان الكريم.. لتكن هذه الزيارات أو المناسبات دروساً لنا نتعلم منها أجمل وأخلص العبر، لنرتقي بأنفسنا ومذهبنا الى ما أراده لنا أئمتنا (ع) وعلماؤنا. .ومن الامور الأخرى التي تُلاحظ بكل الزيارات وليس بهذه الزيارة خاصة، هو حضور نساء متبرجات لايحترمن الحجاب الإسلامي الشرعي، والمصيبة أنهن من أجل المستحب يُسقطن الواجب؛ فالجبة الاسلامية المجسِّمة منتشرة بشكل كبير بين النساء، تُبيِّن مفاتن جسمها، فتقع بالمحذور والحرام من حيث تعلم او لاتعلم..! نحن لانقول: إن المرأة لاتزور إمامها، ولكن - مثلاً - إن استشهاد الإمام الكاظم (ع) في 25 رجب، فلماذا أو أين الإشكال إن زارت في 22 أو 23 رجب. وإن ولادة الإمام صاحب الزمان (عج) في 15 شعبان، فما الضير إن زارت في 18 شعبان، مع العلم انه مذكور في كتبنا ان تصعد الى سطح المنزل، وتسلم على الامام، وتزور وتؤدي المناسك وأعمال الليلة كلها.. والله ان هذه أعمال بسيطة جدا يمكن لكل زائر وزائرة التمسك بها، فيفرح بها الإمام صاحب العصر والزمان (عج) وأيضاً يقر عين الزهراء (ع) بها لنحاسب أنفسنا دائماً، ولننتبه الى تصرفاتنا وأعمالنا حتى نكون فخراً لرسول الله (ص) بين الأمم، ليفتخر بنا يوم غد، ولنتذكر قول الإمام الصادق (ع): (كونوا زيناً لنا ولا تكونوا شيناً علينا).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat