الحسين عليه السلام اكبر من كل الذكرى
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لم يغزُ الإمام الحسين (ع) العالم، ولم يجيّش الجيوش لبناء أمبراطورية عظيمة، ولم يفكّر بملك وسلطان زائل ليخلّده التاريخ خلود الفراعنة والطواغيت، بل أراد خلوداً يخطه بدمه الطاهر، وعرشاً على قلوب محبيه ومواليه.. لقد خاطب الإمام الحسين (ع) الفطرة الإنسانية بأبسط صورها: (إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم..).
نعم، إنها الحرية الفكرية والعقائدية، حرية الإنتماء الحق، وعدم الإنجرار خلف الطواغيت، أو خلف فكرة عقيمة أو تيار أو حزب.. إنه الفضاء الأرحب في تقرير مصيرنا، وإدارة شؤوننا، بلا إكراه أو كراهية أو مقت أو تعنت..
فالمؤمل من كلّ الأمم والشعوب أن تضع نهضة الحسين (عليه السلام) العملاقة بوجه الطغاة والمستكبرين عنواناً لمسيرتها نحو الإصلاح والتغيير؛ لأن الحسين (عليه السلام) لم يتوفر في سبيل انتصاره إلا الدم، فكان للطغاة الحكم ثم الزوال والفناء إلى مستنقعات الغيِّ والهلاك... وكان للحسين (عليه السلام) الشهادة والخلود في ضمير التاريخ والإنسانية...
لقد منحنا الإمام الحسين (ع) غاية الامتلاء الروحي والنفسي والعقائدي والفكري، وغاية العزة والاعتداد بما عندنا من موروث ديني، ورسالة حملت تباشير الهداية والصلاح للأمم جميعاً.. أرادنا أن نحيا بالصرخة المدوّية من أعماق النفوس (هيهات منا الذلة) هيهات للمفسدين، هيهات للمستكبرين، هيهات لكلّ من يصادر حقنا في تقرير المصير...
إن الإمام الحسين (ع) بقضيته ونهضته المباركة، وبشعائره التي شاء اللهُ تعالى خلودها بخلوده، شاء الله لها البقاء والديمومة؛ لأنها تبقي الإنسان الموالي السائر على هذا الخط حيّاً ينبض بالحياة، مليئاً بالفكر المتقد، وعنده قضية وهدف يعيش من أجله، وهو نهج الإصلاح الحسيني الخالد عبر الدهور.
فلنذرف دموع الولاء على صعيد الذكرى، وهي تغسل إنسانيتنا من شوائب الخطيئة، وتجلو مرآة الفضيلة فينا.. فهي بريد وصالنا بأحبّتنا وقادتنا أهل البيت (عليهم السلام)، وهي المواساة نسقيها دموعاً فتفيض حدائق الأحزان ولاء في الدنيا، وشفاعة ونجاة في الآخرة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat