ناحية الآثار والمواقع التاريخية العظيمة...
أما المراقد والأضرحة الدينية والمساجد المقدسة فحدث ما طاب لك الحديث عنها، من ناحية تعددها وتنوعها؛ فان ترابنا الطهور حوا جثامين أئمة هداة، وأبطالا كماة، وأنبياء عظماء ومخلدون شهداء، باتت مراقدهم الشريفة، منارة للزائرين، وقبلة للعارفين من مختلف أصقاع الأرض، ومن جميع المذاهب والملل والنحل والطوائف والأديان.
المراقد المتواجدة في العراق وبمجرد توفير الفرصة السانحة للزائرين والسائحين سوف يتضاعف عدد الوافدين من كل أنحاء الأرض لزيارة مراقد الإمام علي بن أبي طالب (ع) في النجف الأشرف والإمام الحسين والإمام العباس والحر الرياحي في كربلاء المقدسة والإمامين الكاظمين وسفراء الإمام المهدي في بغداد، والسيد محمد وعلي الهادي والحسن العسكري ومقام المهدي ومكان غيبته الصغرى والكبرى في سامراء، ومسلم بن عقيل وهاني بن عروة والمختار الثقفي في الكوفة (عليهم السلام أجمعين) وغيرهم من الشهداء والصديقين.
وفيما يتعلق بالثراء الطبيعي والجغرافي للعراق فهو شديد التنوع من جبال وشلالات ووديان في الشمال، بما يتبعها من مصايف واعتدال في الجو، إلى الصحاري الواسعة غرب وجنوب البلاد التي يمكن أن تستغل للصيد والتخييم وخصوصا في الشتاء العراقي الدافئ, أما الأهوار فحكاية أخرى متفردة... حكاية تثير الخيال وتستفز العقول بأجوائها الساحرة وطيورها الكثيرة وأسماكها الوفيرة ومياهها الغزيرة (والوضع الحالي هو وضع مؤقت وليس قاعدة وعلى الأغلب ستعود المياه الى مجاريها إن شاء الله تعالى)، أما مناظر القصب والبردي فلا يمكن أن تمحى من ذاكرة المواطن فضلا عن السائح، ان المدن الطافية في المياه، وركوب المشحوف، والتجول بين جبال القصب وتلال البردي عبر الممرات الساحرة التي يسميها السكان المحليون (الگواهن ومفردها گاهن) متعة لا تجاريها أية متعة في عوالم السياحة والاصطياف.
كذلك يجب أن لا يُستهان بالمنافذ البحرية ذات السواحل الرملية والجزر الصغيرة الواقعة قبالة السواحل العراقية والتي من السهولة استغلال طبيعتها البحرية الجميلة وسواحلها القابلة للتطوير، واستيعاب الكثير من المشاريع السياحية التي تعتمد على وجود السواحل كالسباحة والتزلج على الماء، وممارسة هواية صيد الأسماك الممتعة.
مواقع تاريخية حافلة بالإثارة.. مراكز دينية مقدسة لدى جميع الطوائف والأديان.. طبيعة ثرية بالجبال والأهوار والصحاري والسواحل والأنهار.. مشاتي في الجنوب.. ومصايف في الشمال، هذا ما نمتلكه، وهذا هو الكنز الذي نفرط فيه.
إن مواردنا التي نشيح ببصرنا عنها إلى البترول، هي أعظم فائدة، وأكثر نماء، وأدوم مدة، وأنقى بيئة، وأرخص كلفة، من هذا النفط الذي أصبح وبالا علينا، فغدونا ننوء بمشاكله أكثر مما نحصد من غلته، إضافة الى ما ابتلينا به من الحكام الذين لا تهمهم إلا مصالحهم وأجنداتهم التي لا تخدم البلد ومنذ عهود طويلة، جعل أرضنا مواتا، وأنهارنا يملؤها الطمي، ومواردنا طي الإهمال والنسيان.
حكومتنا الدستورية الحالية مطالبة بالالتفات لتنمية هذه الموارد وتوسيع آفاقها، ولفت نظر الناس إليها، وتوجيه عناية المستثمرين لها، وبعث الحياة في مفاصلها، لاسيما وان العراقيين لا يمتلكون رؤوس الأموال الضخمة المؤهلة لبناء مشاريع سياحية كبيرة. والمستثمرون الأجانب (يقدمون رجلا ويؤخرون أخرى) بسبب عدم الاطمئنان التام إلى الأوضاع في البلد، وقلة وجود البيانات الواقعية حول السوق العراقية، ورداءة البنى التحتية... صحيح اننا نتجه الى نظام الخصخصة، وتشجيع النشاط الفردي، ورفع يد الدولة عن النشاطات التجارية والصناعية، مقابل تشجيع القطاع الخاص .
وهذا لا غبار عليه من الناحية النظرية، ولكن اقتصادنا لم ينضج بما فيه الكفاية، ليكون مؤهلا لإدارة مجمل النشاطات وبكل تنوعها، فلا بأس من توفير الدعم المناسب من الدولة للمشاريع الفردية عن طريق القروض طويلة الأجل، وتوفير قواعد البيانات والبنى التحتية. بل يمكن ان تقوم الدولة بإنشاء وتشغيل بعض المشاريع الاقتصادية في مجال السياحة بالذات ثم تبيعها بعد ان تثبت وجودها وتقف على أقدامها، بالسعر المعقول والطرق القانونية الى النشاط الخاص لضمان توفير التشجيع الكافي لهذا النشاط الحيوي، والذي يعود على البلاد بالكثير من المنافع الاقتصادية والاجتماعية، ويشكل حلا نموذجيا للكثير من مشاكلها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat